|
اضراب المعلمين والعمل نحو حلول مستدامة؟
نشر بتاريخ: 22/02/2016 ( آخر تحديث: 22/02/2016 الساعة: 10:33 )
الكاتب: عقل أبو قرع
من غير المتوقع او المنطق ان يجادل او ان يشكك احد بعدالة حقوق ومطالب المعلمين، الذين يخوضون اضرابا متنوعا ومتصاعدا منذ عدة اسابيع، وما رافقة من اشكالات ومن تداعيات وتصريحات وما الى ذلك، سواء اكان بين المعلمين انفسهم وبين الاتحاد، او بين المعلمين والاتحاد من جهة والوزارة او الحكومة من الجهة الاخرى، ومن المعروف ان مطالب المعلمين هي مطالب نقابية حياتية معيشية، تدخل وبل تؤثر في صلب حياة ان لم يكن جميع المعلمين فغالبيتهم،
وبالتالي فأن تحقيق مطالبهم المشروعة والعادلة والمنصفة، والتي هي ليست بالكبيرة او بالمعقدة، ان تحقيق هذه المطالب، لسوف يؤثر على المعلم، وعلى افراد عائلتة، وعلى انتاجة او على عطاؤة، وعلى العملية التعليمية والتربوية، التي الجميع يتحدث هذه الايام عن اهمية تطويرها النوعي والجذري والشامل والمستدام، وبل سوف يؤثر على نظرة المجتمع الى التعليم، وفي نفس الوقت مدى عطاء التعليم والمعلم نحو المجتمع وتنميتة وتقدمة؟ وتحقيق مطالب المعلمين، سواء من ناحية غلاء المعيشة، او من ناحية تحقيق العلاوات الاخرى، او من ناحية الراتب الاساسي، او تعليم ابناء المعلمين، او فيما يتعلق بالترقيات والدرجات واستخدام معايير الكفاءة والتقييم والنزاهة في ذلك، حيث ان تحقيق هذه المطالب لهو من المفترض ان يكون تحصيل حاصل ولا يستدعي المماطلة والعناد والتلكؤ وسرد الحجج والاسباب، وفي نفس الوقت، لم يكن ذلك يستدعي الاضراب والمناكفات والتشاحنات وخسارة مئات الالاف من الحصص، والاهم الخسارة المعنوية للعملية التعليمية ولاطرافها، في اعين الطلاب والاعلام والمجتمع؟ ومهما كان الاطار الذي سوف يتم الاتفاق علية، ومهما كانت النسبة التي سوف تتحقق للمعلم خلال المدى القريب اوالمتوسط، ومهما كانت اليات التعويض والعلاقة مع الاتحاد وغيرة، فأن ايجاد حلول جذرية لحقوق المعلمين، وبشكل هادئ وتشاركي وعملي وعلمي، لهو الاساس لاية عملية تطوير للتعليم وللتربية في بلادنا، سواء اكانت هذه عملية شكلية او جذرية، لانة وبدون انصاف المعلم، الذي لة الفضل على الجميع في الماضي وحاليا، وبدون اعادة الاحترام والكرامة والانصاف الى المعلم، وبدون تحقيق نوعا من الاستقرار في حياتة، بدون كل ذلك، فأن الحديث عن اية عملية تطوير نوعي وجدي وجذري في التعليم في بلادنا، لن يكون مستداما او مجديا او حتى قابلا للتطبيق؟ ونحن نعرف ان الاضرابات او الخطوات الاحتجاجيه هي حق كفلة القانون والنظام الاساسي في بلادنا وفي بلاد اخرى، وانها ليست بالجديده، سواء على صعيد المدارس او في الجامعات الفلسطينيه، وبغض النظر عن طبيعة وحجم المطالب التي ادت وتؤدي الى الاحتجاجات، فأنها تتمحور في النهايه حول تحسين الظروف المعيشيه للعاملين، او بالادق حول الاوضاع الماليه للمعلمين او للموظفين، وهذه المطالب تدور في نفس الاطار الذي دارات فيه مطالب العاملين في كل الفترات التي شهدت تحركات للعاملين سواء في المدارس او في الجامعات الفلسطينيه، وبالتالي فأن نوعية المطالب واسبابها معروفه منذ سنوات، وليست وليدة هذه الفترة او الشهور او الايام، اي انة من الواضح ان هذه المطالب لم تلقى الجدية او التعامل الجدي من اجل توفير حلول جذرية لها؟ ومع الخسائر الهائلة التي يتسبب بها الاضراب، ايا كان نوع الاضراب، وبالاخص اضراب حوالي ال 38 الف معلم والاكثر من مليون طالب وطالبة، ومع التأكيد على عدالة واهمية المطالب التي تصب في عصب الحياه اليوميه المعيشيه للمعلمين ولافراد عائلاتهم، ولكن السؤال الاهم هو لماذا تصل الامور الى حد الاضرابات وتعطيل العمل، وبدء عملية شد الحبل بين الاطراف، مع العلم انه معروف ان هذه المطالب مشروعه، وبأنه كان من المتوقع ان يصل الوضع الى ما وصل اليه، فلماذا لم توجد اليه للتنسيق وللتشاور، وبالتالي استكشاف الامكانيات ووضع التصورات وبهدوء وبعيدا عن التهدديات والبيانات والاعلام، وبالتالي الخسائر المتراكمه، ولماذا لا يتم المبادره الى تنفيذ الاتفاقيات او حتى مناقشة المطالب او حتى عقد الاجتماعات بدون الوصول الى هذا الوضع من اضرابات وتعليق للدراسه وشل عمل المدارس والعملية التعليمية. وفي هذا الاطار، فأنة لا عجب ان توفير حلول جذرية للعملية التعليمية، وفي مركزها قضايا وحقوق المعلمين، شكل ويشكل الاساس لتنمية وتقدم المجتمعات، ومن الامثلة الحديثة على ذلك، هو ما حدث ويحدث في "تركيا" من تقدم وتطور وبأنواعة المختلفة، ولا عجب اذا علمنا ان بند او حصة " التربية والتعليم" في تركيا، تشكل البند الاول من ميزانية الدولة، اي ان اعلى حصة من مليارات الميزانية يتم تخصيصها الى " التربية والتعليم" وبالطبع المعلمين هم الاساس في عملية التربية والتعليم، وما ينطبق على "تركيا" ينطبق على الكثير من الدول، القريبة والبعيدة عنا، والتي حققت وتحقق نموا وتقدما مستداما، اي ليس تقدما هشا او قصير المدى مرتبط بالمنح والقروض واموال المانحين، والتي وبفضل الاستثمار في التعليم، وايلاءة الاهمية، حققت التطور النوعي والجذري في العملية التعليمية، والتي شكلت وتشكل الاساس لنوعية ومدى التقدم والتنمية في المجتمع؟ وبدون الخوض في تفاصيل بنود الميزانية، وتوزيع نسبها واولوياتها في بلادنا، وبدون الخوض في تفاصيل الايرادات والنفقات والمنح والتبرعات، وبدون الخوض في تفاصيل العجز المتراكم في الميزانية العامة منذ سنوات، اليس مثلا من الممكن زيادة نسبة 5% فقط في ميزانية التربية التعليم، واليس من الممكن اقتطاع هذه النسبة مثلا، من ميزانيات او بنود اخرى في اطار الموازنة العامة، وان لم يكن ذلك ممكنا، اليس من الممكن زيادة الايرادات بشكل منصف وترشيد النفقات وبشكل عقلاني من اجل الحصول على هذه الزيادة في ميزانية التعليم، واليس من الممكن وبعيدا عن المانحين والدول المانحة والقروض، الاستثمار في قطاعات انتاجية من قبل الحكومة او بالشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص، سواء في الزراعة او الصناعة او السياحة، من اجل زيادة نسبة ميزانية " التربية والتعليم" ولتكن هذه الزيادة وبشكل اساسي لتلبية حقوق والالتزامات المنصفة نحو المعلمين، اي بمعنى اخر، الا تستطيع الحكومة وبالشراكة مع المعلمين او مع من يمثلهم، العمل لايجاد حلول جذرية مستدامة، لتلبية حاجات قطاع هام وربما من اهم القطاعات، الا وهو قطاع المعلمين؟ وفي بلادنا، نعرف ان التعليم، بدأ من الصفوف الاولى وحتى التوجيهي،يشكل جزءا اساسيا من حياتنا، وان الاقبال على التعليم شكل فخرا للكثير من الافراد والعائلات، وان نسبة الامية في بلادنا تكاد لا تذكر، وبالاخص عند الاجيال الحالية، وبـنة يوجد اكثر من مليون طالب يلتحقون بالتعليم المدرسي، وبـأن هناك حوالي 38 الف معلم، يبذلون جل جهودهم من اجل العطاء وتربية الاجيال،رغم القيود وضعف الامكانيات والاولويات والمصادر المتاحة، ولكن ومع الادراك الذي لا يجاد فية احد لاهمية التعليم والمعلمين، اليس بألاحرى وانطلاقا من الازمة الحالية، التي نأمل ان تنتهي باسرع وقت، اليس من المجدي العمل لايجاد حلول جذرية، مستدامة، عادلة، وتلقى قبول الناس والمجتمع، لقضايا المعلمين، وبالتالي العمل الحقيقي من اجل تطوير العملية التعليمية برمتها، نحو الابداع والتفكير والريادة، ونحو مواكبة حاجات وقضايا المجتمع، اسوة بما قامت وتقوم بة دول كثيرة، ومنها لم يملك الامكانيات والمصادر والاموال الكثيرة؟ |