|
حان الوقت لعقد مؤتمر الإتحاد العام لطلبة فلسطين دون تلكؤ أو تأخير
نشر بتاريخ: 19/01/2016 ( آخر تحديث: 19/01/2016 الساعة: 12:46 )
الكاتب: رائد محمد الدبعي
شكلت رابطة الطلبة الفلسطينيين التي انطلقت من جامعة الملك فؤاد -" القاهرة حاليا "- في العام 1948، أحد القواعد التي انطلقت منها الثورة الفلسطينية المعاصرة، ومثلت امتدادا لتاريخ حافل من النضال الطلابي ضد مركزية الحكم العثماني، وسياسات بريطانيا، وأطماع الحركة الصهيونية، حيث شكلت قيادة الشهيد ياسر عرفات لها " 1952-1957" رافعة أساسية، أدت لاعتراف جامعة الدول العربية بها، كما استطاعت الرابطة التي تطورت لاحقا إلى الاتحاد العام لطلبة فلسطين، أن تنسج علاقات وثيقة مع نظرائها في مختلف دول العالم، لتشكل لاحقا رصيدا هاما لشعبنا ونضاله من خلال تقلد ممثلي المنظمات الشبابية الاشتراكية، والاشتراكية الديمقراطية، والشيوعية، مقاليد الحكم في بلدانهم، خلال فترة الخمسينات والستينات من القرن الماضي، مما أسس لمناخ مناصر لثورتنا خلال محطات نضالها الطويل، وفي ظل تراجع دور الهيئة العربية العليا في خمسينات القرن الماضي، ظهرت الرابطة كممثل حقيقي للكيانية الفلسطينية، ونهضت بالعبء القومي، وقامت بتنظيم عشرات الدورات العسكرية للطلبة الفلسطينيين مستثمرة اجواء المد القومي خلال فترة الرئيس جمال عبد الناصر.
وتجاوز دور الإتحاد العام لطلبة فلسطين حدود العمل النقابي، الى فضاء العمل الثوري المقاوم، إذ يشير دستور الإتحاد بأنه " قاعدة من قواعد الثورة الفلسطينية يعمل من أجل تحرير فلسطين بكافة الوسائل، وهو يمثل طلبة فلسطين في جميع أنحاء العالم " وهو الأمر الذي ترجمه الإتحاد من خلال المشاركة في صد العدوان الثلاثي على مصر، وما تلاها من معارك مع العدو على مختلف الجبهات، إذ تطوع ما يزيد عن ال 120 من أعضاء فرع لبنان وحدها عام 1967 للقتال، كما كان للإتحاد العام لطلبة فلسطين دورا محوريا في التصدي لاجتياح بيروت عام 1982، حينما هب اَلاف الطلبة الفلسطينيين من مختلف دول العالم الى بيروت، للقتال الى جانب مقاتلي منظمة التحرير الفلسطينية، وسطر مقاتلو الإتحاد الذين أسسوا الكتيبة الطلابية لاحقا ملاحم بطولية، وارتقى منهم الشهداء، من أمثال نائب رئيس الإتحاد في لبنان سعد جرادات، وأيمن أبو عبد الله، وفهيم البرغوثي، وعلى الصعيد السياسي، فقد واكب نضال الاتحاد العام لطلبة فلسطين مسيرة نضال شعبنا، من خلال عقد العديد من الندوات والمهرجانات والدورات التي كان أبرزها ندوة فلسطين العالمية في القاهرة عام 1965، وما تلاها من مؤتمرات وأنشطة ساهمت في تشكيل الرأي العام المساند لشعبنا في مختلف الدول، إذ شكل الإتحاد في العديد من الدول نواة التمثيل الفلسطيني، وتطور في دول أخرى إلى مكتب تمثيلي لشعبنا قبل أن يصبح سفارة كما هو عليه الحال اليوم في الكثير من الدول، وساهم الإتحاد في ذات السياق في توفير خدمات نقابية واقتصادية، ووفر منح دراسية ، وسكنات جامعية مجانية لآلاف الطلبة في مختلف الدول، مما ساهم في تحسين الحياة المعيشية لعشرات الالاف من الأسر الفلسطينية. هناك تلكؤ غير مبرر في عقد المؤتمر العام للإتحاد لما يزيد عن العقدين ونصف، إذ عقد المؤتمر الأخير للإتحاد في بغداد، عام 1990، أي في خضم انتفاضة شعبنا، قبل تفكك الاتحاد السوفييتي، والبدء بالمفاوضات، وفشلها، و قبل أزمة الخليج الأولى، وتأسيس السلطة الوطنية الفلسطينية، وانعقاد انتخابات رئاسية وتشريعية لمرتين، واحتلال العراق، وتفجر انتفاضة الاقصى، وانتهائها، وبدء انتفاضة القدس، بل أن الجيل الذي ولد عام انعقاد المؤتمر الأخير للإتحاد ، قد غادر صفوف الطلبة منذ ما يقارب الخمس سنوات بعد تخرجه من الجامعة، علما بأن منظمة التحرير الفلسطينية