|
هل تقضي القنوات المائية على حدود قطاع غزة على الحياة في القطاع؟
نشر بتاريخ: 04/12/2015 ( آخر تحديث: 04/12/2015 الساعة: 15:55 )
الكاتب: عقل أبو قرع
تتناقل الانباء بين الحين والاخر عن بدء او تخطيط الجانب المصري، من اجل أنشاء قنوات مائية على الحدود الجنوبية لقطاع غزة، اي في منطقة رفح، والهدف من هذه القنوات والتي من المفترض ان يتم ضخ مياة البحر المالحة والملوثة اليها، الهدف المعلن منها هو القضاء على ظاهرة الانفاق بين غزة ومصر، او بالاحرى القضاء على ما تبقى من الانفاق في تلك المنطقة.
وبعيدا عن السياسة وامتداداتها، وبعيدا عن الاوضاع في قطاع غزة او في مصر او في المنطقة، وبعيدا عن المعنى الهندسي او عن كيفية قضاء هذه القنوات المائية على الانفاق، فأن ما يهمنا او ما يهم المواطن الفلسطيني في غزة وفي غيرها، هي التداعيات او الاثار التي سوف تحملها هذه القنوات، ان تم البدء بها، على حياة الناس، وعلى الزراعة والتربة، وعلى المياة وبالاخص المياة الجوفية، وعلى المساكن والانشاءات،و على الامن الغذائي، وعلى شبكة العلاقات الاجتماعية والانسانية في المنطقة، وبشكل عام على البيئة الفلسطينية في كل قطاع غزة، ولفترة بعيدة المدى؟ وبدون شك، فأنة وان تم تطبيق هذا المخطط، فأنة سيؤدي الى كارثة بيئية ومائية وبشرية بعيدة المدى في القطاع ككل، حيث ان انشاء قناة مائية بطول حوالي 14 كيلومتر على حدود رفح، وبعمق حوالة 20 متر وعرض 10 امتار، ومن ثم ضخ مياة البحر، اي البحر الابيض المتوسط، الى هذه القناة، سوف يؤدي الى تراخي وتخلخل جزئيات التربة وبالتالي انهيار مئات وبل الالاف من البيوت في المنطقة، وبالتالي تهجير الالاف من العائلات والافراد وما لذلك من تداعيات انسانية وبشرية لا يمكن التنبؤ بنتائجها. وبالاضافة الى ذلك، فان ضخ المياة المالحة من البجر الابيض المتوسط سوف يؤدي الى ترسب الاملاح في التربة، وبالتالي زيادة ملوحة التربة بتراكيز مرتفعة، ومن ثم عدم القدرة على الزراعة في هذه التربة، سواء اكانت هذه المحاصيل خضروات او فواكة او غير ذلك، وما لذلك من تداعيات خطيرة على الانتاج الزراعي وبالتالي تهديد الامن الغذائي لحوالي مليون و800 الف مواطن فلسطيني في قطاع غزة. وكذلك فأن ضخ المياة المالحة من البحر الابيض المتوسط الى القنوات المائية، سوف يؤدي الى تغلغل او تسرب هذه المياة وبكميات هائلة الى خزان المياة الجوفية في القطاع، والى تلويث وبالتالي تعطيل عشرات الابار من المياة الجوفية في المنطقة، التي ستستخدم للشرب او للزراعة، وسواء اكان ذلك بسبب زيادة ملوحة المياة الجوفية او بسبب انتقال الملوثات العديدة التي تحويها مياة البحر الى المياة الجوفية، وهذا بدورة سوف يؤدي الى تفاقم الكارثة المائية في القطاع، وبالتالي عدم القدرة على توفير المياة الصالحة، سواء للشرب او للزراعة لسكان القطاع. ونحن نعرف ان الوضع المائي في القطاع هو وضع كارثي في الوقت الحاضر، حيث تتدفق المياة العادمة غير المعالجة والنفايات المنزلية والصناعية وبقايا المواد الكيميائية التي نتجت عن مئات الالاف من اطنان المواد المتفجرة التي تم القاؤها على قطاع غزة خلال الحروب الاخيرة، تتدفق لكي تصل في المحصلة الى المياة الجوفية، التي هي المصدر الاساسي للمياة في القطاع، وما لذلك من تداعيات قصيرة المدى على الصحة العامة عن طريق انتشار الامراض، واثار بعيدة المدى تتمثل في تلوث مصادر المياة الجوفية والتربة الزراعية وكذلك تلوث الطعام والمنتجات الغذائية ومن ضمنها الاسماك نتيجة تراكم المواد الكيميائية في انسجتها. وفي ظل هكذا واقع بيئي حالي قاتم في قطاع غزة، وفي ظل الحديث او التخطيط الجدي لانشاء قنوات مائية على حدود القطاع، تحوي مياة البحر بما تحوية من مواد كيميائية بكل الانواع، وبعيدا عن الوضع السياسي الحالي في القطاع، او بعيدا عن الانقسام وتداعياتة وعن عدم التوافق بين الضفة والقطاع، فأنة المطلوب من القيادة السياسية الفلسطينية، ومن خلال اعلى المستويات، اعتبار هذا الوضع اولوية وطنية، ليس فقط تهم قطاع غزة، ولكن كل فلسطين، ومستقبل الدولة الفلسطينية، لان الجميع يعرف ان الانقسام والتشتت والتشرذم هو حالة عابرة او مؤقتة، ولكن ومهما تغيرت الاوضاع السياسية، فأنة يبقى في القطاع اكثر من مليون و800 الف شخص، يحتاجون الى المياة والى الغذاء والى الحيز للعيش وللبقاء، في ظل تقارير دولية حالية تحذر من عدم امكانية العيش في القطاع في عام 2020 حسب المعطيات البيئية الحالية، فكيف اذا تم انشاء هذه القنوات المائية وما لها من ابعاد بيئية واقتصادية وبشرية خطيرة ومدمرة؟ |