نشر بتاريخ: 28/01/2016 ( آخر تحديث: 28/01/2016 الساعة: 22:51 )
مرّ العرب على زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ للمنطقة مرور الكرام ، فيما تبدو وانها زيارة تاريخية بكل معنى الكلمة ، لا سيّما وانه عرض مبادرته الشهيرة ( الحزام والطريق ) لحل خلافات الشرق الاوسط عن طريق التنمية، داعيا الدول الى عدم التدخل في شؤون بعضها البعض وهي استراتيجية بديلة عن الاستراتيجية الامريكية التي تعتمد على ترسيم نفسها وترسيم اسرائيل كشرطي على باقي الدول في المنطقة .
الرئيس شي جين بينغ وهو صغير في العمر ( 55 عاما ) ودرس البكالوريوس الجامعية في العلوم الماركسية، يرى ان اهتمام الامم بحضاراتها ونمائها اهم من التدخل في شؤون الاخرين والتسبب بحروب ( لا يؤمن بتصدير الثورة مثل المرشد الايراني ) ، ورغم ان الصين قادرة على خوض حروب والانتصار فيها كدولة نووية عظمى وهي الاكثر سكانا على وجه الارض . الا انها نجحت في تنفيذ مفهوم سور الصين العظيم وحقٌقت انجازات علمية غير مسبوقة بل انها ورغم عدد السكان الذي يقارب سدس سكان العالم الا انها لا تعاني من البطالة . وقد جاء هنا كي يروّج لمبادرة ( الحزام والطريق ) أو "الحزام الاقتصادي لطريق الحرير" و"طريق الحرير البحري للقرن الـ21" خلال زيارات خارجيه قام بها في عام 2013 لربط الدول الآسيوية والأوروبية والأفريقية على نحو أوثق وتعزيز التعاون فيما بينها.فقد قررت الصين إستراتيجيا نشر مواردها بهذه الطريقة... وعدم القتال من أجل كعكة حالية وإنما إضافة المزيد لهذه الكعكة من خلال ضخ الكثير من الأموال للعمل الجاري حول العالم".
كفلسطيني، فانني شعرت بشرف كبير حين قلّد شي جين بينغ ، أمين عام الرئاسة الطيب عبدالرحيم، وسام جائزة المساهمات البارزة للصداقة الصينية العربية، تقديرا للمساهمات البارزة التي قام بها من أجل تعزيز العلاقات بين الشعبين الفلسطيني والصيني وسبل تطويرها. وانني أسمح لنفسي ان اؤيد باعجاب نظرية الرئيس الصيني ان التنمية هي الحل الاضمن للتعاون الحضاري بين الدول .
ولو دقّقنا في الكلمات التي ألقاها شي جين فينغ في كل عاصمة من العواصم الثلاث لوجدنا انه قام بتوجيه رسائل واضحة تعبّر عن ( نصيحة ) صينية وليس على الطريقة الامريكية ( نصيحة اجبارية) . فقد نصح جامعة الدول العربية الاستثمار في التنمية لانها مستقبل الحضارات ، وقال" علينا أن نقر بأن العديد من القضايا التي يشهدها العالم العربي حاليا كانت نتيجة غياب أنماط تنموية ناجحة تجعل الشعب يلتف حول قادته". ويثبت خطاب شي حرص الصين على تحقيق الأمن والاستقرار في العالم العربي.
وفي طهران كرّر الدعوة إلى "الهدوء وضبط النفس"، وعبّر عن الأمل في أن "يعمل كل الأطراف معا للحفاظ على السلام والاستقرار في المنطقة".
شي جين فينغ تولّى رئاسة الصين قبل 3 سنوات فقط ولكنه رجل طموح بلا حدود ، وقد كنت برفقة وزير الخارجية الدكتور رياض المالكي في ضيافة الرئيس الصيني قبل عامين في قمة شنغهاي حين عرض افكار الصين بكل جرأة وهدوء على الدول العربية .
نقطة اخيرة ، فيما تتسابق كبرى شركات العالم الى طهران لتوقيع عقود استثمار وبيع وشراء مع ايران مثل شركة اير باص التي وقعت اليوم اتفاقية لبيع مئة طائرة مدنية وشركة بيجو التي وقعت عقدا ب300 مليون يورو ، ومثلها باقي شركات العالم ... نرى ان كبرى شركات السلاح في العالم ( وقد تكون اسرائيلية ) تتسابق علينا لتوقيع عقود بيع اسلحة تدميرية تنهب ثرواتنا كي نقتل بعضنا بعضا .
الحزام والطريق ... خطة استراتيجية لعشرين سنة قادمة وليست خطة لزيارة عابرة ، ومن يفهمها سوف يسير على طريق التنمية ومن لا يفهمها سبقى في الظلام والموت والحروب الى حين تتحول الدول العربية الى دول متوحشة و متنازعة وجائعة .