وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

رقم واحد

نشر بتاريخ: 01/02/2016 ( آخر تحديث: 01/02/2016 الساعة: 11:11 )
رقم واحد
الكاتب: عوني المشني
رقم واحد حلم كبير لكل شخص ، لكل شعب ، لكل مؤسسة ، لكل مجموعة إنسانية ، من منا لم يحلم ان يكون الاول في صفه الدراسي او في دفعة تخرجه من الجامعة ؟!!! عندما تفتخر دولة بأنها رقم واحد في الاكتشافات والاختراعات العلمية فهذا مفخرة ايضا ، اما عندما ينال شعب رقم واحد في الرفاه الاجتماعي فهذا مبعث اعتزاز كبير

وفي فلسطين المعادلة معكوسة ، فأنا شخصيا اكره رقم واحد ، ويحق لشعبنا ان يكره هذا الرقم المشئوم ، لا اقصد نيل محمد عساف رقم واحد في مسابقة محبوب العرب " أراب ايدول " ، هذا الإنجاز الفلسطيني خارج عن المألوف فلسطينيا ، الا تصدقون ؟!!! تعالو لنرى
حسب صحيفة بريطانية فان سلة الغذاء الفلسطينية تحتل رقم واحد في الشرق الأوسط ، فهي الأعلى نسبة للدخل في الشرق الأوسط ، حيث تبلغ ٨٩.٩ ٪‏ من معدل الدخل . أليس هذا إنجاز ؟!!! ها نحن رقم واحد

فاتورة الاتصالات الفلسطينية هي الأعلى في الشرق الأوسط وبدون منافس . ايضا نحن رقم واحد ايضا ، انها مفخرة
ايضا فان سعر المحروقات بالتحديد البنزين والسولار فان سعره في فلسطين هو الأعلى في الشرق الأوسط ، اسرائيل اعلى قليلا ولكن خسئوا ان يأخذو منا رقم واحد ، فإذا ما قورن السعر بمتوسط الدخل نحن نسبقهم ونحصل على وقم واحد .
الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين هي رقم واحد في الشرق الأوسط من حيث ان لديها اقدم قائد للتنظيم ولم يتغير منذ نشأتها قبل أربعون وبضع سنين ، نعم ، نعم واحد
لم تسبقنا الى رقم واحد سوى الجزائر من حيث اكبر الرؤساء في العمر في الشرق الأوسط مع تمنياتنا بطول العمر للجميع
غزة مثلا تحتل رقم واحد حيث انها اكثر مكان في الشرق الأوسط ازدحاما اذا ما قورنت المساحة الى عدد السكان
وماذا بعد ؟؟؟؟

لدينا عدد جامعات اذا ما قورن بعدد السكان اكثر من اي دولة في الشرق الأوسط ، اذا اعتبرنا انه في كل محافظة فرع واحد " مع ان بعض المحافظات هناك فرعين او اكثر "لجامعة القدس المفتوحة ويوازي بعدد طلابه جامعة صغيرة ، هذا لا يعكس تطور نوعي في التعليم .
وربما خسرنا رقم واحد الى جيبوتي ورقم اثنين الى اليمن في معدل البطالة ، فمتوسط البطالة في فلسطين وصل ٢٨٪‏ بينما في جيبوتي واليمن يصل الى ما ينوف ٤٠٪‏ ، خسارة كبيرة ، ولكن ها نحن على الطريق ، حيث وبعد الاحداث الاخيرة في فلسطين زادت نسبة البطالة لتتجاوز ثلاثون بالمائة وإذا ما استمر الحال كما هو الان سنصل بل سنتجاوز حتى جيبوتي لنستعيد الرقم واحد

وقد انتزعنا رقم واحد بجدارة في الدول العربية الأعلى في مؤشرات التعليم ، هذا حسب تقرير الامم المتحدة ولكننا نحتل رقم واحد في الدول العربية في بطالة الخرجين ايضا ؟ نستثمر وطنيا في التعليم ولكن لا نستفيد من نتائجه !!!!
ورقم واحد من نصيب فلسطين في مجالات اخرى كثيرة ،

اما الشعوب الأكثر سعادة في العالم فترتيب فلسطين هو ١١٢ من أصل ١٤٥ عالميا ، اما عربيا فلن نترك خلفنا سوى مصر وتونس والمغرب ، وللاقتراب من رقم واحد اكثر نقلب المعادلة ونقول ان فلسطين تحتل الموقع الرابع في الشعوب العربية الأكثر تعاسة ، هذا قبل ثلاث سنوات ، ربما الان قد تقدمنا لتحتل الموقع الاول او الثاني

عدد منتسبي الأجهزة الأمنية اذا ما قيس بالنسبة لعدد السكان فإننا نحتل رقم واحد ايضا
في فلسطين تحول رقم واحد الى كابوس ، لم يعد حلما ، لم يعد مفخرة ، لم يعد طموح لأحد
سنكون سعيدين لو أجرينا تغييرا لإعادة الاعتبار لرقم واحد في فلسطين
مثلا : ماذا لو أصبحنا رقم واحد في البحث العلمي في الشرق الأوسط
ماذا لو أصبحت وزارة الزراعة او الصناعة رقم واحد في مصروفات الميزانية
ماذا لو أصبحنا رقم واحد في الخدمات التي تقدم للجمهور مقارنة بالضرائب
ماذا لو أصبحنا في تشغيل الخرجين رقم واحد
ماذا لو أصبحنا في الدول العربية الأكثر شفافية رقم واحد
ماذا لو أصبحنا رقم واحد في احترام حقوق الانسان وحرية التعبير وحرية الاختيار
ماذا لو أصبحنا رقم واحد في إستقلالية القضاء

وماذا .......... لها اول وليس لها اخر ، اننا لا نطلب المستحيل لأننا لم نطلب رقم واحد في صناعة الهاي تيك او في أبحاث الفضاء او في فك شيفرة الجينات
ولكن حتى ذلك الحين فان هناك الكثير يستوجب العمل ، ومفاهيم كثيرة يفترض تغييرها ، ولعل أهمها ان للإنسان قيمة ، بل هو القيمة العليا ، وان الشعب الفلسطيني يستحق اكثر افضل من هذا .