وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

رئيس الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني بمناسبة اليوم العالمي لكبار السن

نشر بتاريخ: 28/10/2007 ( آخر تحديث: 28/10/2007 الساعة: 16:52 )
كلمة د. لؤي شبانه
رئيس الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني/ المدير الوطني للتعداد
بمناسبة اليوم العالمي لكبار السن، 01/10/2007

حضرات السادة على المنصة مع حفظ الألقاب
السيدات والسادة الحضور

تحددت العلاقة بين الإحصاء وصناعة السياسات في عصر مجتمع المعلومات والعولمة بأنها علاقة جدلية يلعب الإحصاء فيها دوراً مركزياً، حيث يسبق عملية صناعة السياسة، فهو أحد متطلبات تصميم السياسات، وهو أيضاً أحد الأدوات المركزية في تقييم تطبيق السياسات وقياس فاعليتها وأثرها. وتشير التجربة الدولية إلى أن هناك حالة من التفاعل الإيجابي بين عملية صنع القرار في السياسة وعملية إنتاج وتقديم الإحصاءات الرسمية إلى صانعي القرار. لذلك يعتبر التعاون الوثيق بين منتجي الأرقام الإحصائية وصناع السياسة أحد المتطلبات المركزية لبناء نظام فعال يقدم خدمات ذات جودة عالية للمجتمع شريطة الحفاظ على استقلال كل من هذين الفريقين لضمان الشفافية والنزاهة المهنية في إصدار الإحصاءات وفقاً للمبادئ الأساسية والأعراف المهنية المعتمدة دولياً.

لقد شهدت الأراضي الفلسطينية تحسنا ملحوظا في مختلف جوانب الحياة كالمستوى الصحي والمعيشي منذ بداية العقد الماضي مما انعكس بالإيجاب على أفراد المجتمع، فارتفعت معدلات البقاء على قيد الحياة إلى نحو 5-6 سنوات خلال العقد ونصف العقد الماضيين، حيث ارتفع من نحو 67 سنة لكل من الذكور والإناث عام 1992 إلى 72 سنة للذكور و 73 سنة للإناث لعام 2006، وقد أدى ارتفاع معدل البقاء على قيد الحياة إلى ارتفاع أعداد المسنين. وتشير الإحصاءات إلى تغيرات هيكلية على بنية الأسرة الفلسطينية، حيث زادت نسبة الأسر المكونة من فرد واحد فقط من 2.8% عام 1995 إلى 3.5% عام 2006، وشهدت نسبة الأسر المركبة تراجعاً ملموساً خلال العقد الماضي لصالح الأسر النووية وصل 34% حيث بلغت نسبة الأسر المركبة 18% عام 2007 بعد أن كانت 28% عام 1995 . وهذا يشير إلى أن المستقبل سوف يشهد نسبة غير قليلة من المسنين الذي لا يعيشون في أسر مركبة مع أبنائهم وبناتهم بل سيقيمون لوحدهم، وهذا سيفرض على السلطة التنفيذية والتشريعية تحديات جديدة في تقديم الخدمات الاجتماعية والصحية واستحداث القوانين والتشريعات الناظمة لهذه الظاهرة في إطار التطور المجتمعي.



وقبل أن أبدأ بوصف واقع كبار السن في الأراضي الفلسطينية بلغة إحصائية رقمية، اسمحوا لي أن أذكركم بأن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني بدأ المرحلة الثانية من التعداد العام للسكان والمساكن والمنشآت، حيث ينفذ هذا التعداد للمرة الثانية كاستحقاق قانوني وتنموي وإحصائي. وهذا التعداد يقوم على أكتاف أبناء هذا المجتمع، وهذه الحملة الوطنية الكبرى بحاجة إلى مساهمة الجميع في إنجازها وتوعية المجتمع بشأنها.

الأوضاع الديمغرافية لكبار السن (65 سنة فاكثر)
ثبات نسبة كبار السن في الأراضي الفلسطينية خلال السنوات القادمة

يمتاز المجتمع الفلسطيني بأنه مجتمع فتي حيث تشكل فئة صغار السن حوالي نصف المجتمع في حين لا تشكل فئة كبار السن أو المسنين سوى نسبة ضئيلة من حجم السكان. في منتصف العام 2007، بلغت نسبة كبار السن (الأفراد 65 سنة فاكثر) 3.0% فردا (بواقع 2.5% بين الذكور، و3.4% بين الإناث)، مع العلم أن نسبة كبار السن في الدول المتقدمة مجتمعة قد بلغت 16.0% من إجمالي سكان تلك الدول، وحوالي 5.0% فقط من إجمالي سكان الدول النامية مجتمعة.

