وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

في ذكرى غياب الدكتور جورج حبش

نشر بتاريخ: 29/12/2015 ( آخر تحديث: 30/12/2015 الساعة: 00:37 )
في ذكرى غياب الدكتور جورج حبش
الكاتب: بسام أبو شريف

في ذكرى غياب الدكتور جورج حبش

القاسم المشترك بين السيد حسن نصر الله والدكتور جورج حبش البعد القومي في مواجهة إسرائيل


جورج حبش دعا لمواجهة عربية موحدة للإمبريالية الصهيونية

منذ عام، أي منذ بداية العام 2015 بدأت اكتب عن القائد العربي جورج حبش كان ذلك في ذكرى استشهاده أي في شهر كانون الثاني.

لقد أصبح شهر كانون الثاني لدي شهر جورج حبش منذ ان استشهد.

الكتابة عن جورج حبش لا يمكن ان يعرف مدى صعوبتها سوى من عرف جورج حبش معرفة جيدة وخاض معه المعارك النضالية وواكبة على صعيد شخصي، وانا من هؤلاء، واحاول ان اترك للأجيال كلاماً حقيقياً وعميقاً حول القائد الذي نفتقده في كل لحظة نعيشها في محيط تتلاطم به العواصف التي تستهدف امتنا العربية وصولاً الى ما يسميه الوزير الصهيوني كاتس : ليس هنالك فلسطين ومن يقيم على ارض إسرائيل عليه ان يرحل للجوار " .

القضاء على وحدة امتنا المعنوية والسياسية كانت دائما هدف من اهداف الاستعمار القديم والجديد.

وزاد عليه الصهاينة – الابارتايد الجديد والامبرياليون الذين يرعون ويرعرعون كيانهم الامبريالي الصهيوني العنصري (وهي صفات دقيقة) هو ان الاستهداف يتطلب الكشف عن الهدف الأكبر وليس الأهداف المرحلية.

أي ان ما طالب به بنغوريون عندما نوقش مشروع قرار التقسيم، يحاول الان نتنياهو ان تخلقه كأمر واقع على الأرض، ونعني بذلك إسرائيل دولة من البحر للنهر وتسلب الفلسطينية وما عليها وما تحتها وما تحت بحرها.

أي فلسطين الأرض أكبر وأكبر خزان للنفط والغاز في الشرق الأوسط (تحت بحرها وارضها).

وتقوم خطة نتنياهو على ضرب وحدة الامة في اقطارها التي حددها بعد تقسيم الأرض العربية، الاستعماريون البريطانيون والفرنسيون بعد الحرب العالمية الأولى.

ووضع المخطط والدراسة لجنة من خبر الاستراتيجية في البنتاغون مع لجنة الإسرائيليين على رأسهم ريتشارد ميرل الذي يحمل هو وأعضاء اللجنة جنسيتين واحدة أميركية والثانية إسرائيلية ويعملون في دائرة التخطيط الاستراتيجي في البنتاغون.

وتركز هذه الدراسة على "ضرب القومية العربية بإثارة حروب طائفية وعرقية تجعل من هذه الدول ضعيفة وتحول جيوشها الى امن داخلي يكاد لا يفي لغرض منع السرقات ".

كما تركز على التتابع ضرب الأنظمة القائمة في بلدان عربية نفطية كي تشل القوة الاقتصادية العربية وتمنع استخدام المال لتقييد مشاريع موجهة ضد إسرائيل، وحددت العراق وسوريا وليبيا واليمن والجزائر ومصر.

وقد يشتم من بعض الفقرات ان الجزيرة العربية وهلالها الخليجي هي ضمن دائرة الاستهداف.

اذا:

اسرائيل وحليفتها الولايات المتحدة تسعيان لضرب القومية العربية حتى لا تكون عمقاً استراتيجيا لفلسطين، وللقضاء على فرصة نشوء حركة قومية جذرية تناضل من اجل الحرية والديمقراطية وتحرير الأرض العربية المحتلة كالضفة الغربية والجولان ومواقع أخرى.

