|
قلتُ لهم: أُحبّذ أنْ تظلّ رسوماتكم بلا ألوان
نشر بتاريخ: 14/01/2016 ( آخر تحديث: 14/01/2016 الساعة: 10:54 )
الكاتب: عطا الله شاهين
كنت أسير بخطوات سريعة، بعدما وصلت متأخرا إلى مدينة رام الله، بسبب أزمة المواصلات، وحينما كنت أسير في شارع ركب، شاهدت المحلات بدأت تغلق أبوابها، فاقتربتُ من أحد المواطنين وسألته لماذا يغلقون أبواب محلاتهم في وقتٍ مبكّر؟ فردَّ وهو ينفث دخان سيجارته بأنّ طفلاً سقط شهيدا قبل قليل على أحد حواجز الاحتلال، فقلت في ذاتي ماذا سأقول للتلاميذ الآن؟ لقد وعدتهم بشراء أقلام التلاوين لحصة الفنّ، لكنني سأخبرهم بالحكاية وأن اليوم سنرسم بأقلام الرصاص بلا ألوان، أسرعت في خطواتي صوب المدرسة وتوقعت بأن أجد المدير في انتظاري، وحينما اقتربت منه لاحظته ينظر صوبي بعينيه الغاضبتين وحاجبيه القاطبين وكالعادة قام بتوبيخي، وقال لي: لا تعنيني أزمة المواصلات لا تقول لي بأنك تأخرت بسبب أزمة المواصلات ..
وبعد مجادلة قصيرة بيني وبين المدير تفهم الأمر وذهبت إلى غرفة الصف، وحينما فتحت باب غرفة الصف سألوني التلاميذ علب التلاوين؟ فرددتُ عليهم وأنا حزين لقد وجدتُ المحلات مغلقة، لأنه استشهد للتو طفلٌ أثناء عبوره على حاجزٍ من حواجزِ الاحتلال.. وقلت لهم بعد أن جلست على الكرسي، سنرسم بأقلام الرصاص بلا ألوان ستظلُّ رسوماتكم باللون الأسود لكي نتذكر هذا اليوم بأنه كان حزينا الأسود بلون الحزن، وتركتهم يرسمون على كراساتهم وبعد قليل أتى أحد التلاميذ إلى عندي، وقال لي لقد أنهيتُ رسمي وهو عبارة عن ركامَ بيت تمّ هدمه بالأمس، ولنْ أقومَ بتلوينه حتى أراه كما كان، فابتسمتُ له: وقلت له أنتَ تلميذ رائع، لأنك تتعاطف مع أُولئك الناس الذين ما زالوا يعيشون في حزن، ووقفتُ وقلتُ لهم: أُحبّذ أن تظلّ رسوماتكم هذه بلا ألوان، لأنه يوم حزين، وستظلّ رسوماتكم معلقة على حيطان غرفة الصف بلا ألوان، لكيْ نتذكّرَ ذاك الطفل.. |