وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

الطالب الفلسطيني تفوق على جامعته

نشر بتاريخ: 02/02/2016 ( آخر تحديث: 02/02/2016 الساعة: 11:12 )
الطالب الفلسطيني تفوق على جامعته
الكاتب: المحامي سمير دويكات
أتذكر في العام الدراسي 2006/2005 وفق التصنيف العالمي لمركز ويبومتركس كانت جامعة بيرزيت تحتل المركز الأول على مستوى العالم العربي، وبعد العام 2010، ظهرت جامعة النجاح لعدة سنوات في الصورة واحتلت المركز الخامس تقريبا على مستوى العامل العربي، وفي مستويات متقدمة نوعا ما على مستوى العالم، وفي هذا انجاز ملحوظ لكلتا المؤسستان التي نفتخر أننا احد طلابهما.

لكن عملياً، وفي سبيل هذا الانجاز وتطوره واستمراره ليس كافيا، فالجامعات لا تسير نحو وتيرة واحدة وهدف واحد يستمر بها نحو التقدم، فموقع الجامعتان ليس بمستوى المطلوب أو الرضا، فيمكن لهما أن تحققا أكثر وأكثر، وهذا ليس مقتصرا على الجامعات بل كل المؤسسات الفلسطينية ومنها القضاء والمجلس التشريعي والنيابة والاقتصاد والصحة والتعليم والديمقراطية وحرية الرأي وغيرها.

وفي العودة للتعليم، نجد أن الطلاب الفلسطينيين، في مراحل الدراسات العليا يتقدمون في مستويات عالية جدا في الجامعات العربية والعالمية في الوقت الذي تبقى فيه الجامعات الفلسطينية في مستوى الرضا فقط، فنحن لا نتحدث عن جامعات تمنح شهادات بكالوريوس فقط أو غيرها وإنما أن يكون لدى الطالب قدرة متميزة في مجالات تخصصه وأخرى ومنها أن يكون لديه الكفاءة العالية في البحث العلمي وان يكون متقن للغة أجنبية أخرى وليس مستويات ادني من الخبرة العملية.

ففي بعض الأحيان يتخرج طالب الهندسة ولا يعرف كيفية تشييد البناء عمليا أو لا يعرف مسميات مواد البناء التي سيقوم بالإشراف عليها لاحقا والتخطيط لها وإلزام البناء في تشييدها وفق ما يراه، إنها عملية معقدة لكيفية بناء طالب يتقن فنون التقدم في الحياة العملية بأقل جهد، ولكن تحتاج إلى خطط، وهنا أتذكر موظفة تسجيل في إحدى الجامعات أنها قالت لي عن احد الأساتذة أن خطة مساقة لم تعدل أو يجري تطوير عليها لأكثر من عشرة سنوات.

وفي هذا ليس صعب، ومن خلال تجربتي الشخصية وجدت أن هناك طلاب يتفوقون على غيرهم لأنهم بذلوا جهدا إضافيا في زيادة خبرتهم العملية من خلال الانخراط مبكرا في مؤسسات تابعة لهم شخصيا أو من خلال تدريب أو تطوع أو غيره، ولم يكن لجامعاتهم اثر مباشر في التميز الشخصي عن باقي غيرهم.
الجامعات تقدم الكثير وهي رائدة في بعض التخصصات، فمثلا كثير من المهندسين في دول الخليج هم خريجو الجامعات الفلسطينية، ولكن الجامعات الفلسطينية بقيت دون تطوير في بعض النواحي ومنها عدم التطوير في إتقان لغة إضافية أو تنمية البحث العلمي أو بناء الخبرة الإضافية.

الملاحظ هنا، أن الطلاب جاهزون ولكن هناك مشكلات متعلقة بالإدارات في الجامعات ومنها:
1. إدارة الجامعات لديها مشكلات متعلقة بكل جامعة، فالجامعة التي تربط مؤسستها بشخص بعينه، لديها مشكلة حقيقية، وتحتاج إلى احترام كفاءاتها وطلابها وموظفيها وأساتذتها.
2. التعيين في الجامعات ما يزال لا يلبي مبادئ النزاهة والشفافية وكان الجامعات مرتبطة بأسماء عائلات، فكم نرى إعلانات وظائف لجامعات، فالتعيين في بعض الجامعات يجب قبل كل شيء أن يترافق مع رضا الأب الأكبر فيها، لأنه حسب القانون في كل وظيفة يجب الإعلان عبر وسائل يمكن أن تصل إلى الناس وان تجري إجراءات تعيين نزيه ولاعتبارات موضوعية، فمثلا في إحدى الجامعات تم نشر إعلان لطلب محاضر قانون خاص، ولكن في النهاية تم تعيين فتاة جميلة ذات تخصص قانون عام.
3. البحث العلمي ومثلا في مجال القانون لم أرى بحثا منشور لأحد أساتذة الجامعات احدث فرقا في الفكر القانوني، ومن خلال تتبعي لرسائل الماجستير في أحيان كثيرة هي عبارة عن أدلة وتجميع بيانات ومعلومات وليس أطروحات علمية.
4. إتقان لغة على الأقل، دارس التخصصات على جميع مستوياتها يجب أن يكون لديه لغة أخرى، المشكلة في دراسات اللغات في الجامعات تدرس على أيدي أناس في بعض الأحيان لا يتقنون اللغة تماما، وطريقة تدريسها تذهب بالطلاب إلى كره دراستها أو سماع اسمها، وخاصة أنهم يركزون على الأصعب منها، فيركزون على القواعد على مدارس ستة عشر عام ويتخرج الطالب وهو عاجز عن التعبير عن نفسه في اللغة التي درسها.
5. الخبرة العملية، أدركت بعض الجامعات المشكلة ولكنها لم تحلها تماما، فلماذا لا يخصص 30% من المساقات وان تكون عملية مثل دراسة القانون؟ لا يصلح دارس القانون مثلا إلا في فهم الحياة العملية للممارسة القانون وان يتقن لغة أخرى، فما نقع به من فساد الرأي القانوني وخراب المؤسسات إلا لان البعض انتسب لجامعة فقط وتخرج منها دون أن يدرس الأصول القانونية والعلمية.
6. الإيرادات في الجامعات تصرف في معظمها على رواتب موظفين غير ضروريين، ولا يخصص أية موازنات لأغراض البحث العلمي وبرامج تنموية، مع أن بعض الجامعات نحت منحا جيدا أخيرا في هذا المجال ومستشفى النجاح مثالا.
7. أخيرا، الجامعات لديها قدرة فائقة في إحداث التغيير، ولكن يلزمها التخلي عن الفكر العائلي للإدارات ومنح الكفاءات لاستلام مناصبها المتقدمة واقتراح التغيير الشامل نحو الأفضل، والاستعانة بخبرات محلية ذات تأثير عملي كبير.

هذا الكلمات ليس للتغييب على احد أو المناكفة، بل لأننا نستحق الأفضل ونحتاج إلى التغيير، وتليين الرؤوس، عندما تدرك أن هناك من هو قادر على تقديم الأفضل ولديك الرغبة في التطوير والتنمية من خلاله تستطيع أن تقدم شيء، ولكن إذا كان لديك الفكرة أن من تعلمه ربما يأتي مستقبلا لمنافستك أو منافسة ولدك أو ابنتك أو أخيك، وقتها سنبقى نراوح محلنا.