|
مرافعة الشاعر قبل سقوط المدينة !
نشر بتاريخ: 10/01/2016 ( آخر تحديث: 10/01/2016 الساعة: 13:30 )
الكاتب: المتوكل طه
على قميصي نقطة مسْك من دم الشهيد ، ونرجسة عابقة تركها زميلي المعتقل في جيب سترتي ، وعناق حميم استقبلني به البسطاء في البلدة .. هي أعلى وسام أحمله على صدري ، وهي جوائزي التي تشحذني لأكتب كما ينبغي ! دون أن أُطأطئ قامة الشعراء، وأجعل الورق البريء ممسحة لحذاء الجنرال .. ولأسجّل مرافعتي أمام التاريخ الشاهد ، للأرض الشهيدة ؛ النبيلة الذبيحة الجليلة !أمّ الشجن والنايات !وأمّ الدموع السخيّة والنعوش الطائرة !وأمّ الدالية التي تنفجر ناراً وقصائد !
*** لم تكن الدسائسُ وَحْدَها التيأغفلت الديباجةَ والنصّ . ثمة العرقُ والألمُ والغيرةُ،وهوامشُ العتمة، ووجوهُ الرخام، والنسيانُ الذي دبّره الحكماء . وثمة الضاحكون البؤساء مع الدّلاء، الذين يتنفسون بالرضا، مع كل فنجان يَقدّمونهللسادة المغلّفين بالأسرار. وثمة تاجُ الغار الفائض زيتاً وخمراً ًوحكمةً، وشهواتٍ مبرّرة حتى الموت. ولم تكن مرافعةُ الشاعر كافيةً،فطارت مع أول فَرْخٍدَرَجَ على المصاطب .. وغاب . وظلّ يحفظ أحزَانه الصغيرةَ،ويجمّلها بالصّفاء المصقول بالاطمئنان، وحتى قَّدّ أكثرَ من ألف رسالةٍللريحِ والماء، ولم يتبق منها غيرُ ما شاءت النقوشُ والعافيةُالتي لا تموت . يكفيه ما يكفي المدينةَ من البقاء في مغرب الريحان الهاديء، وصباح التين الشوكي. ويكفيه أنّه اٌجترأ في معبد الأوثان، على الهراطقة والأوداج السمينة، والحروف المبريّة الباهتة. ويكفيه ما يكفي الصوفيّ من زُهْدٍعلى شَبَعٍ، نال منه قليلاً، وبرّرَه كحفنةِ قمح لا يخالطها الزوان. وأراه كأنه يقف على شُرفة السُّورِ،يُلقي خطاب الفَصْل في الجموع، ولا أحد ! غير أنَّ الطالعين من أثواب أمهاتهم،سيكبرون، ويتنادون، ويصيخون السَمْع،فخطبته طويلة ممتدّة ..بل لا تنتهي، كشريانِ محيطٍ يقاتل الصحراء، ويزرعها بالأمل الأخضر. أيتها النبيلة الذبيحة الجليلة ! يا أمّ الشجن والنايات ! ويا أمّ الدموع السخيّة والنعوش الطائرة ! ويا أمّ الدالية التي تنفجر ناراً وقصائد ! لقد عانقوا سيّد المذبحة، قبل أنتترك الخيمةُ أليفها البائس، وقبل أن يجتمع مثلثُ القلب في صدر الطريق. واجتمعوا تحت الخيمة الكابية،كالبيض الخداج، فأدخلت السواطيرُ أسنانهافي هشاشة عظمها المتكسّر وأفسدتها. وصارت ريحُ الراية المنكّسةُ موسيقىالسير المكابر نحو الهاوية . وأضحى الصوف الأحمرُلا ينبيء بدم الطرقات والمغاور الرطبة، بل يبشّر السيدة بحَمْلها الكاذب الحرام. هنا، على رأس كل وليد أفعوان، لا يراه سوى الشاعر المذبوح