رغم الزيادة المطلقة لأعداد كبار السن خلال السنوات القادمة إلا انه يتوقع أن تبقى نسبتهم من إجمالي السكان منخفضة. وقد يعزى ثبات نسبة المسنين من إجمالي السكان خلال السنوات القادمة إلى استمرار تأثير معدلات الخصوبة المرتفعة -خاصة في قطاع غزة- على التركيب العمري للسكان، مع ملاحظة وجود فروق واضحة ما بين نسب كبار السن في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة إذ بلغت حوالي 3.4% في الضفة الغربية و2.5% في قطاع غزة لعام 2007.

على مستوى الجنس، فقد بلغت نسبة الأفراد 65 سنة فأكثر في الأراضي الفلسطينية لعام 2007 حوالي 2.5% للذكور مقابل 3.4% للإناث، بنسبة جنس مقدارها 74 ذكر لكل 100 أنثى. وارتفاع نسبة الإناث مقابل الذكور لدى كبار السن تعود لأسباب بيولوجية وصحية، حيث يزيد العمر المتوقع للبقاء على قيد الحياة للإناث مقابل الذكور في معظم دول العالم. يبلغ العمر المتوقع للبقاء على قيد الحياة في الأراضي الفلسطينية 73.3 سنة للإناث و71.8 سنة للذكور، مقابل 73.0 سنة للذكور و80.0 سنة للإناث في الدول المتقدمة، في حين بلغ 64.0 سنة للذكور، و67.0 سنة للإناث في الدول النامية.


الأسرة وكبار السن
أسرة من بين كل عشرة أسر في الأراضي الفلسطينية يرأسها مسن (10%)

بلغت نسبة الأسر التي يرأسها رب أسرة مسن 10.0% من الأسر الفلسطينية. وتشير البيانات إلى أن متوسط حجم الأسر التي يرأسها مسن تكون في العادة صغيرة نسبيا إذ بلغ متوسط حجم الأسرة التي يرأسها مسن في

الأراضي الفلسطينية 3.7 فردا مقابل 6.6 فردا للأسر التي يرأسها غير مسن، مع العلم أن متوسط حجم الأسرة الفلسطينية لعام 2006 قد بلغ 6.3 فردا.

وعند توزيع كبار السن حسب حالتهم الزواجية نجد أن 87.0% من كبار السن الذكور في الأراضي الفلسطينية هم متزوجون مقابل 35.9% من الإناث متزوجات، في حين بلغت نسبة الأرامل من كبار السن 11.6% للذكور، مقابل 59.1% للإناث

كبار السن وسوق العمل
9.5% من المسنين مشاركين في القوى العاملة الفلسطينية، واكثر من ثلثي العاملين منهم يعملون لحسابهم

يرتبط تعريف المسن في كثير من الدول بسن التقاعد فيها، حيث يفترض بالأفراد الذين يبلغون الخامسة والستين من العمر فاكثر أن يكونوا خارج القوى العاملة، لكن للظروف الاقتصادية أو الاجتماعية التي يعيشها كبار السن أو من يعيلوهم قد تدفعهم لان يكونوا داخل القوى العاملة لسنوات إضافية أخرى قد تصل حتى بداية عقد الثمانينات من العمر أحيانا، فقد بلغت نسبة مساهمة كبار السن من إجمالي المشاركين في القوى العاملة في الأراضي الفلسطينية 9.5% عام 2006، وعند توزيع كبار السن حسب الحالة العملية تظهر النتائج أن 7.5% هم أصحاب عمل، و70.5% يعملون لحسابهم و11.0% مستخدمون بأجر، في حين 11.0% أعضاء أسر غير مدفوعي الأجر، ويتضح من ذلك أن معظم كبار السن المشاركين في القوى العاملة يعملون لحسابهم الخاص أو لحساب أسرهم أو مستخدمين بأجر، في حين هناك نسبة بسيطة من كبار السن هم أصحاب عمل.

الحالة التعليمية
ارتفاع نسبة الأمية في صفوف كبار السن

عند دراسة الواقع التعليمي لكبار السن فان الإحصائيات تشير إلى أن هناك نسبة عالية منهم أميون، إذ بلغت نسبة كبار السن الذين لـم ينهوا أيـة مرحلة تعليمية 79.1% من مجمل كبار السن، في حين لم تتجاوز نسبة كبار السن الذين أنهوا دبلوم متوسط فأعلى في الأراضي الفلسطينية في العام 2006 سوى 3.7%. كما أظهرت بيانات التعليم أن هناك تمايزا واضحا بين الذكور والإناث في التحصيل العلمي، حيث أن نسبة كبار السن الذكور الذين أنهوا دبلوم متوسط فأعلى في الأراضي الفلسطينية بلغت 7.0%، مقابل 1.1% من بين الإناث المسنات. أما بالنسبة لمن لم ينهوا أية مرحلة تعليمية، فبلغت النسبة لدى كبار السن الذكور في العام 2006 في الأراضي الفلسطينية 64.2% مقارنة مع 90.3% للإناث.

