وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

شبكات التواصل الاجتماعي... بين المنفعة ... والتضليل؟؟؟!

نشر بتاريخ: 11/12/2015 ( آخر تحديث: 11/12/2015 الساعة: 11:13 )
شبكات التواصل الاجتماعي... بين المنفعة ... والتضليل؟؟؟!
الكاتب: د. سهير قاسم
أصبح عندي (فيس بوك) وتفوقت على صديقاتي اللواتي لا يمتلكن (الكمبيوتر) ويذهبن إلى استخدامه في أماكن متاحة، لكن المشكلة أن الأولاد يطلبون مني الجهاز للبحث عن معلومات يطلبها المعلمون وكأنني قد اشتريته لهذا الغرض! ونسوا أننا قد اشتريناه من أجل التواصل (الفيسبوكي) مع الجيران والأحبة؟!

ترددت على مسمعي هذه المقولة من أمّ لأطفال خمسة، فشعرت بغصة دفعتني للتساؤل كيف آلت الأمور، دون شك فإن التواصل ضرورة ولا ضير في ذلك بغض النظر عن المجال، ولكن أن يصبح ذلك التواصل لأغراض النميمة والنفاق أو لإثارة المشكلات وحدث ولا حرج فتلك مصيبة مجهولة العواقب خاصة على أطفال يترعرعون في بيوتنا ومدارسنا يتطلعون إلى ممارساتنا لا أقوالنا بغض انظر عن صفاتنا أو مسمياتنا.

وشبكات التواصل الاجتماعي من التقنيات الحديثة التي انتشرت في عصر المعرفة والتقنية، فلكل زمان فكره، ولكل مرحلة استراتيجياتها، ولا بدّ من استثمار كل مفيد نافع خدمة لأجيالنا ضمن قنوات فعالة ليكون بمقدورهم النهوض بمجتمعهم، فكيف في مجتمعنا الذي يرزح تحت الاحتلال حتى يومنا هذا، ألا تكون الحاجة أكثر من غيرنا في توظيف هذه التقنية والأداة المهمة لمقاومة التجهيل وطمس المعالم الوطنية والاجتماعية واستنهاض الطاقات لكل مفيد نافع.
وإن تشخيص الواقع بوجه عام يؤشر إلى امتلاك كثيرين لهذه الوسائل باعتبارها أداة فاعلة ومتميزة إن أُحسن استخدامها وتوظيفها في سياقاتها الصحيحة، فكيف إن تم توظيفها في مجالات الحياة كافة وإن كنت أخص التعليم والتعليم، ألا تكون وسيلة قد تقود إلى التغيير الإيجابي وقد تسهم في تحسين التواصل والإسهام في تحقيق التطلعات.

وتكثر الأصوات التي تدعو إلى التوظيف الفعال وبطبيعة الحال هي أصوات قوية وجريئة تود أن تضع الأمور في نصابها، ولا تفي الكلمات حق الموضوع لتناوله بتفاصيله لكن التمثيل وإيراد الشواهد قد يسهم في توضيح الموضوع، وهنا أود التركيز على جانب مهم يرتبط بأولئك الذين يستخدمون التواصل الاجتماعي في التقويم والتطوير وربما يعدونها أدوات بحثية تُحصى فيها الأصوات أو علامات الإعجاب والموافقة وعدم الموافقة وهنا حق لنا جميعا أن نتساءل، هل المشاركون في هذه الحملات هم الفئة المستهدفة ويتمتعون بالخصائص الكافية من الوعي المرتبط بالموضوعات قيد البحث أو يتوافر لديهم الإمكانية للحكم على ما تنشدون؟ هل هم طبقة صريحة وواضحة ومكشوفة للمجتمع أو ربما أسماء وهمية؟ هل هم شريحة لديها المعرفة الكافية عن الموضوعات التي يستشارون فيها؟

ولو تطرقنا إلى جانب آخر وقلّبنا صفحات التواصل فسنجد الغثّ والسمين ويمكن تسليط الضوء على بعض من مضامين هذه الصفحات وما يدور فيها فعليا لأغراض التقويم الحقيقي، فهل صور المأكولات والمشروبات والتنزهات أو تبادل الاتهامات تكون مجردة أو غايات بذاتها ترمي إلى تعزيز أهداف خاصة أو فكر دخيل وما شابه! أم أنه من الضروري أن تكون ذات أهداف مخططة تؤدي رسالة واضحة بتوظيف فعال للإعلام البناء لا الهدام بغض النظر عن مجالها لتسهم في تحقيق المصلحة العامة.

لا نريد أن تتفاقم القضية، لا قدر الله، حتى تصبح ظاهرة أو مرضا اجتماعيا، لنجد الذي ينهض من نومه مسرعا ليعلن عن تفاصيل دقيقة وحشو في الكلام عن إنجازاته اليومية الاعتيادية ما بين تناول الشراب والطعام والإغراق في أمور هي شخصية أصلا وكأن المطلوب المتابعة الدقيقة لكل حركة أو سكنة على مدار اليوم وفي جميع الأوقات.

إن التواصل مفيد والإعلام غاية في الأهمية شريطة أن نقوده نحن لا أن يقودنا مع المحافظة على توظيفه خدمة لأهدافنا وغاياتنا ذلك يتطلب بذل المزيد من الجهود من أجل توجيه الطاقات وبث التوعية في المؤسسات والمجتمع المحيط بأهمية هذه الصفحات وأثرها البالغ ليس على الكبار فحسب بل على الأطفال حتى لا تترسخ المظاهر السلبية في عقولهم كونها أداة تفريغ وهدر للوقت بعيدا عن كل ما هو إيجابي وفعال.

ومن الوجهة الأخرى، هل ندرك فاعلية هذه الأداة، ألا تتطلب منا التأمل في أفعالنا وأعمالنا وذواتنا حتى نتمكن من تعديل سلوكياتنا أو تعزيزها بما يصبّ في المصلحة العامة، وقبل أن نحكم على الآخرين علينا أن نبدأ بذاتنا وأن نركّز على مخرجات هذه الأداة المهمة من أجل توجيهها لتصب في المسار الصحيح، فجميعا مسؤولون ومساءلون من أجل الوصول بالمجتمع إلى بر الأمان والتركيز على الجوانب المضيئة.