هذا المخطط الصهيوني بحث على تمويل وتسليح الحركات التي ترفع راية الإسلام اشعال الحروب بين السنة والشيعة وتحويل الاستهداف الرسمي العربي (الجزيرة والخليج ومصر ودول أخرى).

لتنصب على إيران كعدو بدلا من إسرائيل، وكذلك ترسي الدراسة بوضوحها اللاحقة أسس عمل جديد في الشرق الأوسط تتحالف فيه إسرائيل مع السعودية ودول خليجية تحت شعار مواجهة إيران وتتحول إسرائيل (التي تكون قد التهمت فلسطين والجولان) الى القوة الإقليمية المسيطرة والمواجهة لإيران والمتحالفة مع تركيا ايضاً.

هذه الدراسة وتطبيقها (استباقاً لأي نهوض عربي جديد كنهوض ثورة تموز في مصر ونهوض الامة العربية تحت راية الناصرية في الخمسينات والستينات).

جورج حبش كان يرى بوضوح ان مواجهة إسرائيل يجب ان تتم من خلال العمق والبعد العربيين للشعب الفلسطيني، فالأمة وحدة لا تتجزأ وان قسم الاستعمار الأرض العربية الى اقطار تحمل طوال الوقت لإشغالها عن اهداف الامة في الوحدة والتقدم بخلافات وحروب وتناقضات مصدرها الاستعماريون والصهاينة.

وتحكم الاستعماريون بأنظمة الحكم وتعيين الحكام عائلات وافراد حتى يضمنوا سلامة إسرائيل وامنها كما تفعل الولايات المتحدة اليوم.

كان الدكتور جورج حبش يدعو للوحدة العربية والتحرر الوطني والحرية والديمقراطية والتنمية ورص الصفوف لتحرير فلسطين واعادتها حرة لجسم الامة العربية.

كان يرى في الوحدة العربية طريق تحرير فلسطين وكان ينادي يدعو ويعمل لتحرر الأجزاء المحتلة من الوطن العربي.

أسس حركة القوميين العرب التي كانت لجنتها التنفيذية عربية التشكيل وتتابع تنظيماً وتدريباً وتثقيفاً فروع انتشرت في الوطن العربي الكبير، وضمت عشرات الا لاف من الكوادر التي قادت لفترة لا بأس بها التيار الشعبي الناصري في الوطن العربي الكبير.

وساهمت بكوادرها وبعض القيادات في الثورة الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسي وقادت الكفاح المسلح بالمين الجنوبي ضد الاستعمار البريطاني، وتمكنت من انتزاع الاستقلال منه (الجبهة القومية لتحرير اليمن الجنوبي).

وساهمت مساهمة كبيرة في التغييرات في العراق وسوريا لصالح الوحدة العربية.

ولقيت دورا هاما في مصر في مراحل الانتقال من الثورة داخل مصر الى نشر الثورة في العالم العربي.

وربطت حركة القوميين العرب النضال العربي التحرري بهدف تحرير فلسطين.

وها هي إسرائيل تخطط وتنفذ أضخم عملية سياسية عسكرية منذ قيامها وهي عملية الضم الجديد للضفة الغربية والجولان والمياه الإقليمية البحرية والسيطرة على مياه حوض الأردن والبقاع من خلالها توجيه كل الجهود والإمكانات والأجهزة الأمنية والعسكرية لتفتيت هذا البعد القومي لفلسطين ولضرب إمكانية تحول المد العربي الموحد الى سيف مسلط على رقبة إسرائيل.

تقوم إسرائيل بهذا لأنها وخبراؤها يعلمون ان انبثاق فجر جديد لنهوض الشعور الوحدوي القومي العربي هو الخطر الأكبر الذي يهدد إسرائيل.

فأصبح من مصلحة إسرائيل دعم الأنظمة التي تمول وتدعم الانقسامات الطائفية العرقية في الوطن العربي.

وأصبح من مصلحتها ان تدعم هي الحركات الإرهابية التدميرية وتمدها بوسائل استمرار القتل وتفتيت الجيوش العربية (مصر – سوريا – العراق – اليمن – ليبيا -).