على الشرفة،وسيكبر الأفعوان في جوف الوليد،ليلتفّ على عنقه أو عينيه .. فيمشي على غير هدىً، أو يكون هباءً في عتمة العدم. لقد جفّفوا المعصرةَ والمُقر والبئر والوريدوالّلحاء .. حتى تناسخت المومياءفي كل خَلْق . واٌنسربوا إلى جُرح المُتْعة، ورشّوا عليه حامض الشيخوخة، وغطّوه بجلد الجيفة المتغضّنة. وقطعوا رؤوسَ الجبال والنجوع،وصار سامرُ البلاد جنائزياً، يتصادى بالبشاعة والضيق والكآبة. وتباهوا بأنْ تأبّطوا أبناءَ الوكر،بصباغ المهرج الجديد. وأقاموا مواسم جديدة بلا خمرةٍ من صيدون،أو جمرٍ يتلألأ من قدرون،وبلا زيتٍ من يبوس، أو زجاجمن بلاد كنعان، يزيّن إطار نوافذهم الخائفة. ربّما يختزنون وراء سيوفِ عبيدهم،قمحَ حوران وتوابل دلهي وصابون الجبلوزبيب اليمن وجميْد معان .. وربما لن يجد الرعاعُ غيرَ حفنات من غبار العدس، الذي يلتهمه الأحباشُ،صباح مساء، بلا ذائقة أو تفحّصأو شهوة . ولعلّ الدهماء لن تجد غيرَ الشمطاء،الكاهنة العوراء، الكاشفة بطقوسهاالتي لا ترحم، والتي تُلقى كلماتها الزجاجية المشروخة، معجونةً بِدَم العقاربالتي تُغطّي وسائدَ الأحلام الخائبة. لقد كذّبوا .. حتى عاد السَفَرُ الذليل،وانكسر الشجرُ أمام الخرافة الحارقة،وإلى أنْ عاد اليبابُ المحروق على التلال، التي كانت في الأغاني جدائلَ الأميرة العاشقة. لقد سحبوا البرقَ الذي كان مختزناً في الغيوم،وجعلوه يبرق نياشينَ على صدورهم وأحذية نسائهم الغريرات. وتاهَ طفلُ المطر الذي خلّفه الشهداءُفي أقواس قزح . * ولن يملّ الشاعر، فقد طفح بالزلزال،ورأى قبل الرّعاةِ النجمةَ التي أرهصت بالفادي الرسول . ورأى القوافلَ تحمل أزهار اللّوتس وهيتتثنّى على انسراب الفيروز، وتحرسها تروسُ الجزيرة البرونزية،وتحفّها غلظةُ الحديد الصاحي، لتصل إلى المدينة، بعد أن تحمل منجيفع واللطرون قطوفَ الصحوة والسهر،ويدفّ معها على الراحلة جارحُ السكون،بربابته التي تدرّ شَفَقا ً وبنفسجاً،وتسيل نخوةً ودموع رجال . ليخبر الناسَ عن أهوال ما جرىوراء النهر، من خطايا تقشعرّ لها الأوتاد . وكيف أن عوج بن عناقكان يمدّ يده في البحر، فيصطاد الحوتَ، ويرفعه إلى عين الشمس ليشويه،قبل أن يأكله، عارماً بحراشفه ولحمه الذائب. يجلس ذو الوتر على حشية ملبّدة بالثاراتوالهمس والحسرات، ويحزّ على سفوح النوابض،يجرحها، فيقطر الندى والندم، ويظلل الرَّبعَ بالعِبَر والشوقوالخسران الدائم،فتبقى في صدورهم بذرةٌ من شمسٍغرقت في البحر .. ولن تعود. ما كان له أن يطهّرهم بدم الذبيحة،التي غَصَّت به الأنياب . وما كان له أن يكشف عن كنوز الملكالمخبوءة، تحت خفاف القوارح،وهي تجترّ عشبَ التأمّل، وصفاءَ القحط . لقد رغبوا في أن يكذب، ويقلب النهاية، ليتزوّج الحطّابُ جنيّةَ الغابة، وتأخذه لقصرها التي تؤوّب فيه رياحُ العطش. لماذا تذكّرنا يا لحنَ الفجيعة بالفردوس الذي هوى في الكابوس، ولم يتبق للضحيّة حقّ في البكاء؟ لقد أخذوا منه خيوطَ دموعه،ونسَجوها كفناً رقراقاً له،ليظلّ خارج الأبد. والآن، جعلوه يخيط كفَنَه بيديه،وينحت ناووسَه بإزميله المثلوم، ويتمدّد، وحده، تحت تراب الوجود الهائش . لكنَّ الجذرَ الموّارَ بالنسغ يبلغ حدَّ الاختراق،وتشرب الورقةُ غمامتَها وغزالتَها،فينْبتُ على شفةِ الشاعرِ عرقُ البدايةِ الناهض، وتتوهّج على قوس الربابة هالةُ النار،ويتدحرجُ من الوتر جمرُ المواقد الآتية. * ما كان لكم، أن تهيلوا الترابَعلى موجدة الأيتام،وتخلّصوا الضَّبع من فضيحة التمثيلبجثة الغزال،وأن تبعثروا ضفائرَ الدفلي على أقواس الإنهيار،وتحرموا السروةَ من الترنّح في فضاء الوضوح. كانت المدينةُ معافاةً كحليب الأمهات،أو الزيتِ الطافحِ من الرَّحى، أو كآيات الأنبياء الذين كذّبهم الناس،واستبدّ بهم التجّار،وَرَقَصت حول رؤوسهم المقطوعةِ الغانيات. كانت المدينةُ ندّاهةً، تغري الفَرسَ،بفضّة الصّور والأساور، وتحفظ للباكي حوضَ مائة العذب،ولا يضحك فيها اللاّهي بين الموائدِ،حتى يكون المشط سربَ نجومٍ هابطةٍمن السماء. ولم تعرف المدينةُ مداهنةَ الدواوين،وجبروتَ العسس، وذكاءَ السارق، ونطيحةَ اليأس، ووحلَ الخوّاضين في الِعرْض وبيت المال. كانت تعرف حدودَ تاجها وأربابها ومدرّجاتها الصاخبة، فلا يسيلُ السرُّ إلاّ على مجرى التّلّين، الواصل إلى أَكَمة الوادي والفَراش . ولم يخدش وشاحَها الكهرمانيَغيرُ حرفين بريئين لمنهوبةٍ ومجنون، ولم يلوّث غصونَها زفيرُ المقصلة،أو بخارُ المعقوصين بالجحيم. * والمدائنُ تَهْرَمُ،لكنَّ الغيرةَ لا تشيخ،والدولةُ مثل تفَتّح الزَّهر، جميلٌ ومؤقّت! وسيّد القصر كزهرة الخوخ،ومليكتة، بعينيها المرحتين، تضع التاجَ، وتذرعُ قصرَها المرتّب كحَبّ الرماّنةِ،تنتظر هديةَ مولدها،فتأتيها الثيابُ والجواهِرُ في صناديقتلفّها أوراقُ الأرز. تفرح بها قليلاً وتضعها. وقد يتسلّلُ إليها الضجُر،فيغريها نُعاسُ الكسل،فتتمدّد على الأريكةِ، وترى في نومها وَشَقاًيخرج من أشعة الصباح،والندى يرطّب وَبرَه الناعم،يتلفّت بحثاً عن جهير الماء،فيجده ناشفاً .. فتصحو الملكةُ، وتنادي:أعطوني كأس ماء ! وتتمدّد ثانيةً، وتنام ، فترى جنوداً غامضين يتسلّلون إلىحظائر القصر، يطعمون الخيولَ عشباً مسموماً،وكانوا قد شربوا نبيذاً جعلهم كواسرَ لا ترحم،ويقودهم وحشُ الصخور الذي يأكل التراب،ويتمنطق بثلاثة سيوفٍ ورمح