وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

المزبّطاتي

نشر بتاريخ: 03/03/2016 ( آخر تحديث: 03/03/2016 الساعة: 12:22 )
المزبّطاتي
الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام
من صفات المسئول الناجح في البلدان العربية معرفة تزبييط الامور وان يكون مزبّطاتيا ، أي يقوم بتزبيط وحل أية مشكلة في أي مكان ولأي كان في أي زمان وتحت اي ظرف وبأي شكل وبأقل الخسائر لتحقيق أكبر الفؤائد دون فقدان الامل .
وقد أثبتت التجربة ان أي مسئول لا يستطيع تنفيذ ذلك فهو فاشل ، ولو اكتشف ترياقا للعضال . فما فائدة ان يكون المسؤول محترما وعالما وهو لا يقوى على اطلاق سراح معتقل من عشيرته موقوف بتهمة السياقة الرعناء في نظارة قرية نائية !!!! ويشمل هذا التوصيف اصغر موظف او حارس في اي بناية حكومية وصولا الى الرئيس شخصيا .
والمزبطاتي يزبط الامور ، ويزبّطها ، ويتحدث مع الضباط والمسئولين لحلها . ومن صفاته ايضا انه يعمل بالاتجاهين ، فهو يساعد الناس على قضاء حوائجهم ولكنه قادر على ايذاء الناس ايضا . وكما انه قادر على اخراج مظلوم من السجن فهو قادر على زج احدهم بالسجن ، وكما يقدر على توظيف خريج جامعة فهو يقدر على فصل موظف من عمله اذا ما تمادى في ظرف ما , وهكذا تكون هالة المزبطاتي مهيبة .
انا أعرف الكثير من القادة الطيبين لكنهم فشلوا في القيادة لانهم ليسوا مزبّطاتيين ، وقد فشلوا فعلا في مساعدة الناس ، واعرف قادة اقل موهبة لكنهم نجحوا نجاحا باهرا في عملهم لانهم زبّطوا المظلوم عند الظالم ، وزبطوا أنفسهم . فما قيمة وزير خبير اقتصاد عالمي ولكنه مديون لصاحب السوبرماركت !!!
نحن بحاجة الى رئيس مزبطاتي ورئيس حكومة مزبطاتي ووزير مزبطاتي وقاضي مزبطاتي وقائد تنظيم مزبطاتي ، وصحافي مزبطاتي ورجل اعمال مزبطاتي ومعارض مزبطاتي ورياضي مزبطاتي وراقصة مزبطاتية ، لان المجتمع كله بحاجة الى تزبيط ، ولمن يستاء من المصطلح " مزبطاتي " يمكن ان ينطقها بطريقة اكثر تهذيبا كأن يقال ل " خبير علاقات عامة : او P R او قائد شعبي او مسؤول جماهيري ، فلن نقف عند التسميات كثيرا .
الشعب كله غارق في الديون والمشاكل والنكد ، والمجتمع الفلسطيني بطبعه لا يدمن الافيون ولا الحشيش، ولذلك ترى المواطن يضع في قلبه الكثير من الهم ويخزّنه ، ومن لا يواجه مشكلة في وظيفته يواجه مشكلة مع الجيران ، ومن لا يواجه مشكلة مع الجيران يعاني من مشكلة مع أهل زوجته ، ومن لا يواجه مشاكل عائلية يواجه مشاكل سيكولوجية او مع جهاز أمني او مع امام مسجد , وفي مجتمع غير زابط جميعنا نحتاج لمزبطاتي يزبطنا عند المتزبطين . واني مستغرب فعلا ان معظم المساجد في بلادنا تسرق الكهرباء والماء ، ولو ان مسؤول مزبطاتي يتدخل لاقام لجميع المساجد طاقة شمسية او ضوئية وحل المشكلة .
وقد صدر حديثا ان العديد من المزبطاتيين جاءوا لمكتبي يطلبون مساعدتي لازبطهم عند المزابيط الكبيرة ، فاكتشفت ان المزبطاتي المسكين يحتاج لمزبطاتي أيضا .
وهناك تخصصات في هذه جامعة الحياة ( مزبطاتي اقتصادي - مزبطاتي تنظيمي - مزبطاتي حزبي - مزبطاتي حركي - مزبطاتي احمر ماركسي - مزبطاتي شيخ مع دقن من دون شوارب - مزبطاتي رسمي ببدلة وربطة عنق - مزبطاتي منظمات أهلية - مزبطاتي حريمي - مزبطاتي ولّادي - مزبطاتي مع تصريح دخول لاسرائيل - مزبطاتي مناطق الف - مزبطاتي قدس - مزبطاتي كنيست - مزبطاتي غزة - وهكذا دوليك ) . ولو ان لدينا مزبطاتي تعليم لنجح قبل اسبوع في تزبيط اتفاقية بين المعلمين المضربين وبين الحكومة الموقرة .

والمزبطاتي مفاوض محترف لا يكلّ ولا يملّ ، ولا يستعجل . وهو يعرف متى وكيف ينفذ وعده على طريقة ( عيش وخللي غيرك يعيش ) . فهو الذي يقرر متى وأين وكيف ؟
الهي وأنا لا اعبد ربّا سواك ، زبّطني ولا تربّطني ، واجعل في طريقي المزبطاتي المزبوط الذي يخفّف عني بلاء الايام وكيد اولاد الحرام . واولاد المهنة .