|
الرياضي المتطفل
نشر بتاريخ: 15/12/2015 ( آخر تحديث: 15/12/2015 الساعة: 19:42 )
بقلم / عصري فياض
لأنه البكر بين إخوته، فقد لاقى من الدلال الكثير، وبالرغم من واقع الحال المرتبط بالصفة المأساوية للحي الذي يسكنه، إلا ان والديه كانا يهتمان به كثيرا، بطريقة تقليدية غير مدروسة وغير موجهه، كبر الصغير وخرج الى الحارة يبحث عن صوت الأطفال والكرة، وبين طلته من باب بيتهم الى انصهاره في لعبة كرة القدم سنوات، تعلم خلالها تقليد اللاعبين الصغار الصراخ والاعتراض والسعي للفوز بأي ثمن، فالرياضة حسب ما اكتسب هي وسيلة لقهر الآخر، وانتزاع الأفضلية للفرد والمجموع حتى لو أدى الأمر لاستخدام القوة والصوت العالي الذي يخفي خلفه الحلفان بالإيمان المغلظة غير المعقودة، والابتسامة المتشفيه بعد انتهاء المشهد. المدرسة التي لم تتفاهم معه تعليميا وأكاديميا، فتحت له مجال اللهو واللعب بالكرة، فوظف مكتسباته الطفولية فيها، فكان له اسم في خانة اللاعبين، يختاره معلم التربية الرياضية دوما ضمن الفريق الصف ومنتخب المدرسة، ويجهد ذلك المعلم كثيرا من نهيه عن التلاعب والحرص على اللعب النظيف، ويكرر أمامه مقولة " الرياضة أخلاق وتهذيب للنفس وفائدة للبدن والعقل"، فيقر ذلك خوفا من المعلم بحركة راسية وبلسانه المتشعب، فمضت حياته الابتدائية والإعدادية برياضة مع قليل من العلم والمعرفة، حتى وصل مفترق النادي والمرحلة الثانوية ،فاختار حمل" البطيختين "بيد واحده، التعليم مجبرا على وقع الخوف من أهله، والرياضة التي اكتشف طريقها العريض في النادي، وما كان منه إلى ان ألقى بطيخة العلم في منتصف المرحلة الثانوية، وانصب يتطلع الى مكان له في فريق النادي، خاصة بعدما أصبح يشاهد تدريبات فريق النادي ومبارياته، ويبرمج ساعته على جدول نشاطات النادي، فأصبح مألوفا لديهم، وسرعان ما دخل الفريق الثاني ليتطور لاحقا في الفريق الاول، جاعلا حضوره هذا مائدة لإشباع رغباته الرياضية ، متفننا أيضا في استغلال حركة الحافلات التي كانت تقل الفريق للمباريات الرسمية والودية للسفر والتنزه بالنسبة له، فطالما كان يدفع في عقد لقاءات ودية مع فريق بذاته في إحدى المدن بقصد القيام بزيارة أقاربه، فتحمله الحافلة مع الفريق الى ملعب المدينة المقصودة ، وقبل الوصول الى ذلك الملعب ينزل لزيارة أقاربه ويحضر في منتصف الشوط الاول ، يزبد ويرعد من اجل إدخاله في التشكيلة التي تعلب، بعد أن ملأ كرشه بواجبات الضيافة العائلية. وبالرغم من ممارسته الكرة سنوات طوال، لكنه لم يحدث نقله حقيقة في حياته الرياضية ، ولم يطور نفسه بطريقه جيدة ومحمودة،فطبعه غلاب، فقد اثر على مسلكه الرياضي، وساقه لما هو اكبر من الاستفادة بنقلة حافلة أو رحله أو " شمة هواء"،وبعد ان توسعت مداركه ، اخذ يبحث عن آفاق جديدة في تسخير الرياضة لأكثر من مكتسب، اخذ يجعل من الرياضة مدخلا لعلاقات عامة بقصد تحقيق الفائدة الشخصية، يوظف اسمه واسم فريقه في بطاقات الدخول للمؤسسات،فيجني احيانا ما يريد، ويخيب احيانا أخرى، حتى كان له الخبرة في التعامل مع الآخرين، بلون صامت ولسان صامت، ونوايا مخفية، يفيض منها لون باهت احيانا.. ولما كانت الرياضة جزء قصير من عمر الإنسان، فكان لابد من الاعتزال، أو الابتعاد بفعل الزمن وتقدم العمر وضعف البنية الجسدية، وهذا ممر طبيعي للرياضي وغير الرياضي، لكن صاحبنا الذي علمته الأيام الكثير، لم يستسلم لتلك الحالة، فبداخله ما اعتاد عليه يدفعه ليبقى حول المائدة التي تخفي الصحون تحتها، فإنبرى تارة يزاحم أهل الخبره في ان يكون عضوا في إدارة مؤسسة رياضية ، أو عضوا في لجنة ذات اختصاص، وتارة أخرى يبحث عن مسميات يطل على المجتمع المحلي والمؤسسات من خلال مدرجاتها، وكلما نجح في جمع ما يلزم لإحياء نشاط تقليدي، حشد له من المقامات والقامات التي يدغدغ مشاعرها الكلام المعسول والثناء، فيتم عمله ونشاطه حولهم وبين ابتساماتهم، وعندما ينتهي الحدث، يخلد الى نفسه بسرعة ، يعد ما تم جمعه من مال، ويدس الغلة في جيب معطفه الداخلي، ويبدأ بتحضير الحقيبة لشمه هواء جديدة.. أصبح شخصية معروفه على مستوى محافظته، لذلك افتقده ذلك الجمع الذي كان جالسا في ساحة النادي، فقال احدهم: لم يظهر منذ مدة؟؟ أجابه الثاني مبتسما : سمعت انه في السجن استهجن الثالث: مسجون ؟؟ ما ذا فعل؟؟ فأجاب: قدمت ضده عدة شكات دون رصيد لدى الشرطة.... والمطلوب منه دفع مبلغ وتقسيط الباقي وإلا فسيبقى في السجن مدة طويله.... سأل ثالث: ومن قدم عليه تلك الشيكات؟؟ أجابهم العارف بأخباره : معظمها لمؤسسة الدروع والكؤوس والشهادات الرياضية والباقي لأصدقاء كانوا معه على الدوام .... |