|
الداخل الفلسطيني المحتل جمرة الثورة القادمة
نشر بتاريخ: 29/01/2016 ( آخر تحديث: 29/01/2016 الساعة: 11:31 )
الكاتب: فادي أبو بكر
يسعى الاستعمار الاستيطاني بأسلوبه الميكافيللي إلى تشويه التاريخ وإفراغه من محتوياته الإيجابية، وذلك ليتمكن من فصل المجتمع الفلسطيني عن قاعدته المتينة التي يرتكز عليها والمتمثلة في ثقافتنا الوطنية وما تشتمل عليه من ثروات هائلة، ومن ثم يحاول أن يقوم بمسخ وتذويب أبناء المجتمع الفلسطيني في الداخل المحتل. ولهذا نراه يعمل على إزالة الآثار وتزوير الوثائق الأصلية وإنفاذ سياسات عنصرية بما يخدم أغراضه وأهدافه في المنطقة.
إن الذي لا يدرس الماضي لا يمكن أن يفهم الحاضر، ومن ثمة فهو لا يستطيع بناء المستقبل لأن عملية البناء والتشييد تعتمد أساساً على الواقع المعاش. ولهذا فإن الفلسطينيين كانوا منذ الحكم العثماني متمسكين بثقافتهم ومبادئهم الوطنية، فواجهوا سياسة التتريك وها هم يواجهون اليوم سياسة التهويد لأنهم يدرسون الماضي بعناية ويعون المخاطر المحدقة بأوطانهم الغالية. في الأشهر المنصرمة ونتيجة للاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة والمتصاعدة بحق كل ما هو فلسطيني كان إنسانا، شجراً أو حتى حجراً مقدساً، ثار أبناء الشعب الفلسطيني في كل مكان وأُطلقت مسميات مختلفة على ثورتهم هذه، فسموها "انتفاضة" تارة و"هبة جماهيرية" تارةً أخرى. إنها جمرة الثورة القادمة بكل تأكيد لأن الشباب الذين يقودونها يخوضون عبرها معركة الحياة، حياة هويتهم وقوميتهم، حياة الأرض المباركة والديار المقدسة. شباب تقدموا إلى الأمام ليكملوا نهج المقاومة والنضال من اجل تحرير الأرض، وأقسموا على أن تكون ثورتهم ثورة حتى النصر، شعارها "لن نتراجع.. لن نيأس.. لن نتعب". في خطوة غير مسبوقة في تاريخ نضال الجماهير العربية في الداخل الفلسطيني، أعلنت لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية، في جلسة عُقدت الأحد الماضي عن إطلاق "اليوم العالمي لدعم حقوق الفلسطينيين في الداخل"، في 30 يناير/كانون الثاني. نأمل أن يلقى هذا اليوم والفعاليات القادمة ردود فعل جدية. وأن تبقى المقاومة ما بقي الاستعمار، وأن تبقى الثورة ما بقي الظلم والاستبداد لأن الوجود الفلسطيني في الداخل المحتل يواجه تهديداً حقيقياً غير مسبوقاً وبحاجة إلى خطوات غير مسبوقة في المقابل أكثر نجاعة وفعالية. لندعم الحق الفلسطيني في الداخل المحتل، ولتصدح حناجرنا بكلمات الحنين والوطن والثورة والمخيم الفلسطيني، وليبقى الحلم الفلسطيني راسخ في أذهاننا ونقول له "لن ننساك". خارطة فلسطين التاريخية هي أيقونة الحلم الفلسطيني التي يجب أن تبقى مرسومة ومحفورة في فكرنا ومخيلتنا، فكما يقول غسان كنفاني " الفكرة إذا ولدت، فليس بالوسع التخلص منها." خارطة وطننا ليست خارطة مرسومة على ورق فحسب، بل هي فكرة ولدت في رؤوسنا وستبقى فيها خالدة لا تموت. المواجهة مع الاستعمار تمر اليوم في مرحلة دقيقة للغاية لا يجب أن يكون فيها رأفة بالخونة والأنذال، لأن الرأفة تعني خيانة لدماء الشهداء الأبرار وتقسيم للخارطة وتمزيق للحلم الذي ضحوا أبطالنا بأرواحهم في سبيله. الحرية حق مقدس فلتبق جمرة الحرية متقدة بداخلنا ولنناضل من أجل استرداد حياتنا وحياة وطننا. |