|
بعد اربعة شهور على الانتفاضة تراجع دور السلطة والتنظيمات
نشر بتاريخ: 04/01/2016 ( آخر تحديث: 04/01/2016 الساعة: 15:00 )
الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام
تحوّلت جنازات الشهداء في الايام الماضية الى استفتاء شعبي كبير ، وبعد 111 يوم على انتفاضة القدس ، تراجعت أطراف وتقدمت اطراف في معادلة الصراع الدائر والمحتدم بزخم متسارع ، وقد وصف رئيس الشاباك السابق افي ديختر الانتفاضة الانتفاضة انها بركان ، يبدأ بقليل من الدخان من باطن الارض ثم تتطاير شرارة هنا وشرارة هناك وسرعان بعدها ما تتدفق الحمم البركانية وتسيل تلتهم الارض دون ان يعرف متى تنتهي . ويرى هذا الرجل " العنصري المريض" ان الحل هو مزيد من القمع لدرجة ان اقترح ان يمنع الفلسطيني من قيادة سيارة لوحده واجبار كل فلسطيني ان يحمل معه فلسطيني اخر عند قيادته على الطرقات .
رئيس الشاباك السابق كرمي جيلون يرى ان الحل سياسي ، ويعترف بأن جيله من القادة في اسرائيل هم الذين أخطاوا وترددوا في الانفصال عن الفلسطينيين ، وهو يأمل ان يتعلم جيل نتانياهو وباراك والجيل اليهودي الجديد من اخطائهم ويسارعوا لمغادرة الاراضي الفلسطينية . بعد كل هذه الايام نرى تأثير الانتفاضة على الطرفين ، في اسرائيل فقدان للامن وخسائر اقتصادية لا يستهان بها ، ولكن الاهم هو سقوط فرضية الامن وهيبة الردع ، وعجز امريكا عن انقاذ تل ابيب كما في كل مرة . امّا على الصعيد الفلسطيني فتقدمت الجماهير لتحتل مساحات و" مقامات واسعة" كانت تحتلها السلطة واجهزتها ، ونشهد اليوم اختفاء السلطة في القدس ومناطق جيم وفي قطاع غزة ، ونشهد تراجعا كبيرا وفارقا في مدى تأثير السلطة في مناطق الف نفسها ، بل ان السلطة حاولت في الشهور الثلاثة الاولى ان تلعب دورا حياديا فما كان من المتظاهرين الا ان تقدموا واخذوا من السلطة مفترقات الطرق ونقاط التماس واصبح الاحتلال من جهة والجماهير الفلسطينية من جهة ثانية هما الطرفان العنيدان الباقيان على ارض المعركة فيما تحوّلت السلطة الى جبهة داخلية تنتظر التعليمات والتوجيهات ولا تقرر على الارض . في المجتمع الاسرائيلي ومع انتشار اليمين المتطرف والارهاب اليهودي وأنذال العنصرية مثل الحاخام جيزنبورغ وهو المرجعية الدينية الحقيقية للارهاب اليهودي ، ظهرت أيضا حركة ( كاسرو الصمت ) واضطلعت بدور اهم واعظم ، وهم مجموعة من الجنود والمجندات السابقين اسسوا جماعة في العام 2004 وفضحوا ممارسات جنود الاحتلال والجرائم التي يرتكبها الجنود ضد السكان المدنيين في الخليل وعلى حاجز حوارة ومثلهما . في المجتمع الفلسطيني ومع تعاظم بطش الحكم العسكري بدأت تطل ظاهرة القناصة وضرب النار والمبادرات الفردية كظاهرة مقدسة يحترمها الناس ، والعجيب انها انتشرت داخل الخط الاخضر اكثر مما هي منتشرة في الضفة الغربية ، وهو امر يؤكد ان النظريات الامنية التي امتلأت بها الصحف في السنوات الماضية كانت في معظمها مجرد هراء واضغاث احلام وان الواقع مختلف تماما عن تقديرات " الخبراء " . يتقدم المجتمع الفلطيني وتتسع مروحة المقاومة ويتعمق بنك الاهداف لديها ، فيما يتقدم الاحتلال نحو البطش والقمع مع نقص شديد في بنك الاهداف عند اسرائيل فلا تجد غير الانتقام والعقوبات الجماعية . مع كل يوم يمر ، يتراجع دور السلطة ، والاخطر تراجع مكانة التنظيمات الوطنية والاسلامية حتى وصف البعض " المشاكس " دورها ، انها باتت مجرد متعهدة جنازات تجري وراء جثث الشهداء , وتتقدم مكانة الحركة الشعبية الفردية والتلقائية . وفي الاشهر القادمة سيكون من الصعب على من ترك الطاولة ، ان يعود اليها . الا اذا كان يحمل في يديه شيئا كبيرا . |