|
همسات تحت الثلج
نشر بتاريخ: 02/02/2016 ( آخر تحديث: 02/02/2016 الساعة: 19:10 )
الكاتب: عطا الله شاهين
اندهشتُ ذات صباحٍ حينما دخلتْ إلى غُرفةِ الصّف تلك المعلمة الفائقة الجمَال، وأكثر ما شدّني صوبها ملابسها الضّيّقة، فأنا لمْ أتوقّعُ بأنّ مُعلمةً ستأتي بتنورةٍ قصيرةٍ لتعلّمني اللغة الروسية. فما زلتُ أذكرُ عينيها السّاحرتين، وحينما رأيتها عنْ قُربٍ اندهشتُ أكثر مِنْ سحرِ عينيها، وسلّمتْ علينا بصوتٍ رائع وعرّفتْ عنْ حالِها وقالتْ : أحبُّ التّعرف عليكم .. فبدأنا نقول لها أسماءنا وراحتْ تشرحُ الدّرس الأوّل، ولكنَّني لمْ أفهم حينها شيئا، لأنَّها كانتْ جذّابة بطلّتها، لدرجةِ أنني نسيتُ كُلَّ أغراضي حينما خرجتُ مِنَ الحصّة..
ومع مُرورِ الوقتِ، توطّدتْ علاقاتي معها، ومِنْ مخالطتي المُستمرّة معها استطعتُ تعلّمَ اللغة منها. وأذكر في عشيةِ رأسِ السَّنة أتتْ صوبي بعد انتهاءِ الدّرس ودعتني للاحتفالِ معها، وقالتْ: عند منتصفِ الليل سترى جوَّ رأس السّنة الرائع، لأنَّ الليلة ستسقطُ الثّلوج وسنحتفلُ تَحْتَ الثلج، لكنّني رفضتُ في البداية، إلا أنَّها ألحّتْ عليّ المجيء، وحين أتيتُ إلى عندها، رأتني أرتجفُ مِنْ شدِّة البرْدِ، ولكنْ أدخلتني إلى الشُّقة الصّغيرة وشعرتُ لحظتها بدفءِ المكانِ، وجلسنا سوبة وتحدّثنا كثيراً في أُمورٍ عدّة وضحكنا حتّى مُنتصف الليل.. وعند منتصف الليل خرجنا إلى الشّوارع وكانَ المنظرُ رائعا، فنُدف الثّلج كانتْ تتساقطُ بشكلٍ غزير.. فرُحنا نلعبُ في الثّلج بكل حُبِّ، ولكنّني تجمّدتُ هناك، ولاحظتْ هي بأنَّني ارتجفُ فخبّأتني تَحْتَ معطفِها وشعرتُ بدفءٍ مختلفٍ، وكنتُ لحظتها خجلاً، لأنني أول مرة أكونُ فيها مع امرأةٍ مع أنَّ الخجلَ لمْ يمنع مِنْ مُشاغباتي اللطيفة معها. وبعد عدّة شهورٍ من إنهاءِ دورةِ دراسة اللغة أردتُ العودة إلى الوطن، وبعد انتهاء زيارتي للوطن، عدتُ إلى ذاك المعهدِ وسألتُ عن تلك المُعلمة، فقالوا لي بأنَّها تزَّوجتْ قبل أسبوعين، فرحتُ أبحثُ عنها لكيْ أُباركَ لها زواجها، فوجدتُها تُصلّح أوراق الامتحانات اليومية في غُرفةِ المعلمين، فسلّمتُ عليها وقلتُ لها: مبارك زواجكِ، فشكرتني باحتضانٍ عادي وقالتْ: لقد تمتّعتُ معكَ، فأنتَ كنتَ شابّاً لطيفاً معي .. فشكرتُها وودّعتها لأنّه وقع الاختيار عليّ للدّراسةِ في مدينةٍ أُخرى.. ومنذ ذلك الحين لمْ أتمكّن مِنْ نسيانِها، لأنَّها كانتْ رائعةً في همساتِها تَحْتَ الثَّلج.. |