طويل،وخلفه رماةُ النبال الذين يأتمرون بإشارة منه،وَيُمْطِرون المدينةَ بسهام النار المنقوعة بالرقطاء. وترى الملكةُ أنّ الجنود يقتحمون القصرَوالأروقةَ والممرّاتِ والطرقاتِ، ويطْبقون على عُنق المدينة. فترتعشفي نومها، وتهتزّ، وتعلو أنفاسها .. وتنادي على أبيها الراكض على فرسهخارج المدينة، لينقذها .. فيأتيها صوته: اشربي دمَ أعدائك حتى لا تخشينهم،وتنتصرين عليهم . وتظل الملكةُ على يقظتها مقبوضة الصدر،إلى أن تنام .. فترى فارساً يجرّها من يديها المقيّدتينبسلسلة تمتد إلى سرج حصانه .. ويعدو ،فيصل بها إلى بهو قصره البعيد،وهناك يأتي بخاتم ديدي دائري ناتيءيتوهج ناراً، ويختمها خلفَ عُنقها، أعلىظهرها، فتصّاعد رائحةُ اللحم المشويّ،على السفّود المرتعد،وتصرخ من ألمها .. وتصحو، فتصحو المدينة، وتخرج من سلاسلها ..تهدأ قليلاً، وتنكّس رأسها غارقةً فيأمر ما ترى، فيغلبها النوم،وترى أن أباها يُقْبل بفرسه، شاهراً سيفه،صارخاً: أيتها الموسومة بخاتم الإماء! لا تنسي اسمك،ولا تنسي موطنك الأول. وفي الصباح، تسألُ سادنَ القصر: متى يعود سيّدك؟ فيردّ بأنه لا يعرف ! غير أنها تعرف أنّ رحلته للصيد، لا تحتاجإلى اصطحاب ذات الخال السبيّةالرقيقة الفوّاحة .. فتصرخُ: أريد ماءً . وفي المساء، يكون حامل القِرب، الذي يصعد بالجرارإلى سطح القصر قد غاب ساعةً أو يزيد،وتكون على الشُرفة بكسلها الريّان، تتثاءب،ولا يظهر بأنها تنادي على وصيفتها ،ولم تذكر الماء .. فيما تدبّ الحرائقُ في المدينة المُستباحة. * خمسة عقودٍ ، والمؤتمرون المتآمرونينقلون مجرى النهر العريض، من الاصطدام بالجبل،الى الإلتفاف حوله، ليظلّ راسخاً .. كما أراد وحيد القرن. وظلّ الجبلُ المُعاندُ فوقَ قانون الطبيعة والسماءوألواحِ حمورابي وأخلاقِ الكهنةِوسلام الأشجار. لقد اٌرتضوا أنْ ينزلقوا الى قاع الهاوية. ولا كوابح لإيقاف تلك الهرولة،التي تُومض بتسارعها نحو الحضيض. لقد فاز التصفيقُ والغوغاءُ والمشبوهون! وها هي المدينةُ مطواعةً خاضعةً كاٌبنةِ الهوى. أين أنتِ أيتها الوارثة بصنائعك الوثيرة؟ لقد هشّموا كَرْنَكَ البدايةوتورّطوا في نداء الضّبع،وتبعوهُ إلى أرضِ التسويات. لقد بزغَ أمراءُ الدَّمَن، اٌلذين نفثواالضبابَ والتردّد والاستلاب، ففقدت المدينةُ رايةَ الأهل والخيمةَولواءَ الرمح الرُدينيّ. واستقوى السيدُ بتيجانِ الغار، وأعطى فرسَهَ لروما، وباتت خليلته في معسكر القاتلين. وثمة سفاراتٌ وهدايا تفيض بالزعاف والشك،وتستدخل الطاعون، وجعلت الكاهنَ يبحث عن قِبْلة أُخرى،والمعلمُ عن حرفٍ آخر، والمرأةُ عن إثمدٍ جديدٍ وثوبٍ يشبه المُحَجّلاتِفي روما المتبخترة بين الطواويس فوق النجوم. لقد غيّروا اللسانَ، فأصبح يلثغُبأبجديةٍ غير تلك التي حمَت سيلعَ من التغريب والاندثار. وهل لنا أنْ نسأل: لماذا قتلوا صاحب العكّازةوحارسَ الغابةِ وفتى الساحلوابن البرتقالة، وكل الذين ماتوا واقفين ؟ وبقي أولئك المختبئين في خمائر نسائهم، ويترفّعون عن البصل والزعتر البريّ والأرغول؟ وقبل المحرقة الرّعناء اللافحة المجنونة،كانت المدينةُ تشهد تعويماً للمصكوكات،وبعثرةً للاستقصّات الأولى،لتعودَ الخلّيةُ إلى حيادها الميّت. وفي خفّة هذا الطيّش تتفكك منظومةُ الأمهات، وتنهار مباديءُ الشبكة،وتتهتّك اللياقةُ وتتآكل ياقتها،وتصير المدينةُ بلا قَوامٍ وثبات، بل تتمايل دائخةً بين الموقوذتين،وهما تحزّان وتين بعضهما البعض ،والأبناء يهرسون ملامحهم بالتنابز واللغة النهائية،ويهينون أصداغَ رمزهم بالنعال،ويغسلون يدي القاتل من دم اليمام،ويذهبون نحو الحيّ واللون واختلاف السّجدة،والتميّز بتقمّص المولغ بالأرحام واللّحم الطريّ،وينكرون على البستان وردتَه الواعدة،ولا يثقون بالصّلاة أو البدر الكامل. لقد انهزموا في دواخلهم، فانهزمت المدينة. وماتت جداولُ أضلاعهم، فجفّ نهرُ المدينة. وانطفأت جذوةُ روحهم، فانطفأت شمسُ المدينة. وقتلوا الحصان الصاهل في البلّور، فباتوا في العراء. لقد قبلوا أن يكونوا تحت مجهر المستبيح،وبين ذراعي الداهم، وتحت ضربات الطواطم الفولاذي الرهيب. وكانوا قد فَقَدوا حصَاَنة الصوّان في سويدائهم،فأصبحوا كبيت العنكبوت،أو كغثاءِ المجرى الموبوء. لو كانت الغابة يقظةً لما وصلوا إلى المداخل. ولو تبصّر الباشقُ الهائم،لما انسربت السحالي إلى المدينة. ولو لم يكونوا مخمورين، لما عقرتهم المباغتةوجزّت رؤوسهم المصدوعة. ولو انتمى الكاهنُ إلى مرضعته،لما فتح أبواب المذبح، مسلخاً، ليرتوي بدم الأضاحي البريئة. ولو أحسّ السيّدُ بالأيتام،والدمع المخضلّ يطفوا فوق وجوههم، لما صافح يدَ الكوبرا. ولو أحسّ صاحب الخبر بما جرى في بطون الحوامل، على حواجز العار،لما نطق بالشيطان. ولو تشقّق لحمُ شقيقته،تحت سياط العنابر الغاصبة،لما تزيّا صاحبُ الديوان بالمخازي الأنيقة. ولو تذكّر المقتولُ كيف حصده القاتلبمنساس القش، مغروزاً في صدره ..لما نطق باسمه، معتذراً عن موته. ولو تنطق الأرضُ لانشقت تحتأقدام أشباه رجال المدينة، وابتعلتهم في باطنها الموّار الطاحن. لكنها دمدمة الهزيمة، التي تحطّبأرجلها السوداء، على الأرض المحروقة. * أيتها المدينةُ التي جرّحها الدمعُ،وأحرقتها الجثثُ والصرخاتُ ! هنا شبيهتُكِ التي مازالت في فضاء المقصلةِ،ترقب نهايتَها بأمل يائس . * وَتنْبُتُ أزهارُ البُركان .. |