|
فتح والطريق للدولة
نشر بتاريخ: 04/01/2016 ( آخر تحديث: 04/01/2016 الساعة: 14:33 )
الكاتب: ياسر المصري
إن الحلم هو ميزة كل إنسان طبيعي ، غير أن المبدعون هم اللذين يجعلون من حلمهم حقيقة مرئية وراسخة ذات دلالة وحياة، وقد ولدت فتح من رحم حلم صاغه عظماء مبدعون ووطنيون كبار بحجم قضية عظيمة كالقضية الفلسطينية ، وفي ذكرى إنطلاقة هذه الثورة وهذه الحركة التي أختارت ميلادها في رحم المستحيل ، لتنمو في ظروف وبيئة التشابك والإختلاط والتعقيد الداخلي والإرتهان الخارجي ، نجحت في صقل هوية وإنجاز نجاح أدوات ورؤية وحدت خلفها شعب وصاغت بهذه الوحدة إجماع على ما هو ضروري ، ورافق ذلك النجاح صياغة سلم أولويات واضح ، وكل هذا مكنها من أن تقود الشعب الفلسطيني وتقود سفينته في تعبيد طريق الحرية والخلاص من الإحتلال ، لتكون بذلك حركة الشعب الفلسطيني .
وقد إمتازت فتح بالبراغماتية والمرونة وتعدد المدارس الفكرية والسياسية فيها ، ليكسبها ذلك القدرة على الإستمرار ، وتعزيز وجودها في كافة الإتجاهات اللازمة . تأتي ذكرى إنطلاقتها هذه وهي محملة وحاملة للكثير ، فهي محملة بالكثير من التحديات والأزمات وحاملة للكثير من الأمال والطموحات الطبيعية والمشروعة والواقعية ، وفي هذا المقام يكون لها منجزات صاغتها وحافظت على بلورتها ، وتحديات تواجهها وتفرض التعامل معها لمنع تحولها إلى مخاطر ، وحتى لا أثقل الوصف والتوصيف سأتناول منجزاتها الأنية او في هذه المرحلة : - القدرة على الصمود في وجه عواصف التغيير في المنطقة واللتي أثرت وهددت القضية الفلسطينية ، كقضية وفعل سياسي، بعد أن أوشكت هذه الأحداث أن تحول المدخل لإستقرار الشرق الأوسط مكافحة الإرهاب وهو المدخل البديل عن أن حل القضية الفلسطينية هو مدخل إستقرار المنطقة. - القدرة على الصمود في وجه مخططات الإحتلال الهادفة إلى إطالة أمده ، وما تبعه من قدرة الرئيس عباس(القائد العام لحركة فتح) من تحديد للسقف السياسي لأي مرحلة حل للصراع عبر رؤية فلسطينية ثابتة ، بالشكل اللذي عزز من عوامل القوة الذاتية لدى حركة فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية ، حيث أن الثبات على الموقف والتمسك برؤية الحل كان مترافقا مع خطاب واضح ومتوازن ، وهذا اللذي جعل الفلسطينيين قادرين على الوقوف بوجه الضغوطات والإملاءات الخارجية. - إنهاء إستراتيجية الحل اللتي إعتمادها الإحتلال والقائمة على أساس تمكين الإستيطان وإعتماد اللاحل كحل ، وما سبقه من كسر إستراتيجية الإحتلال من طرح الدولة المؤقتة أو حدود دولة مؤقتة ،فرغم وجود الإنقسام الذي خدم الإحتلال في تبني هذه الإستراتيجية لم يعد بإمكان الإحتلال أن يجد فلسطينيا يقبل بهذا الحل. - التمسك بالإجماع العربي وتعزيزه فيما يتعلق بالفعل السياسي و الدبلوماسي الفلسطيني ، وإعادة الإعتبار إلى ان الصراع بعمقه وجوهره هو صراع عربي – إسرائيلي ، رغم بعض التحديات الخارجية التي تعيق هذا التعزيز . - العمل لتهيئة كل الظروف لتدويل الصراع وملاحقة إسرائيل كدولة إرهاب وإحتلال ومحاصرة تمدد دعايتها في العالم ، وهذه الدعاية القائمة على إستبدال ثوب الجلاد بثوب الضحية. - وجميع ما سبق قد تكلل بإعتراف العالم بدولة فلسطين ، بالرغم من أن بعض دول العالم إعترف بهذا الإعتراف حفاظا على حل الدولتين اللذي قد قتله الإحتلال وتجاوزه. - العمل وفق موازين القوى اللازمة لإحداث التوازن المطلوب رغم كل الظروف الداخلية التي تؤثر سلبا في ميزان القوى والتي تضر بالقضية الفلسطينية داخليا وخارجيا ، وقد تجلى ذلك بالحفاظ على الثابت الأكيد بضرورة إنهاء الإحتلال وليس إدارة الصراع كما يرغب ويعمل على ذلك الإحتلال (خطاب الرئيس عباس الأخير في مجلس حقوق الإنسان). وفي الشق الأخر المتعلق بما تواجهه هذه الحركة في هذه الظروف من تحديات تفرض التعامل معها لكبحها ومنعها من الوصول إلى حالة المخاطر: - وضع مشروع سياسي جديد يتعامل مع كل المتغيرات على الصعيد الداخلي والخارجي ويقف بوجه المشروع الإحتلالي وهذا المشروع الهادف إلى تصفية القضية وإنهاء الحلم بقيام الدولة وتشييد الحرية ،فحل الدولتين كحل أجمع العالم عليه أصبح خلف ظهر الإحتلال . - إعادة الإعتبارللإجماع الوطني الفلسطيني بعد أن تم تمزيقه بفعل الإنقسام ، وهذه مسؤولية فتح كحركة شعب ، فلا يكفي ان تحمل المسؤولية لطرف سبب وعمل على ذلك بقدر ما ان المطلوب بعد كل هذه السنوات من الإنقسام ، الوقوف بوجه هذا الإنقسام كنتيجة وسبب بأدوات وآليات تتناسب وحجم هذا التحدي. - إعادة صياغة العلاقة ما بين المفهوم والفعل ، حتى لا يبقى المفهوم متناقض مع الفعل ، عبر إعادة صياغة الهرم القيمي والوطني بما يتلاءم وما تعرض له الوعي الكلي من تشظي وإستهداف فالعلاقة مع الإحتلال لم تتغير ولن تتغير حيث ان وصفه سيبقى إحتلال نقيض كل معاني الحرية طالما أنه لم ينتهي وتبزغ الحرية ، فمفهوم إعادة العلاقة معه تحمل الكثير من المغالطات والمخاطر في توصيفه ، لا تختلف عما ترك من أثر من أن المفاوضة جلبت لدى البعض فهم خطير بأنها تعني القبول به وما سبب ذلك من وجود بيئة مجتمعية تقبلت التطبيع مع الإحتلال ووصلت حدود ذلك لتطال النخب في المجتمع الفلسطيني. - لا بد لحركة بهذا الحجم والتاريخ من أن تقف وقفة ذات صادقة وصريحة وجريئة تراعي المطلوب منها كحركة تحرر وطني حتى لا يبقى الإدعاء سبيل للوصول ، وحتى يكون الشعار منبثق من الفهم ومتطلبات الواقع . |