|
التحول الديني المصلحي يغيّب المواطنة
نشر بتاريخ: 07/12/2015 ( آخر تحديث: 07/12/2015 الساعة: 16:18 )
الكاتب: داوود كتّاب
حظيت ندوة أقامها موقع حبر، الثلاثاء، في القاعة العليا ل مسرح البلد، في عمان، تحت عنوان "التحول الديني" باهتمام واسع، وأحس الحاضرون كأنهم في لقاء تاريخي كان يعدّ قبل ذلك من التابوهات التي تناقش في البيوت، ولا يتم تداولها في الساحات العامة.
الندوة جاءت على أثر تقرير مهم وجريء للموقع نفسه بعنوان "عندما يكون تغيير الديانة وسيلة للهرب من القضايا الكنسية" للزميلة نادين النمري. جرى نقاش بعد كلمات الافتتاح من رجل الدين والمحامين والصحافية الزميلة، وكان الأهم لتطرقه إلى أمور حساسة كانت تخفى غالباً في محاولة غير صادقة لمجاملة الآخر. انتقد المحامي ناظم نعمة عند بدء حديثه البند الثاني من الدستور الأردني، الذي ينص على أن الإسلام دين الدولة، وتساءل إن كانت الدولة تمارس أركان الإسلام الخمسة، منبهاً إلى أن الكثيرين يستخدمون هذه المادة من أجل التمييز ضد مواطنين على أسس دينية، في مجالات مختلفة، مثل الإرث والأحوال الشخصية وغيرهما. الضعف أو التناقض التشريعي نال حصة الأسد من الانتقادات، واعتبرهما المشاركون السببَ في قيام بعض المسيحيين بتغير دينهم فقط من أجل الحصول على مزايا معينة، أو تهرباً من استحقاقات مثل دفع النفقة أو الحضانة. الكنيسة ومحاكمها، وحتى المشرّع الكنسي، لم يسلما من الانتقادات، واحتج البعض على ممارستهما الخاضعتين لقوانين قديمة لم يتم تحديثها، تمشياً مع العصر وحاجات المواطنين. توافق حاضرون على غياب الاختيار أمام المواطن الأردني، إذ عبّر عددٌ منهم عن رغبته بوجود خيار اللجوء إلى السلطات المدنية لإجراء عمليات متعلقة بالزواج والطلاق مع تأكيد آخرين على أن ذلك لن يحل جميع المشاكل. وجود التمييز لدى الأردنيين تم تفصيله من أكثر من مشارك، خاصة فيما يتعلق بإجبار المسيحي الذكر تغيير ديانته إذا تزوج من مسلمة، في حين لا إجبار على المسلم الذي يتزوج مسيحية، ودفع التعامل باتجاه واحد في موضوع التغيير الديني، وسرعة الاعتراف به، كثيرين إلى اتخاذ ذلك الخيار لسهولته، وحلّه مشاكل تبقى سنوات معلقةً في المحاكم الكنسية. أشار البعض إلى وجود تعليمات متكررة من جهات إسلامية رسمية تمنع استغلال تغيير الدين لأسباب تنفيعية، أو على خلفية وجود قضايا عالقة في المحاكم الكنسية، إلا أن تطبيقها لا يقع في الحالات كافةً، رغم وجود تعميمات بذلك إلى المحاكم الشرعية. لم يتسن لمنظمي الندوة تقديم أصحاب الرأي الآخر، إذ لفتت معدة التقرير المنشور نادين النمري أنها اتصلت بدائرة قاضي القضاة مرات عديدة، وأتاحت لأي من قضاتها فرصة مراجعة كلامه قبل النشر، موضحة للحاضرين أنها توقفت عن الرد على الهاتف ورسائلها بعد نشر تقريرها. وقالت مؤسسة "حبر" الزميلة لينا عجيلات إن محاولات الموقع دعوة مسؤول من مكتب قاضي القضاة لحضور الندوة لم تسفر عن نتيجة، ولم يوافق مسؤول واحد على المشاركة للرد على تساؤلات الجمهور. لاشك بأن عقد الندوة بصورة علنية أخرج المشكلة من المناقشات الداخلية، ووضعت المسؤولين القائمين على تنفيذ التمييز على أساس الدين في وضع حرج. المشاكل المتعلقة بالأمور الدينية، خاصة قضايا الأحوال الشخصية، بحاجة إلى لقاءات وحوارات عدة مع أطراف المشكلة كافةً، وتأسيس حوار صريح، بعيداً عن التصريحات البروتوكولية، وتكرار الاستشهاد برسالة عمان التي لا يعرف عنها المواطن شيء، ولا يرى تطبيقها على أرض الواقع، كما قال أحد الحاضرين. الخلافات على أسس دينية، وتغيير الدين، مسألة غير جديدة، لكن المطلوب هو التمسك بالبند السادس من الدستور، الذي يقر مساواة الأردنيين من دون تمييز على أساس عرقي أو ديني. والحل الأفضل لكل تلك الخلافات يجب أن يتم على أسس المواطنة ومساواة المواطنين بصورة حقيقية بلا أي استثناء. |