|
محطات تنموية ،،، صناعة التحفيز سمة المصطفى صلى الله عليه وسلم
نشر بتاريخ: 30/12/2015 ( آخر تحديث: 30/12/2015 الساعة: 16:15 )
الكاتب: د. أكرم عثمان
يمر على العاملين في مجالات الحياة المختلفة سواء كان مسئولاً ، موظفاً ، عاملاً ، رب أسرة أو طلباً ،،، في أي مهمة كان وفي أي موقع يتواجد فترات من الكسل والتراخي والركون ،،، يتقلب الشخص من عطاء متجدد ومتواصل ودافعية حديدية وتحفيز فعال ،،، إلى ضعف في الهمة وتغير المزاج وقلة الدافعية أو التحفيز للعمل الذي يقوم به وتراجع في الأداء و الإنتاجية في العمل .
إن عملية التحفيز هي من أقوى عمليات التشجيع للذات أو للآخرين، وتدخل في دائرة برمجة العقل الباطن التي تجعل الشخص الأكثر نشاطاً معرفة و إنتاجية ، كما ترفع من فهم الذات والتقدير لها . بالرغم من أن الدافعية هي المحرك الأساس للفرد وباعث للنشاط والحركة والسعي نحو الأداء والإنجاز ،،، ناهيك عن التحفيز الذي يتأتى من القائمين على العمل والمشرفين عليه ،،، حيث ينتهجون أساليب ووسائل متنوعة لتحريك الطاقات الكامنة في العاملين واستخراجها إلى حيز التنفيذ والواقع العملي من خلال استخدام الجوانب المادية والمعنوية التي تشحذ الهمم وتحول الساكن إلى متحرك والكسول إلى نشيط ومثابر ،،، كل ذلك يسهم في زيادة القدرات والإمكانيات بشكل فعال ومثير . حيث يرى العلماء أن هناك فرق بين الدافعية والتحفيز ،،، فالدافعية : هي شيء داخلي ينبع من نفس الفرد ويثير فيه الرغبة في العمل . أما الحافز فهو شيء خارجي يوجد في المجتمع أو البيئة المحيطة بالموظف يجذبه إليه باعتباره وسيلة لإشباع حاجاته التي يشعر بها . مثال : الموظف الذي يريد الحصول على وظيفة مناسبة في العمل ، فهذا الشعور يدفعه ( الدافع) إلى البحث عن وظيفة . أما أن يفضل بين مؤسسة وأخرى في الراتب أو غيرها من الامتيازات بقدر تحسن وضعه وظروف حياته ( الحافز) فالحافز يحقق أقصى إشباع ممكن لحاجته . لذا هنالك فرق وبون شاسع ما بين المحفز الداخلي والخارجي ،،، الأشخاص المحفزون من الخارج يتبعون بكل سعادة ما يقترحه الزملاء والآخرون ، أما المحفزون داخلياً فهم يعتمدون على إحساسهم الشخصي في تقرير ما يفعلونه . حيث تشير الدراسات أن 40% من الناس محفزون داخلياً ، 40% محفزون خارجياً ، و 20% يجمعون ما بين الاثنين . ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم القدوة والأنموذج الفريد في صناعة التحفيز البناء ، والإسهام في إثارة التنافس الايجابي والمحمود بين العاملين والأفراد والجماعات ، لتتسابق إلى العمل والخير وتبدع فيه على أكمل وجه وأحسن صورة . قال عليه الصلاة والسلام في غزوة خيبر ” لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ رَجُلًا يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ ” (مسند أحمد ) ،،، قيل فبات الناس يدركون ليلتهم أيهم يعطاها ،،، فهذه من الأساليب المتميزة في إثارة التحفيز ، بحيث جعل الصحابة رضوان الله عليهم يبتون ليلتهم وهم في حالة عقلية و نفسية رائعة أيهم يتم اختياره لكي يحظى بهذا الشرف وتلك المكانة من المحبة لله سبحانه وتعالى ورسوله الكريم . وحدث في إحدى الغزوات أن ” قَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَلَا فَارِسٌ يَحْرُسُنَا اللّيْلَةَ ؟ إذْ أَقْبَلَ أُنَيْسُ بْنُ أَبِي مَرْثَدٍ الْغَنَوِيّ عَلَى فَرَسِهِ فَقَالَ أَنَا ذَا يَا رَسُولَ اللّهِ . فَقَالَ انْطَلِقْ حَتّى تَقِفَ عَلَى جَبَلِ كَذَا وَكَذَا ، فَلَا تَنْزِلَن إلّا مُصَلّيًا أَوْ قَاضِي حَاجَةٍ وَلَا تَغُرّن مَنْ خَلْفَك قَالَ وَبِتْنَا حَتّى أَضَاءَ الْفَجْرُ وَحَضَرْنَا الصّلَاةَ فَخَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَقَالَ أَأَحْسَسْتُمْ فَارِسَكُمْ اللّيْلَةَ ؟ قُلْنَا : لَا وَاَللّهِ فَأُقِيمَتْ الصّلَاةُ فَصَلّى بِنَا ، فَلَمّا سَلّمَ رَأَيْت رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَنْظُرُ خِلَالَ الشّجَرِ فَقَالَ أَبْشِرُوا ، قَدْ جَاءَ فَارِسُكُمْ وَجَاءَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللّهِ إنّي وَقَفْت عَلَى الْجَبَلِ كَمَا أَمَرْتنِي ، فَلَمْ أَنْزِلْ عَنْ فَرَسِي إلّا مُصَلّيًا أَوْ قَاضِيَ حَاجَةٍ حَتّى أَصْبَحْت ، فَلَمْ أُحِسّ أَحَدًا . قَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ انْطَلِقْ فَانْزِلْ عَنْ فَرَسِك ، وَأَقْبَلَ عَلَيْنَا . فَقَالَ مَا عَلَى هَذَا أَلّا يَعْمَلَ بَعْدَ هَذَا عَمَلًا ؟ ” .( رواه البيهقي ) و كان صلى الله عليه وسلم يحث على التنافس بين الصبيان فيقول من سبق فله كذا وكذا ،،، فقد روى الإمام أحمد بإسنادٍ حسن عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ : (( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُفُّ عَبْدَ اللَّهِ وَعُبَيْدَ اللَّهِ وَكَثِيرًا مِنْ بَنِي الْعَبَّاسِ ـ أي يصف الصبيان على نَسق ـ ثُمَّ يَقُولُ مَنْ سَبَقَ إِلَيَّ فَلَهُ كَذَا وَكَذَا قَالَ فَيَسْتَبِقُونَ إِلَيْهِ فَيَقَعُونَ عَلَى ظَهْرِهِ وَصَدْرِهِ فَيُقَبِّلُهُمْ وَيَلْزَمُهُمْ )) ناهيك عن التحفيز الأخروي عندما قال ربنا عز وجل” وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات و الأرض أعدت للمتقين ” . آل عمران : 133 ) ،،، وقال رسولنا المصطفى صلى الله عليه وسلم ” صبراً آل ياسر فإن موعدكم الجنة ” (رواه البخاري) ،،، حيث لا يقتصر التحفيز وشحذ الهمم في الدنيا ، إنما كان التحفيز في أجر وثواب اليوم الآخر وما يلقاه المؤمن من نعيم مقيم جزاء ما يقوم به من عمل صالح في الدنيا إن شروط تحقق التحفيز الفعال تتطلب أن يتناسب التحفيز مع الجهد المبذول ، فلا تمنح مكافأة كبيرة نظير عمل متواضع ، أو تدفع مكافأة ضئيلة القيمة تجاه ابتكار أو إبداع جديد ،،، و تقديم الحوافز فور تحقق النتائج مما يدعم عنصراً الأثر ، على أن يكون ارتباط بين سلوك الفرد وبين درجة إثابته أو عقابه ،،، و أحداث تنوعاً في الحوافز المقدمة حتى لا يمل الفرد من الحصول على نفس الحافز ويفقد الحافز قيمته في نظر الموظفين . بالإضافة إلى تقديم الحوافز بمختلف أنواعها على نحو موضوعي وعادل ،،، وتكون الجوائز ملائمة وتراعي اختلاف الدوافع والحاجات التي يريدون إشباعها ،،، والجمع بين الجوائز المادية والمعنوية ،،، وإظهار الجوانب الايجابية في أداء الموظفين ومدحهم ، مما يدفع للمزيد من العمل و الإنتاجية المتميزة ،،، والجمع بين نظام الحوافز الفردية والجماعية وذلك لمواجهة طبيعة الأفراد في التنافس ، فإن الحوافز الجماعية يظهر أثرها بصورة فعالة في الحالات التي تتطلب مجهوداً تعاونياً من الموظفين . وأن تعمل المؤسسة على إيجاد نظام الحوافز بصورة علانية حيث يؤدي ذلك إلى زيادة درجة تعزيز السلوك بالحافز ،،، وإشراك العاملين في وضع نظام الحوافز حيث يؤدي ذلك إلى تقليل درجة مقاومتهم له ، ويتم من خلال المشاركة التعرف على ظروف العمل الفعلية التي يتم فيها الأداء،،، واختيار المحفزات التي تساعد الموظفين على تحفيز قدراتهم الطبيعية ،،، وإضافة بعض أشكال المرح والجاذبية للأعمال الروتينية . وإعطاء العاملين فرصة اختيار الطريقة التي يودون القيام بأعمالهم بها ،،، فهذا يشجع تحمل المسؤولية وفرص القيادة لدى الموظفين ،،، ويسهم في تفعيل المشاركة بينهم وتكوين فرق العمل،،، والتعليم من الممارسة والخطأ وتجنّب النقد السلبي ،،، وتطوير الأهداف والتحديات لكلّ موظف ،،، وإظهار الإعجاب بأعمال الموظفين وإنجازاتهم ،،، وتطوير مقياساً يظهر التقدم في الأداء،،، والاهتمام بالرغبة الطبيعية للإنتاج عند الموظفين،،، |