أي ان اكتشاف خبراء إسرائيل خطورة ما كان يطرحه جورج حبش وحركة القوميين العرب وكذلك ميشيل عفلق حزب البعث العربي الاشتراكي ومن قبلها أنطوان سعادة والحزب السوري القومي الاجتماعي جعلها تعمل وتركز على تحطيم هذه الخطورة: البعد القومي الموحد لدحر الصهيونية.

وهذا بالضبط ما يقلق إسرائيل والصهاينة من نمو القوى التي تنادي وتعمل ضمن نفس التصور مع الاخذ بعين الاعتبار الفارق في الزمان والظروف.

ما يطرحه حزب الله، ويقوم به ويدعو اليه هو مواجهة مباشرة مع مخطط نتنياهو ومطبخ الصهيونية الجديدة، (الامبريالية الصهيونية) في ذكرى غياب القائد جورج حبش، تشهد المنطقة تراكما لتطورات تنبئ بتغيرات كبيرة أبرز هذه التطورات من حيث وقعها ومرماها الاستراتيجي هو اندفاع إسرائيل نحو مرحلة امبريالية جديدة نسميها الامبريالية الصهيونية يواجها توجه ينمو شباب لإقامة جبهة مقاومة عربية للمشروع الامبريالي الصهيوني.

فاغتيال إسرائيل للمناضل سمير القنطار كان له معنى سياسي إضافة لمحاولتها توجيه ضربة كبيرة للمقاومة المسلحة في الجولان.

والرسالة هي تعميد لما صرح به يعلون وكشف عنه أكثر من وزير صهيوني حول ضم الجولان وانشاء إقليم إسرائيلي جديد يرتبط بشمال فلسطين المحتلة لشبكة مواصلات لتسهيل الحركة والتنقل والجولان كان ومازال هاماً كثيراً لإسرائيل من الناحية الأمنية الاستراتيجية، فهو طريق جسر بنات يعقوب ومنابع المياه وبحيرة طبريا وصفد (الكنسية الارثوذكسية الروسية تملك الأراضي المحيطة ببحيرة طبريا والتي يقيم عليها الإسرائيليون فنادق سياحية ومراكز التسلية – وتقوم الكنيسة بالمطالبة بأملاكها).

من ناحية أخرى تحاول إسرائيل شطب موضوع الجولان من الخريطة السياسية كأرض محتلة يشملها قرار مجلس الامن 242 وقرار مجلس الامن 338.

لقد كان السيد حسن نصر الله واضحا في خطابه الأخير (الأسبوع الأخير من ديسمبر 2015) حين قال ان المقاومة في الجولان ضد الاحتلال الإسرائيلي اكدت ان الجولان باق في الخريطة السياسية رغم قرارات إسرائيل.

المعادلة المطروحة للمرحلة القادمة هي تلك التي تصارع فيها إسرائيل لتطبيق مخططها الامبريالي بالاستيلاء على الضفة الغربية والجولان مستغلاً أوضاع المنطقة ومستفيدة من صمت الولايات المتحدة وأوروبا والحكام العرب الذين شكلوا حلفاً معها.

(وقد تشمل إجراءات إسرائيل ارتكاب مجازر وعمليات طرد بقوة السلاح للألاف او عشرات الالاف).

ومن ناحية أخرى ستزداد لحمة المقاومة العربية بين فصائلها المختلفة، وهذا الحلف بحاجة الى بلورة سريعة لأنجع الوسائل في المواجهة وللتصدي للمخطط الإسرائيلي.

ومن الطبيعي ان نرى كما علمتنا كل التجارب ان العالم سينشد الى ما يجري على الأرض والصمود هنا عنوان قوة ستنظر معه بعض الدول الغربية الى تمييز موفها عن الموقف الأمريكي.

لكن القانون الذي يحكم المعركة في الشرق الأوسط سيكون قانون وحدة المقاومة العربية لتحرير الجولان وفلسطين المحتلة.

ولك أيها القائد جورج حبش تحية اكبار.

ولك أيها القائد السيد حسن نصر الله من شعوبنا تحية احترام واستعداد لوحدة صفوف المقاومة العربية تحت قيادتك.