|
حماس أنهت بناء الأنفاق.. هل تستعد لمواجهة جديدة؟
نشر بتاريخ: 12/01/2016 ( آخر تحديث: 16/01/2016 الساعة: 09:02 )
بيت لحم- معا- استثمرت حماس ثروة طائلة في اعادة بناء وترميم شبكة الانفاق الدفاعية والهجومية التي بات عددها وفقا للتقديرات الامنية الاسرائيلية يقف عند حدود ما كان قائما قبل الحرب الاخيرة على غزة "الجرف الصامد"، وفقا لما ذهب إليه اليوم الثلاثاء المحلل العسكري لصحيفة "هارتس" العبرية "عاموس هرئيل". اشارت الاعتقالات التي نفذها جهاز الشاباك خلال الاسابيع الماضية وطالت خلايا تابعة لحركة حماس في الضفة الغربية ومدينة القدس وما تبعها من لوائح اتهام قدمتها النيابة العسكرية الاسرائيلية ضد المعتقلين الى نوايا بعيدة المدى تضمرها حركة حماس منها تنفيذ عمليات "انتحارية"، وعمليات خطف واطلاق نار. قال المحلل العسكري "عاموس هرئيل". وأضاف "بات الاتجاه واضحا وذلك على ضوء التصريحات المتكررة التي اطلقها كبار قادة حماس في غزة، فهناك قادة في حماس يسعون الى تحويل اعمال العنف التي اندلعت في الضفة الغربية منذ ثلاثة اشهر الى انتفاضة مسلحة ولهذه الخطوة آثار وتأثيرات بعيدة المدى قد تطال ايضا قطاع غزة والأوضاع السائدة فيه". نجحت حتى هذه اللحظة الجهود الموازية والمقابلة التي تبذلها إسرائيل والأجهزة الامنية التابعة للسلطة الفلسطينية في احباط غالبية مخططات حركة حماس ولا زالت اعمال "العنف" في الضفة الغربية وداخل الخط الاخضر في غالبيتها على شكل عمليات طعن ودهس وحتى عمليات اطلاق النار التي تقع بين الفينة والأخرى، وكان اخرها وأخطرها الذي نفذه نشأت ملحم وسط مدينة تل أبيب لم تكن نتيجة أو ثمرة تخطيط مجموعات منظمة بل عمليات فردية، لكن اذا نجحت خلايا حماس في الضفة الغربية بتنفيذ عملية كبيرة فإنها ستلقي بظلالها مباشرة على ما يجري على حدود قطاع غزة، حيث تدور منذ فترة طويلة حرب عقول وأدمغة بين اجهزة الامن الاسرائيلية وكتائب القسام الذراع العسكري لحماس، الذي عادت عناصره لحفر انفاق هجومية تتجه نحو اسرائيل خارقة الحدود. خسرت حماس في منتصف ديسمبر الماضي واحدا من نشطاء ذراعها العسكري كان احد الحراس الذين يحتجزون "غلعاد شاليط" وذلك جراء انهيار نفق شرق مدينة خان يونس، وفقا لبيان حركة حماس ذاتها، علما ان شرقي خان يونس لا يوجد فيه أي شيء باستثناء الحدود مع اسرائيل التي اكتشفت خلال حرب 2014، 32 نفقا هجوميا اكثر من ثلثها حفرت شرقي الحدود واعلن الجيش الاسرائيلي في حينه تدمير هذه الانفاق لكن عمليات الحفر عادت من جديد فور انتهاء الحرب حسب تعبير "عاموس هرئيل". وتساءل المحلل العسكري قائلا: هل تسعى حماس الى مواجهة عسكرية اخرى مع اسرائيل؟ وأجاب "إن المنطق المقبول يعتقد ان حماس لا تخطط لمثل هذه المواجهة ولا تسعى إليها خاصة وان القطاع لم ينفض غبار الحرب السابقة بعد، وبقي عشرات الاف من السكان دون مأوى ولم يحصلوا على منازل جديدة او حتى مرممة بدلا عن تلك التي دمرها القصف الاسرائيلي، لكن ورغم هذا هناك سيناريوهان محتملان هما: ان يؤدي نجاح حماس في تنفيذ عملية كبيرة انطلاقا من الضفة الغربية الى رد فعل اسرائيلي ضد الحركة في قطاع غزة تجر كافة الاطراف الى حلبة المواجهة رغبوا بها ام لا، كما وقع بعد عملية اختطاف المستوطنين الثلاثة التي وقعت قرب "عصيون" جنوب بيت لحم وأدت الى الحرب التي شهدها القطاع قبل عام ونصف. أما السيناريو الثاني فيتمل في خطر ان تجبر جهود اسرائيل الرامية الى اكتشاف وتدمير الانفاق الى جانب مخاوف حماس من امكانية ان تبادر اسرائيل إلى توجيه الضربة الاولى قادة الذراع العسكري محمد ضيف ومروان عيسى ويحيى سنوار إلى المبادرة وشن هجوم رغم الثمن الباهظ الذي سيدفعه قطاع غزة. يقوم يحيى سنوار وهو من بين محرري صفقة "شاليط" 2011 الذي يشكل الضلع الثالث في مثلث قيادة حماس العسكرية هذه الايام بمهمة رجل الاتصال الرئيسي بين القيادتين السياسية والعسكرية للحركة، فيما يتولى شقيقه "محمد" قيادة لواء من كتائب عز الدين القسام وكان من بين من خططوا لعملية اسر الجندي "شاليط". تعهد يحيى فور اطلاق سراحه من السجون الاسرائيلية عام 2011 بالعمل لتحرير بقية اخوانه من الاسرى، ونشرت حماس في الفترة الاخيرة افلاما توثق فترة اسر "شاليط" تهدف الى احياء صورة حماس والحفاظ عليها في الوعي الفلسطيني، خاصة في قطاع غزة كحركة مقاومة تقاتل ضد اسرائيل هذه من ناحية وإشارة للأهمية القصوى التي توليها حماس لعمليات الاسر والخطف كطريقة وحيدة لفرض الشروط والتنازلات على اسرائيل من الناحية الاخرى. اذا شعرت حماس بخطر انكشاف حقيقي يهدد اهم مشروع لديها والمتمثل بمشروع الانفاق الهجومية فقد تبادر الى تنفيذ عمليات هجومية انطلاقا من هذه الانفاق، وهناك عناصر استراتيجية اخرى تدخل في تكوين الصورة تذكرنا بما كان سائدا عشية الحرب الاخيرة في تموز 2014 ابرزها الضغط الهائل الذي تمارسه مصر على قطاع غزة، حيث اغرقت قوات الامن المصرية انفاق التهريب في منطقة رفح ما ادى الى تدهور اضافي في وضع حماس الاقتصادي التي اعتمدت بشكل كبير على الضرائب التي تجبيها وتفرضها على البضائع المهربة عبر الانفاق، ورغم سماح اسرائيل بمرور كميات كبيرة من البضائع عن طريق معبر كرم ابو سالم لا زالت تمنع انتقال المواطنين من والى القطاع من خلال المعابر الاسرائيلية باستثناء بعض الحالات الطارئة، ليشتد هذا الحصار بسبب رفض القاهرة ايضا مرور الفلسطينيين وانتقالهم عبر معبر رفح الذي لم يفتح خلال الشهرين الماضيين سوى ليومين أو ثلاثة ليس اكثر مما سمح لعدة آلاف فقط بالمرور وفقا لتعبير عاموس هرئيل. يسود اعتقاد ان نظرية الجناح العسكري القتالية حصلت خلال الحرب السابقة ورغم انجازاتها المحدودة على الموافقة والاعتماد وأثبتت افكار محمد ضيف القائمة على فكرة نقل المعركة الى ارض العدو من خلال عمليات كوماندو بحرية وجوية "طائرات شراعية" نفسها، فيما تنظر حماس لاستمرار "قطرات" الصواريخ حتى نهاية الحرب كانجاز فيما ركزت الحركة جهودها في ايام الحرب الاخيرة على اطلاق قذائف الهاون باتجاه مناطق غلاف غزة وذلك بعد ان شخص سكان هذه المناطق كنقطة ضعف اسرائيلية. وجميع هذه الافكار لا زالت سارية المفعول وقائمة حتى الآن ولكن هل تشهد الفترة المقبلة حادثا امنيا يفجر مواجهة جديدة؟ تجد اسرائيل صعوبة في توقع مثل هذا الامر، ورغم رد اجهزة الامن الاسرائيلية عام 2014 على تحضيرات حماس لتنفيذ عملية عبر احد الانفاق لم يجر ترجمة هذا الفهم والرصد اسرائيليا الى لغة الاستعدادات الواسعة تحسبا لاندلاع حرب، ولاحقا ارتكبت الاستخبارات عدة اخطاء في مجال توقع تصرفات حماس وكان ذلك خلال اتفاقيات وقف اطلاق النار الكثيرة التي شهدتها الحرب وصولا الى الاتفاق الذي وضع نهاية لها. ماذا تفعل اسرائيل في مواجهة تحدي الانفاق؟ تواترت خلال الاشهر الماضية تقارير كثيرة تحدثت عن تقدم في عمليات بلورة وإيجاد حلول تكنولوجية من شأنها المساعدة في اكتشاف الانفاق مبكرا كما تحدثت التقارير عن خطوات أولية على طريق تنفيذ هذا الحل ميدانيا فيما احتفظت المؤسسة الامنية بمعظم تفاصيل الحل والمخطط طي الكتمان وتحت ستار السرية المطلقة، لكن مصدرا امنيا رفيعا قال مؤخرا لصحيفة "هآرتس" ان التكاليف المتوقعة لعملية اقامة جدار جديد حول قطاع غزة يتضمن تكنولوجيا قادرة على معالجة قضية الانفاق لن تقل عن 2:8 مليار شيكل وهذا البند الضخم لا يظهر مطلقا ضمن كتاب ميزانية الجيش للعام الجاري. ظهرت صور رئيس أركان الجيش الاسرائيلي وقائد المنطقة الجنوبية وقائد لواء غفعاتي اثناء الحرب الاخيرة على غزة "الجرف الصامد" على غلاف العدد الجديد من المجلة العسكرية "منظومات" وتحت عنوان يشكل خلاصة مقالة كتبها العقيد "رومن غوفن" الذي يشغل حاليا منصب قائد لواء "عصيون" العسكري المتمركز جنوب بيت لحم والذي قال فيه "يجب علينا ادخال تغيرات عميقة في مجال المبادرات على المستوى التكتيكي وذلك قبل اندلاع حرب لبنان الثالثة". واقتبست المجلة المذكورة على غلافها اهم افكار المقالة المذكورة مثل "المبادرة المترافقة مع الحيلة والذكاء والشجاعة والجسارة هي بالضبط من سيحدد مصير المعركة القادمة والجيش الاسرائيلية لم يتميز بكل ما ذكر خلال" الجرف الصامد "لذلك من واجبنا ادخال تغيرات عميقة في هذا المجال". واختتم المحلل العسكري لصحيفة "هآرتس" مقالته بالقول "إن مجرد اعترف الجيش الاسرائيلي بهذه الفجوات ورغم ان هذا الاعتراف متأخر لكنه مثير مثل بعض الخطوات التي تم اتخاذها منذ نهاية الحرب على غزة لكن العناصر الاساسية التي تكون الصورة في المنطقة الجنوبية مثل مواصلة حفر الانفاق، عدم وجود عائق فعال على حدود غزة، الحصار المشدد المفروض على القطاع تبقي على خطر اندلاع مواجهة قائما كما كان طيلة الوقت رغم ان ميزان القوة كان ولا زال لصالح الجيش الاسرائيلي". |