وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

بركة: سياسة نتنياهو الحالية ترتكز على تديين الصراع

نشر بتاريخ: 01/12/2015 ( آخر تحديث: 01/12/2015 الساعة: 21:27 )
رام الله - معا -  قال رئيس لجنة المتابعة العليا للجماهير العربي في الداخل محمد بركة، إنه لا يمكن فهم الممارسات الإسرائيلية الحالية على الأرض بعيدا عن إدراك مكونات مشروع نتنياهو القائم على الدفع قدما، بفكرة إسرائيل دولة للشعب اليهودي، وتديينه للصراع، ومشروعاته لمحو الخط الأخضر.

وأضاف بركة: نتنياهو يريد جعل المعركة على الأقصى معركة روايتين، موظفا الصراع الدولي مع "داعش" وغيرها، وظاهرة الاسلاموفوبيا في الغرب، مقدما نفسه كرأس حربة للعالم المتحضر.

جاء ذلك خلال ندوة نظمها المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية "مدار" تحت عنوان "المشهد السياسي الإسرائيلي في ظل الهبّة الشعبية: سيناريوهات وآفاق"، شارك فيها إلى جانب بركة، عضو الكنيست عن القائمة المشتركة د. يوسف جبارين، والباحث في مركز مدار د.مهند مصطفى، وأدارتها مدر عام مركز مدار د.هنيدة غانم .

واجمع المشاركون على فكرة تنامي تديين الصراع عبر استدعاء المقدّس اليهودي منافسا واحيانا بديلا للخطاب الصهيوني.
وقال بركة، إن لدى الحكومة الإسرائيلية واليمين الإسرائيلي مشروع غسيل دماغ يستند الى شيطنة الفلسطينيين، وتنفيذ إجراءات متشددة تجاههم، ظهرت بوضوح أكثر بعد فقدان اليمين لورقة النووي الإيراني، التي استغلها للتخويف والتجنيد الداخلي والخارجي .
وأوضح بركة أنه لا يستبعد وجود تفاهم أميركي إسرائيلي ضمني، بحيث تصمت إسرائيل عن الاتفاق النووي مقابل غض النظر عن سياساتها في الموضوع الفلسطيني.

واعتبر بركة ان الفلسطينيين يمتلكون ثلاث أدوات للتصدي لمشروع نتنياهو، أولها المقاومة الشعبية، شرط ان يتجاوز الأمر كيل المدائح لهذا النمط من المقاومة وتحويلها لمشروع على الارض، هذا إلى جانب ملفات الجنائية الدولية والمقاطعة.

وختم بقوله: المعركة على القدس ليست معركة عبادة، بل معركة سيادة. السيادة هي ما يضمن الحق في العبادة ليس العكس.
وتحدث مصطفى في مداخلة له تحت عنوان "هل الأقصى في خطر حقا؟" حول موقع المسجد الأقصى في المشروع الصهيوني، والتطورات التي طرأت على هذا الموقع وفق التجاذبات بين اليهودية الأرثوذكسية والصهيونية الدينية، والصهيونية القومية، مفندا محاولات نتنياهو الدؤوبة لتكذيب مقولة الفلسطينيين بوجود خطر يهدد المسجد الأقصى.

واعتبر مصطفى أن النقطة الحاسمة في التعامل مع "المسجد الأقصى" إسرائيليا (جبل الهيكل بالمفردات اليهودية) حدثت في شباط 1996، وتمثلت بصدور فتوى دينية هي الأولى في تاريخ اليهودية الأرثوذكسية واليهودية الدينية، تسمح لليهودي بالصلاة فيه، وقد صدرت الفتوى في نفس العام الذي سمح فيه نتنياهو بفتح النفق تحت الأقصى، ما أدى إلى هبة شعبية حملت اسم "هبة النفق".
وأوضح مصطفى أن الفترة السابقة للعام 96، شهدت صراعا كبيرا بين الحركة الصهيونية واليهودية الارثوذكسية حول كل ما هو مقدس، حيث أدركت الصهيونية خطورة البعد المسياني "الخلاصي" في اليهودية، وحاولت تحييده واحتواءه وتقديم بدائل سياسية له، لكن الصهيونية أدركت أيضا حاجتها إلى المفردات الدينية لبناء مشروع قومي.

وقال مصطفى، إن الحركة الصهيونية "علمنت" المسجد الأقصى مستبعدة الحيثيات الدينية عنه، من باب الخطر الكامن في الفكرة الخلاصية على الصهيونية نفسها، موضحا ن أول لقاء بين المشروع الصهيوني والمقدس الديني اليهودي حدث في العام 67، وضعت بعدها الصهيونية الدينية "أرض إسرائيل" في مركز خطابها، مقابل مركزية التوراة لدى اليهودية الأرثوذكسية.

وبين مصطفى أن الصهيونية المسيانية تلقت ضربة تمثلت باتفاق أوسلو وما شهده من تسليم جزء من "أرض إسرائيل" لـ"الأغيار"، فاتجهت نحو استعادة المقدس ممثلا بالمسجد الأقصى (جبل الهيكل) كنوع من التعويض.

وختم مصطفى بالقول، إن ما يحدث الآن ليس فقط وضعا للقدس في صلب المشروع الصهيوني، إنما هو تقدم نحو تديين المشروع الصهيوني نفسه، الأمر الذي يعني ضمن ما يعنيه ان الاقصى في خطر فعلا.

من جهته، قال جبارين، إن ما تشهده إسرائيل بعد الانتخابات الأخيرة تجسيد لوراثة اليمين المتطرف ليمين الوسط، حيث أصبح خطاب" البيت اليهودي" والجناح الاكثر يمينية في "الليكود" هو المعبر عن السياسة الإسرائيلية في كافة مستوياتها.

وعبر جبارين عن خشيته من تكيف المجتمع الدولي مع ما تفرضه إسرائيل اليمينية من وقائع تحت ستار الدولة ثنائية القومية، بحيث تكسب إسرائيل الوقت في بناء الاستيطان مقابل تسهيلات اقتصادية تطال معازل الفلسطينيين.

واعتبر جبارين أن الجديد في سياسات إسرائيل اليمينية الحالية هي نسخ السياسات التي اعتمدتها مع الفلسطينيين الواقعين تحت الاحتلال، لتطبيقها على مواطنيها الفلسطينيين، على نحو واضح في أكثر من جانب، الأمر الذي بلغ ذروته في حظر الحركة الإسلامية داخل الخط الأخضر.

وأوضح جبارين أن من مؤشرات الخطر في الواقع الإسرائيلي الحالي، هو ما يشهده من إجماع حول الممارسات اليمينية المتطرفة، وغياب الأصوات الناقدة، وانحياز المجتمع نفسه نحو ما يخدم سياسات تهويد الدولة على حساب ديمقراطيتها.