الحالة الصحية
ثلث كبار السن مصابون بأمراض ضغط الدم

هناك ارتباط وثيق ما بين الوضع الصحي للأفراد والتقدم في العمر، فهناك علاقة وثيقة ما بين تقدم العمر والأمراض وخاصة الأمراض المزمنة وأمراض الشيخوخة كالسكري، وأمراض القلب، والسرطان. ورغم أن توصيات الأمم المتحدة تؤكد على حق المسن في الاستفادة من برامج الرعاية الصحية في دولهم في حدود الموارد المتاحة، إلا أن كبار السن في معظم الدول لا يتلقون الرعاية المأمولة نظرا لسوء الأوضاع الاقتصادية والصحية السائدة ووجود اهتمامات أخرى ذات الأولوية الأولى لتلك الدول، والأراضي الفلسطينية لا تختلف كثيرا عن باقي الدول النامية في نسب ومعدلات الإصابة بالأمراض المزمنة والإعاقات لكبار السن، إذ تشير البيانات إلى أن نسبة الإصابة بالأمراض التالية: السكري (23%)، ضغط الدم (37%)، أمراض القلب (12%)، القرحة (6%)، أمراض المفاصل (18%) من مجمل الأفراد 65 سنة فاكثر، مع العلم أن نسبة إصابة الأفراد بالأمراض المزمنة على مستوى الأراضي الفلسطينية قد بلغت للسكري 2.6%، ضغط الدم 3.3%، أمراض القلب 1.2%، القرحة 1.0%، أمراض المفاصل 2.1%.

وعند دراسة نمط الإعاقة بين كبار السن أظهرت بيانات عام 2006 أن نسبة المعاقين من كبار السن بلغت 17.7% من مجمل كبار السن، وعند دراسة أنواع الإعاقة كانت الإعاقات الحركية والبصرية والسمعية اكثر أنواع الإعاقات انتشارا لدى كبار السن إذ بلغت على التوالي 44.3%، 23.1%، و15.8%، بينما بلغت نسبة الإعاقات الحركية والبصرية والسمعية للسكان في الأراضي الفلسطينية بشكل عام 47.5% و27.2% و15.2%.

ما هو المطلوب في ضوء المعطيات السابقة

1. إن التغييرات التي تشهدها تركيبة الأسرة الفلسطينية تتطلب تشريعات تحافظ على حقوق المسنين وكرامتهم.
2. تشير الإحصاءات إلى الحاجة إلى برامج تستهدف المسنات، ولعل البرامج التي تستهدف الأرامل تصيب أكثر المسنات إذ أن نسبة الأرامل حوالي 60%.
3. من الواضح بأن هناك حاجة لاستهداف المسنين في البرامج الصحية لا سيما التأمين الصحي خصوصاً للأمراض المزمنة مثل السكري وضغط الدم يلي ذلك أمراض القلب وأمراض المفاصل.
4. هناك حاجة لاستهداف المسنين في برامج رعاية المعاقين لا سيما الإعاقات الحركية والسمعية والبصرية



وفي الختام دعوني أشدد على أهمية الأدوات التنموية في تنفيذ البرامج، فبينما أن العالم أصبح بفعل العولمة قرية كبيرة تتفاعل فيها المجتمعات وتسبح بها المعرفة دون قيود، وتنتقل فيها الأفكار بشكل واسع إلا أن الجهود التنموية في فلسطين لم تفلح حتى الآن في نقل المجتمع من واقع لآخر ويعتقد الكثيرون أن هناك هدراً كبيراً في المصادر المالية التي أنفقت في البلد منذ تأسيس السلطة الوطنية الفلسطينية قبل ثلاثة عشر عاماً.

إن نقل التجارب التنموية أمر محمود ويجب أن يؤخذ به، حيث هذه سمة التراكم والتفاعل والتعلم من تجارب الأمم الأخرى، إلا أن ما حصل في نقل التنمية من الدول المتقدمة لا سيما في فلسطين استند بشكل جوهري على نقل الأفكار والأدوات كما هي دون تطويعها أو ابتكار أدوات وطنية بديلة تخدم تحقيق الأفكار، وهذا جعل النموذج التنموي في بعض الأحيان لا يتلاءم مع الواقع أو انه مصطنعاً في كثير من الأحيان، انه نموذج غريب ولا يستخدم أدوات وطنية متوفرة في المجتمع الفلسطيني. إن خلاصة ثلاثة عشر عاماً من محاولات التأسيس لوضع تنموي افضل علمتنا أن التطور التنموي في فلسطين اصطدم بالاحتلال واصطدم بالعوائق الداخلية، ولكنه أيضا لم ينجح في كثير من الأحيان بسبب عدم توطين أدواته.

وأخيراً أتقدم لمنظمي هذا اللقاء كل التقدير والشكر والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته