المدينة تبني السلطة والمخيم يقاتل والقرية تفشل الاستيطان
نشر بتاريخ: 21/12/2015 ( آخر تحديث: 21/12/2015 الساعة: 17:08 )
الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام
يعمل جيش الاحتلال على اقتحام مخيمات اللاجئين في الضفة الغربية بسبب ومن دون سبب ، حتى أنه في كثير من الاحيان نفذت حملات عسكرية حربية بكل معنى الكلمة واستخدم اكثر من الف جندي مع مساعدة من سلاح الطيران والمدرعات والمشاة والكوماندوز وسلاح الهندسة لاقتحام مخيم لاجئين لتسليم بلاغات لشبان صغار لمقابلة المخابرات لاحقا، ما يعني ان اقتحام اسرائيل لمخيمات الضفة الغربية والقدس ما هي الا رسالة سياسية امنية للجيل الفلسطيني الجديد ان اسرائيل قادرة على الوصول اليكم اينما تكونوا ومتى تكونوا .
ومعنى ذلك ان المستوى السياسي والامني الاسرائيلي قرر استراتيجيا تكثيف الهجوم على مخيمات اللاجئين واقتحامها، وان الجيش ينفذ ذلك دون اي سبب أمني مباشر ، وان اسرائيل تستقوي على اجهزة الامن الفلسطينية وتضعفها امام جمهورها ضمن خطة مرسومة لاهداف سياسية صهيونية لا دخل للملفات الامنية بها .
اول المخيمات التي تصدّرت المشهد هذه الانتفاضة كان مخيم العروب للاجئين شمال الخليل، والذي خاض انتفاضة خاصة به ونجح في خلق حرب استنزاف مع المستوطنين وقوات الاحتلال منذ سنوات، وتمكن من ترسيم نفسه كخطر داهم على اسرائيل اكثر من القنبلة النووية الايرانية، وانني اتجرأ واقول ان مخيم العروب لوحده وبمساعدة من مخيم الفوار قام بحماية مدينة الخليل من التهويد الكامل وطرد السكان، ولولا بعض الحجارة التي يرشقها اطفال لا تتجاوز اعمارهم عشر سنوات في العروب باتجاه مستوطني كريات اربع لكانت اسرائيل توحشت ضد مدينة الخليل.
اما المخيم الثاني من ناحية الزخم الثوري فكان مخيم عايدة شمال بيت لحم والذي تولى لوحده منذ سنوات التصدي لمشروع الوزير الصهيوني المتطرف اوري ارئيل تحويل كل منطقة بيت لحم الى بؤرة استيطانية واكاد لا ابالغ اذا قلت ان مخيم عايدة قام بحماية جميع اراضي مدينة بيت لحم ودافع عن هويتها المسيحية في وجه التهويد، ودفع لاجل ذلك دماء اطفاله وشبابه ولولا ما فعله مخيم عايدة لكانت بيت لحم الان يهودية، ومشاريع الاستيطان تلفها من دير كريمزان في بيت جالا حتى افراتا وعش الغرب ببيت ساحور وعتصيون جنوبا فالبحر الميت شرقا ومستوطنات جيلو وجبل ابو غنيم من الشمال الغربي .
مخيم شعفاط حمل الراية في القدس وقرر ان يخوض حرب استنزاف للدفاع عن المسجد الاقصى ، وحين تطاول المستوطنون على بيت حنينا وبلدة شعفاط والشيخ جراح والمكبر والثوري وسلوان رد مخيم شعفاط بطريقته اوجع الاحتلال وافقده الامن في القدس الغربية ، ومن شاهد صور المواجهات في مخيم شعفاط حين قرر الاحتلال اقتحامه يعرف الى اي مدى وصل الغضب في صفوف اللاجئين الذين حرمهم الاحتلال ورئيس البلدية الصهيويني نير بركات الذي نزل الى شوارع القدس يحمل رشاشا اوتوماتيكيا ليخيف سكان العاصمة ، بل انه يخيّل لي ان اهل مخيم شعفاط ارسلو رسالة الى نير بركات الذي يحمل الرشاش : احشو رشاشك في .... أيها المنحط العنصري .
مخيم قلنديا تولى حماية مدينة رام الله، وصال وجال ، وحمل العبء عن مخيم الامعري الذي قاد انتفاضة الاقصى قبل 15 عاما ، ونلاحظ هنا ان المخيمات الصغيرة هبّت لنجدة المخيمات الكبيرة وتعطيها استراحة محارب ، فالمخيمات الكبيرة مثل جباليا وبلاطة والدهيشة وجنين والجلزون التي حملت اعباء انتفاضتين من قبل، تعطي الراية للمخيمات الصغيرة مثل مخيم العين والعزة وغيرها .
ومن خلال تغطيتنا الصحفية نرى ان الاحتلال عيّن رجال مخابرات صغار في العمر لتولي مهمة قمع المخيمات وان الامر تحوّل الى تحد شخصي بين ضابط المخابرات الشاب الذي أخذ الامر على محمل شخصي وانتقامي وبين شبان من نفس عمره قرروا تحطيم انفه، بل انني شاهدت في مخيم الدهيشة صورة لكابتن مخابرات اسرائيلي كتب عليها الشباب (مطلوب هذا الفاشل لشباب المخيم ) .
واستنادا الى الارقام التي نثق بها من الاحصاء الفلسطيني ، فان المدينة لا تستطيع وقف المشروع الاستيطاني الصهيوني في الضفة الغربية ، وكذلك المخيمات لن تستطيع ذلك. ولكن القرية الفلسطينية تستطيع وقف وافشال المشروع الاستيطاني لان الترياق المضاد للاستيطان هو القرية وثقافة القرية ، وعلى الحكومة الفلسطينية اكمال مشروع الحكومات السابقة الذي كان يعتمد تركيزه على دعم القرية.
هذا وتقول ارقام الاحصاء الفلسطيني ان نسبة الأفراد في الفئة العمريـة (0-14) سنة منتصف العام 2014 بحوالي 40% من مجمل السكان فـي فلسطين،
المدينة هي التي تصنع الدولة، والمخيمات تحارب وتخوض المعارك وتنتصر ، والقرية هي التي تفشل المشروع الاستيطاني بتاريخها وصبرها وقوة تحملها .