وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

الجمعية العامة للامم المتحدة وسيادة الشعب على مصادره الطبيعية

نشر بتاريخ: 23/12/2015 ( آخر تحديث: 23/12/2015 الساعة: 11:20 )
الجمعية العامة للامم المتحدة وسيادة الشعب على مصادره الطبيعية
الكاتب: عقل أبو قرع
اقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قبل ايام، وبأغلبية 164 دولة مقابل معارضة 5 دول فقط، من بينها اسرائيل والولايات المتحدة الامريكية وكندا وبعض الجزر الصغيرة، مشروع قرار بعنوان "السيادة الدائمة للشعب الفلسطيني في الأرض الفلسطينية المحتلة على مواردهم الطبيعية، حيث يؤكد القرار على الحقوق على الأرض والمياه، والمطالبة بالتعويض نتيجة لاستغلال موارده الطبيعية وإتلافها أو ضياعها أو استنفادها أو تعريضها للخطر بأي شكل من الأشكال بسبب التدابير غير المشروعة للاحتلال، من خلال بناء المستوطنات وتشييد الجدار، التي تشكل انتهاكا خطيرا للقانون الدولي وفتوى محكمة العدل الدولية وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، كما يطالب القرار إسرائيل بالكف عن اتخاذ أي إجراءات تضر بالبيئة، بما في ذلك إلقاء النفايات بجميع أنواعها في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية.

وحين تكون المصادر الطبيعية، من مياة ومن ارض ومن حيز ومن انتاج زراعي ومن تنوع حيوي هي مصادر محدودة ومقيد استعمالها ومتنازع عليها، وحين تكون المساحة الجغرافية ضيقة وكذلك متنازع عليها وبشدة، وحين تكون كثافة البشر في تلك البقعة مرتفعة وربما من اعلى النسب في العالم وخاصة في قطاع غزة، وحين يكون ازدياد البشر وبالتالي نشاطات البشر وما ينتج عن ذلك من نفايات وبانواعها في تصاعد مستمر، حين يكون كل ذلك متواجد في بيئتنا الفلسطينية، فأن العمل من اجل حماية البيئة هذه الايام وللاجيال القادمة يعتبر اولوية وطنية، سواء اكان على الصعيد الرسمي، او من خلال منظمات المجتمع المدني، او الجامعات والمدارس والبلديات، وصولا الى المواطن الفلسطيني. 

وفي المدن والقرى وما بينهما في بلادنا، ما زلنا نشاهد من يرمي النفايات وبانواعها في الشوارع، وما زلنا نرى رمي النفايات من السيارات، وما زلنا نرى النفايات يتم حرقها في الاماكن العامة، وما زلنا نستخدم المبيدات الكيميائية بشكل مكثف ولا نلتزم بما يعرف بفترة الامان للمبيد، ونقطف المحصول ونبيعة الى المستهلك مع ما يحوية من مواد كيميائية، وما زلنا نرى الارقام التي تشير الى التصاعد المستمر في نسبة الامراض المزمنة عندنا، وبالاخص امراض السرطان؟

وما زالت مياه المجاري وليست فقط المياه العادمة المكررة، تصب في المناطق المفتوحة، وربما تستخدم لري بعض المحاصيل التي في المحصلة تصل الى افواة المستهلك، وفي قطاع غزة، اصبحت المياه الجوفية مالحة وربما ملوثة وما زالت التقارير المحلية والدولية، تشير الى ان اكثر من 95% من المياة في غزة هي مياة ملوثة، وبالاضافة الى ذلك ما زالت المستوطنات الاسرائيلية تساهم بشكل او باخر في تلويث وتحطيم البيئة الفلسطينية، حيث ما زلنا نسمع عن مجاري المستوطنات والمياة العادمة تصب في قرى سلفيت وبيت لحم والخليل ورام اللة؟

وفي ظل هذا الواقع البيئي، وفي ظل الحديث عن التنمية وبأنواعها وخاصة المستدامة، وفي ظل الحديث عن التغيرات المناخية وتقلبات الجو وارتفاع درجة الحرارة واحتمال التصحر، وفي ظل الحديث عن الخطط الاستراتييجية وبانواعها، فان العمل من اجل حماية البيئة الفلسطينية وبشكل مستدام، من مياة وخاصة الجوفية، ومن هواء ، ومن تربة زراعية ، ومن منتجات زراعية وغذائية، يعتبر اولوية وطنية تتطلب تضافر الجهود والطاقات على كافة الاصعدة، وتأخذ عدة مسارات ووسائل. 

فالمطلوب تطبيق حازم للقوانين الفلسطينية المتعلقة بحماية البيئة، سواء اكان قانون البيئة الفلسطيني لعام 1999، او قانون الصحة المتعلق بالبيئة، او قانون حماية المستهلك الفلسطيني، بشكل يعطي الغرض من اصدارة، وبأن يتم محاسبة وبشكل رادع من يلوث البيئة بالنفايات الصلبة، او بالمياة العادمة، او من يلوث الهواء بالغازات والمواد الكيميائية، او يلوث المياة الجوفية بالاسمدة، او يلوث المنتجات الزراعية بالمبيدات، وما الى ذلك، وبحيث تطبق القوانين بأيدي الشرطة او سلطة البيئة او البلديات والهيئات المحلية.
 
ونحتاج الى خطة عمل بيئية وطنية، تعتمد على الحقائق لتحديد متطلبات التدخل، وهذا يعني اجراء الفحوصات لعينات بيئية من خلال مختبرات مؤهلة سواء اكانت تتبع جهات رسمية او غير رسمية، ومن خلال دراسات تقييم علمي وموضوعي للاثر البيئي لمشاريع او لاعمال يمكن ان تؤثر على البيئة، ومن خلال تفعيل المراقبة والمتابعة لقضايا بيئية، ومن خلال تفعيل العلاقة والتواصل مع المواطن الفلسطيني الذي هو الاساس في العمل من اجل حماية البيئة التي فيها يحيا. 

والمطلوب النظر الى البيئة الفلسطينية بشكل اوسع ومن خلال اهمية التعاون في مجال البيئة وحل قضاياها مع المحيط العربي الذي نحيا فية، حيث ان مشاكل البيئة لا تعرف الحدود، والاستفادة كذلك من خبرات المنطقة، سواء في مجال المياة او الهواء او التصحر والانتاج الزراعي او التخلص من النفايات، وهذا يعني وجود علاقات تعاون عربية ودولية، والاستفادة من البرامج الدولية وتأطيرها لحماية البيئة الفلسطينية. 

ونحتاج الى بناء ثقافة حماية البيئة وبشكل مستدام، وهذا يتطلب التركيز على تنمية الوعي البيئي، في المدارس والجامعات وفي المصانع وورشات العمل وفي الحقول الزراعية، ويتطلب الاستثمار وبشكل عملي في التعليم البيئي وخاصة في الجامعات، بشكل يلائم احتياجات البيئة الفلسطينية، والتعاون مع مراكز الابحاث البيئية في جامعاتنا من اجل ايجاد حلول لمشاكل البيئة المحلية، وكذلك الاستخدام الاكثر للاعلام وبأشكالة في مجال البيئة، والاهم ترسيخ مفاهيم البيئة واهمية حمايتها وفهمها كاولوية وطنية، ليس فقط تعتمد عليها اي خطة تنمية بشرية او اقتصادية، ولكن لا يمكن العيش حياة سليمة عادية في هذه البيئة اذا كانت ملوثة او غير محمية من التلوث.