وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

بلاد الظلم أوطاني

نشر بتاريخ: 02/12/2015 ( آخر تحديث: 02/12/2015 الساعة: 10:31 )
بلاد الظلم أوطاني
الكاتب: فادي أبو بكر
في عيون آبائنا وأجدادنا نرى لــون ترابِ الوطن نرى بها غضب وثورة، فهم عاشوا زمن كان فيه شيء من الوحدة حتى لو كانت مؤقتة ، ولكنهم عاشوا تلك اللحظات كما في الوحدة المصرية-السورية التي كان فيها بصيص أمل على توحد كامل التراب العربي مستقبلاً.
أما اليوم فلا يوجد حتى بصيص أمل لهذه الوحدة ، فكما قال نزار قباني "لم يَعُد ثمّةَ أطلال لكي نبكي عليها كيف تبكي أمَّةٌ أخَذوا منها المدامعْ!! "
عشنا زمناً كنا نتغنى فيه بالوطنية القومية العربية ويُقال لنا أن العروبة هي شرفنا وعنواننا فكنا ننشد "بلادُ العُربِ أوطاني منَ الشّـامِ لبغدانِ ومن نجدٍ إلى يَمَـنٍ إلى مِصـرَ فتطوانِ فـلا حـدٌّ يباعدُنا ولا ديـنٌ يفـرّقنا لسان الضَّادِ يجمعُنا" ...أما الآن وقد قطعنا أوصال الوطن العربي ونشرنا الفساد والظلم في أقطاره المختلفة من المحيط إلى الخليج ، وساندنا عدونا و تماشينا معه في خططه بتأجيج الصراعات الطائفية و تقسيم المقسم وشرذمة المشرذم .. فقد أصبح أبناء هذا الجيل ينشدون "بلاد الظلم أوطاني من المحيط إلى الخليج ، ومن فسادٍ إلى فسادٍ ومن خذلانِ إلى خذلانِ فلا أحد يستطيع أن يجمعنا ولا لغةٌٌولا شيءُ ..!!!"
سميح القاسم أعاد توصيف هذه الأوطان فقال "بلاد الرعب أوطاني .. من القاصي إلى الداني .. ومن جهلٍ إلى فقرٍ .. ومن سجنٍ إلى ثانِ .. بلاد الرعب أوطاني".

إذا سألت هذه البلاد كيف حالك؟ لن تجيبك ، فمن كثر الويلات والمصائب التي حلت وتحل بها أصبحت صماء خرساء ، فقد ًأصموها بفعل أصوات القنابل و الرصاص ، وقطعوا لسانها حتى لا تستطيع إخبار أحد أو الاستنجاد بأحد . لقد أدمعت هذه البلاد حتى جف الدمع في عينيها .. حتى المدامع أخذوه منها !!.
الوحدة العربية هي الحلم الذي رافق أجدادنا إلى مثواهم الأخير واليوم أطفالنا باتوا يظنون أن العرب أصنافاً ، فيسمعون عن الملتحون والعلمانيون .. الإرهابيون والجهاديون ..السنيون والشيعيون.. اليوم تحولت بلاد الخضرة والجمال والسلام إلى بلاد الموت والأسى والآثام .
اغتالوا الوطن الذي حلمت به يا جدي ... اعدموا صدام وسمموا عرفات بعد أن تخلصوا من عبد الناصر . هكذا يا جدي اغتالونا وقتلوا كل قصيدة ثورية كنا قد حفظناها.

تقول أحلام مستغانمي " الأكثر وجعاً ، ليس ما لم يكن لنا يوماً بل ما امتلكناه برهة من الزمن ، وسيظل ينقصنا إلى الأبد " ... نحن نعيش الوجع الأكبر اليوم ، لقد امتلكنا بصيص الأمل برهة من الزمن ، واليوم نبحث عن هذا البصيص بألم ووجع لا يوصفان.
امتلكنا الكرامة والنخوة والشهامة والرجولة والعروبة والوطنية برهة من الزمن ، واليوم شطبوها من القاموس ..حتى دماء الشهداء التي رسمت حدود هذا الوطن لم تسلم من هذا الوجع ، فقد أعيد ترسيم الحدود وتم التغاضي عن كل هذه الدماء الزكية من أجل منافع دنيوية شخصية .
يا تُرى متى سيأتي اليوم الذي تعود فيه الخضرة والسلام لهذه البلاد ؟ أم الأمل بات في المهدي المنتظر ؟!.