قد حرصت دائما على عقد مؤتمرات الاتحاد في مواعيدها دون إبطاء، إذ عقد المؤتمر الأول للإتحاد العام لطلبة فلسطين عام 1959 في القاهرة، واستمرت مسيرة عقد مؤتمرات الإتحاد في أعتى الظروف، فقد عقد المؤتمر الخامس في عمان بعد سنتين من الاحتلال الاسرائيلي لما تبقى من الوطن عام 1967، وعقد عام 1971 في الجزائر، في ظروف غاية في الصعوبة والتعقيد، وعقد في بيروت عام 1978، بعد زيارة السادات لاسرائيل، وعلى دوي مدافع الحرب الأهلية في لبنان، ولم يحل العدوان الاسرائيلي على لبنان، وانتقال الثورة الفلسطينية الى تونس وغيرها من الدول، دون تنظيم مؤتمر الإتحاد في الجزائر عام 1984. لا قيمة لكل التصريحات التي تتغنى بدور الشباب وتضحياتهم، في ظل اختطاف حقهم بالمشاركة الحقيقية في القرار، ولا مصداقية لكل شعارات تمكين الشباب والطلبة، وإشراكهم في رسم مستقبلهم، في ظل التعاطي معهم في سياق القصّر الجهال، غير القادرين على قيادة المؤسسة التي تحمل إسمهم وقضيتهم، وليس هناك مبرر لحجب مؤتمر الإتحاد العام لطلبة فلسطين منذ ما يزيد عن ست وعشرين عاما، والابقاء على هذا الاطار معطلا، يعتاش على جهود بعض ممثليه في الفروع الناشطة، دون أن يكون لقيادته أي تواصل او تأثير أو توجيه، لفروعه الممتدة في جميع أصقاع الأرض، بل أن حالة اليأس من الوضع الراهن للإتحاد، جعلت بعض فروعه تتبنى أسماءا مغايرة تعبيرا عن احتجاجها على واقع الإتحاد كما هو الحال في أنقرة، التي قرر طلبتها العمل تحت مسمى " الوحدة الطلابية ". المفارقة أن عددا كبيرا من صناع القرار في المجتمع الفلسطيني هم من قادة الاتحاد العام لطلبة فلسطين سابقا، منهم روحي فتوح، وزهير الخطيب، وتيسير قبعة، وتوفيق الطيراوي، وعزام الأحمد ، وناصر القدوة، وواصل أبو يوسف، وبكر أبو بكر، وابراهيم خريشة اخر رئيس منتخب للهيئة التنفيذية للإتحاد، ويقع على عاتقهم جميعا، وعلى منظمة التحرير الفلسطينية، باعتبار الاتحاد ذراعها الشبابي الممثل بالمجلس الوطني والمركزي، أن تترجم شعاراتها حول الشباب الفلسطيني وأهميتهم في المجتمع إلى ممارسة فعلية، إذ أثبت شباب الوطن، وطلبته على وجه الخصوص، أنهم الموجّه الحقيقي للأحداث، وما انتفاضة شباب شعبنا المتفجرة في الوطن المحتل إلا دليل واضح على ذلك، كما أنه من واجب قيادتنا أن تترجم تعليمات السيد الرئيس حول ضرورة منح الشباب دورهم الطبيعي في صناعة القرار، والاهتمام بقضاياهم على وجه الخصوص، من خلال منحهم فرص حقيقية للمشاركة في القرار، وانتخاب من يمثلهم في هذا الإطار الوطني الهام والجامع، لكي يتم إعادة منح الاتحاد الدور الذي يستحق في كل العالم، في ظل النضال السياسي والدبلوماسي الذي يقوده شعبنا ضد الإحتلال، والذي يحتاج ان تواكبه دبلوماسية شعبية للتكامل نحو ذات الهدف. كما أن أي جهد لإعادة بناء الإتحاد يجب أن يتم في أجواء من الشفافية والمشاركة، ومشاورة أصحاب العلاقة من رؤساء مجالس طلبة، وممثلي فروع الإتحاد في مختلف الدول، وممثلي الحركات الشبابية والطلابية في جناحي الوطن، لكي يصير إلى بناء الاتحاد من جديد، وفق أسس سليمة تضمن تمثيل حقيقي للشباب والطلبة، بعيدا عن المناكفات الحزبية والحسابات الشخصية الضيقة، وتضمن انتخاب قيادة شابة على رأس هذا الجسم الوطني الهام، وتستلم الراية من الجيل السابق، إذ أنني أعي تماما، وقد استمعت من الكثير من أعضاء اللجنة التنفيذية الحاليين، رغبتهم الحقيقية والصادقة بتسليم الراية لجيل الأبناء، إذ اضحى من غير الممكن، بل أضحت نكتة ساخرة، أن العديد من أبناء أعضاء اللجنة التنفيذية الحالية للإتحاد قد غادروا مقاعد الدراسة إلى ميدان العمل، فيما لا يزال آباءهم -والذين أصبح بعضهم أجدادا- يمثلون الطلبة على أبواب العقد الخامس والسادس من العمر. |