نشر بتاريخ: 05/01/2016 ( آخر تحديث: 05/01/2016 الساعة: 13:35 )
وتدور الدوائر ويكون أن يأتيهم النبأ بمتابعة صاحب الرأي وصاحب الموقف، ولا بد من اتخاذ الموقف ومعاقبة من يمارس الحق بالنقد أو التعبير عن الرأي واستنباط الموقف، وقد يكون الموقف مغايرا لمواقفهم وأطروحاتهم، وهم ملتزمون ومنضبطون ويطيعون الأوامر ولا مجال للاجتهاد هنا..
والاجتهاد ليس من حقهم، فسادة العسس ينفذون أوامر كبارهم، وكبارهم هم من يقرر الصواب من الخطأ وفقا لمقاييسهم ومعيار فهمهم وتقديرهم للموقف على أساس الحرص الوطني. والحريصون على الوطن يتناقضون والرأي والرأي الأخر.. والوطن لابد من فهم حيثياته، وكيف سيكون الحرص عليه؟ وهل نحن نهدد أمن واستقرار هذا الوطن، لتكون بالتالي المطاردة والملاحقة. وإذا كان لا بد من الملاحقة فأصحاب القلم والرأي هم برأي أجهزة العسس من يهددون أركانه ويقوضون أساساته كونهم يعتدون على المحرمات وقوائم المحرمات طويلة وكبيرة ويصعب فهم ماهيتها.
سادة العسس والحل والربط وتحديد الغث من السمين يتربصون بكل الأمكنة، ويأتونك من حيث لا تحتسب ويراقبون أنفاسك ويحصون الخطوات وقد يعلمون عدد أبجديات الكلام في هذا المقال باحثين بين ضلوعك عن تنهيدات ممارسة الكلام، وللكلام تنهيداته التي تطلقها في غضبك وهدوئك، ويترصدون مواقفك، فأنت بكلامك تهدد الأمن القومي الإستراتيجي للوطن ولابد من قمعك وإخماد صوتك وبعثرة الحروف وجعلها متناقضة الفهم والعصية على الاستيعاب.
وتأتي الأوامر بإقفال فمك. وفعل الإقفال اليوم له أصوله التي تتناسب والقوانين العصرية لمواكبة الحداثة. وللعسس أيضا مواكبة لحداثة العصر، ويتلونون وفقا للمرحلة وما تفرضه طبيعة الأجواء المناخية، ووفقا للرؤية بما يتناسب وقوانين العصر الجديد التي يتم تصنيعها بما تتناسب وسادة العالم المسمى بالحر والديمقراطي، وأسس الفعل المتعولم لضمان تدفق المصالح دون إعاقات من أحد.
ولحساب المصالح أصول تبدأ بحسبة مصالح التكتلات الكبرى ورؤوسها في العالم، وتتدرج هذه الحسابات حتى تصل إلى درجة حسبة مصالح مراكز القوى لهذا النظام المسمى بنظام الدولة أو الحزب الحاكم، وبالتالي يكون السادة ضمن دوائر الحسابات هذه.
وللبزنس حساباته أيضا وتقاطعاته مع سادة العسس حيث أن صناعة البزنس هي الأساس في صناعة المواقف، وإن كانت سياسية. وللسياسة صناعة تدخل في أولياتها رأس المال المتنقل من حضن لحضن ومن موقف لأخر وفقا لاعتبارات المصالح. وللرأي مواقف كانت على الدوام متناقضة بشكلها الموضوعي مع سلطة الحكم وسلطة رأس المال وبالتالي لابد من الحماية، والحماية تتطلب فعل العسس، وللعسس أساليب كثيرة لتكميم الأفواه.
والغريب بالقصة والحكاية أن نبدأ بممارسة فعل العسس في ظل تعقيدات وقائعنا حيث الاحتلال والقمع والقتل والترهيب وممارسة كافة أشكال القرصنة على الكلام والتعبير عن الرأي والسيف المسلط على الرقاب دوما بالحرمان، والحرمان يأخذ الأشكال المتعددة والمتغيرة، فالحرمان من التنقل والحرمان من السفر والحرمان من الحقوق وتظهير القوانين ليُصار إلى الحرمان وفقا للقانون ... وما أن تنهي معركة مع سادة الاحتلال حتى تتواجه مع العسس الوطني ليُصار إلى حرمانك من الكتابة أو مطاردة أبجديات كلامك في المطبوعة المنشورة.
وقد يكون لسادة النشر أيضا رأي في الكلام وممارسة حق الكلام ... وما من سبيل سوى الالتفاف على الكلام، وتحاول جاهدا أن تطوع الحرف والكلمة وتستعين بكل الخبرات وبشياطين الإنس والجان لتخترع المرادفة الأخرى للكلمة المباشرة حتى لا يشطب حقك بالكلام لتحتمل الكلمة أكثر من تفسير وتأويل، وقد تضيع الفكرة في دهاليز الاحتيال على اللغة، وقد تسعفك اللغة ومن الممكن أن تخونك هنا..
ومقص الرقيب سيطارد أبجديات صناعة المقال... وهنا ترتد على ذاتك كافرا باللحظة، وقد تزداد تصميما على ممارسة صناعة وحياكة النص، وللنص استغاثة تقرع جدران تفكيرك للتحرر من الألم الذي يدور وتدور دوائره في أعماقك لتعبر عن ذاتك وعن وجهة نظرك بالشكل المباشر... ويكون الصراخ أيضا بالحق، والحق يا سادة يا كرام يؤخذ ولا يعطى فقد ولى زمن العطايا والهدايا والمنح ... وحتى تكون حرا مستقلا لابد من أن تمارس حقك انتزاعا... وحتى تكون حرا لابد من أن تكون فقيرا كونك بالتأكيد ستحرم من الامتيازات الأخرى حينما يكون السكون سيد الموقف...
وللعسس رأيهم الذي لا بد من أن يصبح موقف إجماعيا جماعيا لاستصدار شهادات حسن السيرة والسلوك والانتماء الوطني، وإن كان الرأي مضادا أو مغايرا فتهمة الخيانة معلبة وجاهزة... وسيلقى على مسامعك الخطب العصماء بالانتماء والنضال وممارسة أعتى أشكال الكفاح، وكيف أن كلاماتك تهدد المصالح العليا للوطن ...
لهم الحق بمد أيديهم بكل الاتجاهات، ولهم الحق بممارسة صراخهم بوجهك بالشكل اللطيف، وللطف معان أخرى بأعرافهم ...
ويأتي مرسال المراسيل ليقول لك إن السيد ابن السيد أبو السيد صاحب العطايا يرغب بلقائك، وأنت صاحب الرأي والموقف... ويرغب باحتساء القهوة وإياك صباحا ... ولا خيار أمامك فإما أن تقبل أو أن تقبل! وما بين القبول والقبول مسافات كبيرة... فللقبول الأول معان انهزامية بذاتك، وبالقبول الثاني استحضار وجلب بقوة الفعل والقانون الممنهجة خدمة للعسس وأجهزته ....
ولا اعلم إن كان لهذا النص من مساحة على الورق الذي اعتقد انه لابد من أن يكون له مساحته الطبيعية .... وإن كان للعسس بالنهاية من رأي بهذا النص فلابد من أن يكون رأيا هنا ومن خلال النص .... دون احتساء فنجان القهوة هناك عند أبوات العسس وسادته....