|
اللجنة الوطنية وملف محكمة الجنايات الدولية
نشر بتاريخ: 17/01/2016 ( آخر تحديث: 17/01/2016 الساعة: 15:25 )
الكاتب: زهير الشاعر
بعد الإعلان عن القبض على عميل عمل في مكتب كبير المفاوضين الفلسطينيين ورئيس اللجنة الوطنية لمتابعة ملف محكمة الجنايات الدولية ، لابد من الإشارة لعدة نقاط مهمة حول ملف المحكمة وما دلالة الإعلان عن القبض على هذا العميل في هذا الوقت وما الذي يتطلع إليه الشارع حول ما سيقدم عليه د. صائب عريقات بعد هذه الحادثة التي تمثل فضيحة من العيار الثقيل ؟!.
بداية لابد من التذكير بحادثة سابقة حصلت في نفس المكتب عندما تم تسريب وثائق غاية في الأهمية نشرتها محطة الجزيرة وكان ذلك في فبراير من عام 2011 حيث أدى ذلك في حينه إلى تقديم د. صائب عريقات استقالته للرئيس الفلسطيني محمود عباس قبل أن تتبين الأمور لاحقا بأن الاستقالة لم تكن تتجاوز مسرحية هزلية لاحتواء ردة الفعل الشعبية على تلك الفضيحة!. لذلك، سنتحدث هنا عن الملف الفلسطيني في محكمة الجنايات الدولية مرة أخرى ولكن من زاوية مختلفة لكي نتعرف أكثر على ما يسمى باللجنة الوطنية حيث أنه لابد من توضيح ما يلي : أولاً : لابد من التنويه إلى أن فلسطين إنضمت إلى محكمة الجنايات الدولية ICC في 1/4/2015 لتكون العضو رقم 123، حيث توجهت وزارة الخارجية الفلسطينية بالتعاون مع دائرة المفاوضات ومكتب الرئيس إلى محكمة الجنايات الدولية وهم يدركون مسبقاً بأنه ستواجههم عوامل قانونية شديدة التعقيد أشرنا إليها في مقالة سابقة تحت عنوان فهلوة ساعي البريد في دهاليز محكمة الجنايات الدولية!!! . ثانياً : يجب أن يكون معلوماً أنه بناءاً على إتفاقية روما الخاصة بالانضمام إلى محكمة الجنايات الدولية يجب على كل دولة عضو أن تدفع مبلغ مالي سنوي ليس بالقليل دفعته فلسطين " حصلت عليه كمنحة من دولة خليجية" علماً بأنه لايوجد إلا دولة عربية واحدة غير فلسطين وهي المملكة الأردنية الهاشمية عضو في هذه المحكمة. ثالثاً : يقول القضاة والقانونين الفلسطينين المراقبين لسير هذا الملف المترنح والذين زاروا مقر المحكمة كقضاة يعملون في مؤسسات دولية بأن الوضع القانوني لهذا الملف ضعيف وما هو إلى إهدار للمال العام وإضاعة للوقت فقط لا غير ، هذا بالإضافة إلى أن طاقم الخبراء القانونين الذي تتحدث عنه السلطة بين الحين والأخر بأنه مختص بمثل هذه القضايا للاسف هو طاقم غير مختص بالقانون الجنائي وهناك شخص واحد فقط درس القانون الدولي في رسالة الماجستير المقدمة من قبله والتي حصل عليها كمنحة من الدول المانحة ، فيتساءل هؤلاء القانونين عن كيفية تكليف هذا الطاقم حديث الخبرة بمثل ملف بهذا الثقل إن كان هناك مصداقية لتوجه حقيقي للتعاطي مع قضايا تقدم لهذه المحكمة في سياق متطلبات نجاحها؟!. رابعاً : يقول المراقبون بأن ميزانية متابعة ملف المحكمة لا يخضع لأي رقابة إدارية ومالية في سياق حجة ضروريات متابعته علماً بأنه لا يجوز لوزير أو مسؤول لهذا الملف ان يقضيها ذهاباً وإياباً بين فلسطين ولاهاي ليقدم وثيقة يستطيع أن يرسلها عبر الفاكس أو الإيميل أو عبر الممثل المعتمد لديها، مما يعطي شكوكاً بأن هناك خبايا فساد مالي ضخمة وتوافق عليها وراء هذا الملف لابد من متابعتها والبحث فيها لكشف الستار عنها والبدء بالمسائلة القانونية التي تتعلق في هذا السياق مع الأخذ بعين الإعتبار أن حيثيات الملف معروفة مسبقا بضعف حجتها إن أخذنا بعين الإعتبار العوامل الإقليمية والدولية والمصالح القائمة وعدم توفر الإمكانيات التي تدعمها وتؤمن نجاحها أو الإستمرار في متابعتها!. خامساً : بالرغم من أن القيادة الفلسطينية الحالية تدرك جيداً بأن أي قرار سيتخذ من هذه المحكمة في حالة الحكم بالإدانة لن يكون ضد إسرائيل كقوة إحتلال وفي الأجل القريب بل سيأخذ الحكم سنوات طويلة وسيكون ضد شخصيات تحمل المواطنة الإسرائيلية فقط كمجرمي حرب وفق معاهدة روما 1998 لأنها ليست دولة عضو في هذه المحكمة ولا تخضع لقوانينها ، علماً بأنه أيضاً من الوارد إن فرضنا جدلاً إمكانية حدوث ذلك أن معظم الذين سيتم إدانتهم كمجرمي حرب يحملون جنسيات أخرى ستوفر لهم الحماية تحت إطار عضوية بلادهم وقوة تأثيرها وصلاحياتها في هذه المحكمة ، ومع ذلك لا زالت تصر هذه القيادة اللعب على وتر هذا الملف وهي تتغنى فيه لإلهاء الشعب الفلسطيني بالرغم من أنها تعلم جيداً بأنها ليست قضية تتوفر لها عوامل النجاح المحلية والخارجية، والأجدر بها عوضاً عن ذلك الحرص على تعزيز مقومات الصمود وتحسين الحياة المجتمعية الآمنة لشعبها. سادساً : لابد من الإشارة أيضاً إلى ضعف موقف الدول الأفريقية التي يراهن الجانب الفلسطيني على دعمها من خلال عضويتها في هذه المحكمة. أخيراً ، من الواضح أن الكشف عن عميل مكتب المفاوضات في هذا الوقت له شقين ، الأول يدخل في إطار صراع داخلي حول قيادة المرحلة القادمة وصل إلى مرحلة كسر العظم والثاني هو تخبط ومحاولة استغلال حدث لبيعه للشارع الفلسطيني في سياق حاجة للتلميع حان وقته، ومن هنا ، ماذا سيكون موقف الدكتور صائب عريقات بعد كل هذه الإخفاقات والاختراقات ، فهل سيتخذ القرار الشجاع ليقول كفى لهذه المهزلة القائمة ويتحمل مسؤولياته الوطنية والبدء بعملية ترميم فورية من خلال الضغط مع باقي القوى من أجل تشكيل حكومة وحدة وطنية بشكل فوري تعيد لموقفه الوطني الإعتبار وتحافظ عليه وتقذف بكل من أساء لهذا الشعب خارج حساباتها وتعمل على التحضير لانتخابات فلسطينية عامة خلال مدة لا تتجاوز الستة أشهر أم أن قكرة التسويف والمكابرة ولعبة القط والفأر ستستمر حتى يأتي وقت الغرق وينقلب المركب بمن فيه؟!. أيضاً لابد من التساؤل حول موقف أعضاء لجنة وطنية هم من الأسماء الحاضرة مجتمعياً وقانونياً وفصائلياً من القبول بأن يكونوا ألعوبة ويتم إستخدامهم حسب المتغيرات الوطنية بالرغم من أنها لجنة شبه مغيبة عن الحقيقة لذلك فهي تمثل جزء من التواطؤ في تمرير طريقة إستخدام هذا الملف من خلال القبول بعضوية هذه اللجنة كمظلة لها مع الأخذ بعين الإعتبار علمهم المسبق بأن أحد أعضائها وركائزها الرئيسية كوزير الخارجية الفلسطيني صاحب قناة التواصل مع هذه المحكمة هو شخصية عليها الكثير من التحفظات الوطنية ، كما أن التحديات أمام هذا الملف يحتاج إلى إمكانيات قانونية ووطنية لا زالت في ظل الإنقسام غير متوفرة! ، أم أن العضوية لهؤلاء تمثل تشريفاً يتطلعون إليه بشغفٍ أكثر من تكليف وطني من المفترض أن يكون هو المبتغى؟!. |