|
"مسرح نعم" يطلق أول مسرح للدمى في الخليل
نشر بتاريخ: 16/02/2016 ( آخر تحديث: 16/02/2016 الساعة: 13:00 )
الخليل- معا- منذ انطلاقته مطلع العام 2008، عمل "مسرح نعم" وما زال على برامج فنية متنوعة تستهدف في ستين بالمئة منها على الأقل فئة الأطفال من عمر ثلاثة أعوام وحتى 18 عاما.
فقد تنوعت برامج المسرح، والذي يعتبر المسرح الوحيد المتخصص بموضوع (الدراما في التعليم) والذي يحوي طاقما فنيا يملك خبرة أكثر من ثمانية عشر عاما في هذا المجال في مدينة الخليل، فمن إنتاج مسرحيات للكبار ومسرحيات تربوية للأطفال، مرورا ببرنامجي نعم للشباب ونعم للمستقبل اللذين يستهدفان المعلمين والمنشطين والخريجين الذين لتخصصاتهم وعملهم علاقة مباشرة بالعمل مع الأطفال والطلبة، وصولا إلى ورشات الدراما للأطفال بين عشرة إلى ثمانية عشر عاما، ومسرحيات الدمى التي ينتجها المسرح دمىً ونصاً وتمثيلاً للنساء وللأطفال تحت سن عشر سنوات بشكل خاص. ولعل لقسم الدمى الذي تم تأسيسه في "مسرح نعم" منذ قرابة العامين خصوصية مختلفة، كونه يتعامل مع المرأة الفلسطينية ومع الأطفال تحت سن العشر سنوات بشكل خاص أولاً، ويعمل فيه ستة من خريجي "مسرح نعم" – أربع فتيات وشابين. ولعل تجربة الفتيات في هذا المجال هي ما يميز هذا القسم ثانيا، كونهن يمتلكن خبرة واسعة تزيد عن ست سنوات في مجال التدريب والتمثيل والكتابة وصناعة الدمى بأنواعها. إن الهدف العام لقسم الدمى هو تقديم فعاليات وأنشطة من أجل صحة نفسية أفضل للنساء وللأطفال. ويتم تحقيق هذا الهدف من خلال تقديم عروض مسرحية تسلط الضوء على مشاكل المرأة والطفل وتساهم في تعديل السلوك من خلال تقديم قيم ورسائل تربوية باستخدام الدمى. وأيضاً من خلال عمل ورشات للأطفال في المدارس يتعلمون من خلالها صنع الدمى ويقومون في نهاية الورشة بعمل اسكتشات مسرحية يستخدمون فيها الدمى التي قاموا بتصنيعها. كذلك تنفيذ ورشات تصنيع دمى للمعلمين والمرشدين والعاملين مع الأطفال وورشات عمل مع النساء الهدف منها استخدام وسائل جديدة في التفريغ والتعبير عن الذات وعن مشاكلهن وهمومهن وحقوقهن. ولأمهات الأسرى نصيب في هذا المجال من خلال تنفيذ ورشات ألعاب دراما ودمى الهدف منها التفريغ وإفساح المجال ليعبرن عن مشاعرهن. وتنفيذ ورشات مع مرضى السكري الهدف منها خلق جو من المتعة والتعبير عن الذات. خلال مقابلتنا لمديرة البرنامج (دمى من أجل الأطفال) سليمى رمضان والفتيات الأربع المنشطات العاملات في هذا القسم كان لنا الحديث التالي: سليمى رمضان، بصفتك مديرة قسم الدمى في "مسرح نعم"، هلا تفضلت بإخبارنا لماذا الدمى؟ وما هي خططكم للمستقبل في هذا المجال؟ - شكرا على السؤال، أنا سليمى رمضان من بيت لحم، مديرة قسم الدمى بمسرح نعم. يعد مسرح الدمى من الأساليب والوسائل التعليمية والتربوية الهادفة التي تساهم في تنمية خيال وتفكير الطفل وتطوير الجوانب الإيجابية لديه. كما يعد مسرح الدمى من أنجع الوسائل لبث رسائل تربوية، أخلاقية ومجتمعية هادفة وسامية من شأنها الإسهام في تنمية شخصية الطفل. مسرح الدمى هو مسرح موجه للطفل خاصة وفئات أخرى من المجتمع كوسيلة ترفيهية في المقام الأول وكوسيلة تعليمية هامة توصل وتعلم القيم الإيجابية للطفل بطريقة سلسلة في المقام الثاني. وتكمن أهمية استخدام الدمى ومسرح الدمى كجزء من "مسرح نعم" كونه يمثل ترجمة حقيقية لسلوك الطفل ووسيلة راقية ومؤثرة فيه، فالطفل يولد مزوداً بأجهزة وعي يمكنها استقبال الفنون ويستجيب بشكل أكثر عمقاً لما يقع في دائرة اهتمامه. كما ويعطي استخدام الدمى النموذج والمثل والقدوة بشكل أكثر تجسيداً مع احتفاظه بصفة العمق والتحليل معاً، وذلك بسبب امكانية مخاطبة مواضيع وقضايا يصعب التطرق إليها بالوسائل الأخرى. أي أن مسرح أسلوب "مؤثر" سببه أن المسرح يتلاحم مع الطفل في الحوار والمضمون . الآنسة بشرى الأطرش، من مدينة دورا، خريجة (نعم للشباب 2010)، حاصلة على درجة الماجستير في مجال استخدام الدراما في التعليم والتعامل مع الأطفال، مثلت في أكثر من مسرحية للكبار، نفذت عدة ورشات دراما مع الأطفال، ساعدت في إخراج عدد من مسرحيات الأطفال (من الطالب للطالب). بشرى، أنت تعملين في قسم مسرح الدمى منذ تأسيسه قبل ما يقارب العامين، لماذا كنتِ من الذين تم اختيارهم للعمل في هذا القسم؟ وما هي المؤهلات التي تملكينها قبل انضمامك لقسم الدمى؟ وما هي أمنيتك للمستقبل؟ - قبل كل شيء، فإن اختياري للعمل في قسم الدمى كان مصدر فخر بالنسبة لي، وباعتقادي أن الاسباب التي تم اختياري وفقا لها تتعلق بعدة أمور أهمها التدريب الذي تلقيته في "مسرح نعم" تحديدا من خلال برنامج (نعم للشباب). لأن هذا البرنامج منحني الكثير من المهارات وعزز لدي قدرات مكنتني من تنفيذ أنشطة وورشات تدريبية مع نساء وأطفال ومعلمين ومرشدين في مجال تصنيع الدمى وتوظيفها في التعليم وتعديل السلوك، وإذا ما تطرقت بموضوعية لأسباب اختياري فأنا أرى أن معظم هذه الاسباب تعود لأمور ومهارات صقلها لدي المسرح أهمها الصبر، تحمل ضغط العمل، حب العمل مع الأطفال ومجموعات النساء والمعلمين، وأخيرا تراكم الخبرات التي اكتسبتها وطورتها على يد أعمدة المسرح الثلاثة، رائد الشيوخي، محمد الطيطي، وإيهاب زاهدة الذين زودوني بأدوات وأساليب وظفتها وأوظفها في عملي، مما ساعدني أيضا على مستوى التخطيط والتنفيذ للأنشطة التي انفذها أنا وزملائي في قسم الدمى وانشطة المسرح ككل. أنا حاصلة على ماجستير أساليب تدريس حديثة، ورسالة الماجستير كانت عن توظيف الدراما في التعليم وخاصة قواعد اللغة العربية ومعالجة الضعف بها باستخدام وتوظيف اساليب وطرق الدراما التعليمية. ومن الجدير بالذكر ان موضوع رسالتي أتى وليد تجربتي في المسرح والبرامج التدريبية التي تلقيتها من أساليب الدراما ولعب الدور وسرد القصة وعباءة الخبير ومسرح الدمى. وقد حصلت على درجة الامتياز بها، هذا لأنها وبنظر الدكاترة والأساتذة المتخصصين الذين ناقشوها رسالة قوية جديدة تخدم التعليم ومجهود تمتزج به خبرة المسرح مع الدراسة الاكاديمية. كل هذه الاسباب مجتمعة وأبرزها سعي المسرح لتطوير خبراتنا باستمرار جعلتني أواكب كل ما هو جديد في المجال الأكاديمي ومجال المسرح لكي أتمكن من التميز في عملي في قسم الدمى. أمنيني الشخصية تصوير حلقات تعليمية للغة العربية توظف فيها استراتيجيات الدراما التعليمية للطلاب الذين لديهم صعوبات تعلم لأن هذه الفئة بحاجة لأساليب حديثة تجعلهم يحبون المواد الدراسية ويشاركون فيها بفاعلية، خصوصا ان الدراما التعليمية بأساليبها المختلفة من أنجع الطرق لهذه الفئة، وهذا تم إثباته علميا. كما أتمنى ان تنتشر الدراما التعليمية في التدريس. - السيدة وفاء العملة من بلدة بيت أولا، وأنت أيضا معلمة في إحدى مدارس التربية والتعليم، لماذا برأيك قرر "مسرح نعم" تأسيس قسم الدمى وبهذا التوقيت بالذات؟ في الوقت الذي بدأ فيه "مسرح نعم" باستهداف فئات مختلفة من المجتمع المحلي وتعميم الأنشطة وتوسيعها واستهداف فئات جديدة من معلمين ومرشدين وخريجي جامعات ضمن برنامج (نعم للشباب) والصدى الطيب لهذا البرنامج وأثره الواضح على كل الفئات التي تعامل معها، كان لا بد لمسرح نعم أن يركز على فئة هامة لم تكن تندرج تحت أي من الأنشطة التي يقدمها المسرح وهي الفئات العمرية من 3 إلى 10 سنوات، وبالتالي فقد تم استحداث فكرة مسرح الدمى التي جاءت نتاجا طبيعيا المتطلبات المرحلة المهمة من انتشار "مسرح نعم" ضمن أنشطته المختلفة، ولتوسع الفئة التي تم تهميشها في كثير من المؤسسات. في خطوة لاحقة تم التركيز على المرأة من خلال ورشات تصنيع الدمى واستخدامها في التفريغ النفسي والتعبير عن النفس. أما لماذا مسرح الدمى في هذا التوقيت؟ فضمنيا، إن التطور من المسرح التجريبي إلى إضافة مسرح دمى يستطيع من خلاله المحركون إيصال الأفكار والرسائل الهامة التي يعمل المسرح على تطويرها وتقديمها، له أثر واضح في التغيير، فنحن بأمس الحاجة إلى التنويع والتجديد خاصة فيما يتعلق بمرحلة الطفولة وخصائصها المختلفة. إن النجاح الذي أحرزه "مسرح نعم" قاد إلى تطور من نوع آخر، ألا وهو التجديد والحداثة في الأساليب المقدمة في عرض أي قضية اجتماعية تربوية تعليمية أو حتى قضايا إنسانية على كل الأصعدة ليصل الأمر إلى أن يتم تطوير مسرح الدمى الذي يهدف إلى رفع وتقوية مشاركة الطفل والمرأة في التعبير عن حقوقهما ورأيهما بأسلوب أتاح لهما التواصل مع المجتمع دون خوف أو قلق بأداة فنية مقنعة وقادرة على إحداث التغيير . إن المؤهلات العلمية التي أملكها وهي شهادة البكالوريوس (معلم صف) كانت المدخل لي لعالم الأطفال والطفولة والانضمام للعديد من المؤسسات المختصة بهذا الشأن والعمل على تطوير نفسي بعدة ورشات وتدريبات كان أهمها برنامج (نعم للشباب) في العام 2011، حيث كانت نقطة انطلاقي نحو منحى آخر من العمل والتطور، بالإضافة إلى ورشات متعددة في التخطيط وإدارة المشاريع والعمل مع الأطفال في أكثر من مشروع حيوي في الخليل وبلدية بيت أولا الأمر الذي جعلني أكتسب خبرة جيدة في تطوير ما هو مهم لتغيير حقيقي مع الفئات التي أتعامل معها . حلمي المستقبلي ان يكون المسرح اداة متوافرة ومتاحة في مدارسنا ورياض الاطفال ومعظم المؤسسات العاملة في مجال المرأة والطفل لما لها من دور كبير وعظيم في التغيير الحقيقي في المجتمع. ديانا السويطي، من بلدة بيت عوا، والتي مثلت أيضا في أكثر من عمل مسرحي كان آخرها مسرحية (البحث عن حنظلة) التي لا زالت عروضها مستمرة للآن، ديانا، ما هي الفئات المستهدفة لمسرحيات الدمى التي تنتجونها؟ أين يتم عرضها وما هي المواضيع التي تتناولها؟ - الفئات المستهدفة لمسرحيات الدمى هي فئة الأطفال من عمر 3 الى 10 سنوات بشكل خاص، وقد تستهدف الأطفال حتى 18 عاما أيضا، بما في ذلك الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة. ولكي يكون العمل أكثر جدوى وفائدة تم توسيع دائرة الاستهداف من محيط الطفل إلى النساء والامهات والمعلمين والمرشدين التربويين لكي يكون العمل متكاملاً. أي العمل مع كل من له علاقة مباشرة بالطفل. ويتم عرض مسرحيات الدمى التي يتم إنتاجها في قسم الدمى في مسرح نعم في محافظة الخليل، وفي قرى ومخيمات محافظة الخليل، والمناطق المهمشة كمسافر يطا والقرى المحاذية لجدار الفصل العنصري، والمناطق المهمشة في المدينة نفسها، كما ويتم عرضها في مدينة بيت لحم وقراها. ونحن نطمح للتوسع أكثر وأكثر للوصول إلى كافة مناطق فلسطين. أما المواضيع التي تتناولها المسرحيات التي يتم إنتاجها في قسم الدمى في مسرح نعم فهي كثيرة ومتعددة منها على سبيل المثال لا الحصر التسامح، عدم التمييز، تشجيع القراءة، الثقة بالنفس، التعرف على ثقافات الآخرين، التعاون، احترام الوالدين، الاعتماد على النفس، الإيمان بقدراتنا، الوفاء، التحفيز على التفكير والنجاح، الصدق ... وغيرها. أتمنى أن نستطيع الوصول إلى كافة مناطق فلسطين للوصول إلى كل طفل وامرأة في هذا الوطن، والوصول لكافة طلبتنا في كافة مدارسهم ليحصلوا على حصتهم من هكذا أنشطة. السيدة علا أبو سنينة، كيف ينظر المجتمع إليك كسيدة تعمل في مجال فني، وما هي أبرز المشاكل التي تواجهيها؟ - في بداية عملي كمتدربة في "مسرح نعم" واجهت بعض الصعوبات من ناحية تقبل أسرتي للموضوع، ومن ثم من المجتمع لتقبل فكرة فتاة من الخليل تتدرب وتعمل في المسرح. حيث واجهت الكثير من الانتقادات والتساؤلات عن طبيعة عملي وكيف لفتاة بتخصص جامعي بكالوريوس توجيه وإرشاد أن تعمل في المسرح، وهل المسرح هو المكان المناسب لتخصصي الجامعي؟ كيف لفتاة من الخليل الوقوف على خشبة المسرح أمام الجمهور لتتحدث بصوت عال وتعمل في المجال الفني المسرحي في مجتمع محافظ؟ في الواقع، استغرق اقناعي لأسرتي ولمجتمعي بفكرة عملي في المسرح وأهميته ما يقارب الثلاث سنوات، وهو وقت ليس بالقصير حتى استطعت أن أكون موظفة في المسرح لدي حريتي بالعمل دون تساؤلات أو أي استغراب من الآخرين. وتجدر الإشارة هنا إلى أن من حولي أصبحوا يفتخرون بأنني أعمل في المسرح بعد إدراكهم لأهمية الرسالة التي أؤديها أنا و زملائي وزميلاتي، حيث أنها ليست أقل أهمية من رسالة أي تربوي يعمل في المؤسسات الحكومية والغير حكومية. - شكرا جزيلا لهذا الحديث المثمر سليمى، بشرى، ديانا، وفاء وعلا . نتمنى لكم كل التوفيق في رسالتكم الرائعة التي تحملونها في سبيل مسرح فلسطيني خليلي تربوي وهادف يعمل على تحقيق أهدافه الارتفاع بمستوى أطفالنا الترفيهي والتعليمي والتربوي والأخلاقي على حد سواء. |