نشر بتاريخ: 05/03/2016 ( آخر تحديث: 07/03/2016 الساعة: 09:50 )
بيت لحم - معا - ينخرط حزب الله منذ ثلاث سنوات ونصف تقريبا بشكل فاعل وحثيث في الحرب الاهلية السورية وانتقل حزب الله من موقف الدفاع عن مخازن سلاحه في سوريا والمواقع الاستراتيجية والحيوية للنظام السوري الى الخطوط الامامية بحيث يمكن ان تجد في كل لحظة 5000 مقاتل يشكلون ربع قواته النظامية يقاتلون في سوريا .
وقاد المقاتلون الشيعة في مرات عديدة هجمات الجيش السوري ضد منظمات المتمردين ودفع ثمنا يتناسب مع هذا الدور حيث خسر الحزب منذ مطلع العام الجاري 1300 مقاتل واصيب 5000 بجراح وفقا لتقديرات الجيش الاسرائيلية التي استعان بها المحلل العسكري لصحيفة "هارتس" العبرية " عاموس هرئيل" صاحب هذا التحليل المنشور على الصحفية.
قال هرئيل في مقالته التحليلية " احتار رجال الاستخبارات الاسرائيليين في طريقة تقييم مدى اثر الحرب السورية على حزب الله حيث انتجت الحرب القاسية والخسائر الجسيمة مشكلة استنزفت الحزب الذي واجه انتقادات داخلية " شيعية لبنانية " حادة بسبب ارساله الشبان الشيعة للقتال في سوريا والموت من اجل انقاذ " ديكتاتور دمشق " .
امتنع حزب الله عن نشر عدد قتلاه وقام بدفن جزء منهم في جنازات ليليه لتجنب التغطية الاعلامية فيما اضطر الامين العام حسن نصرالله ان يوضح المرة تلو الاخرى مدى حيوية وأهمية المعركة في سوريا لانقاذ العالم الاسلامي من خطر القاعدة والدولة الاسلامية "داعش" وغيرها من المنظمات على شاكلتها فيما بات الحزب يواجه صعوبة في طرح نفسه كحامي لبنان والمدافع عنه حيث فجر مسلحون سنة انفسهم في قلب بيروت ردا على تدخله في الحرب السورية التي قال رئيس الاركان الاسرائيلي السابق " بين غانتس" عام 2013 ان نيرانها تمسك باطراف عباءة حسن نصر الله.
ويحمل التغيير الذي احدثه التدخل الروسي لصالح النظام السوري في ثناياه ايضا فوائد وارباح لحزب الله الذي بات ضمن المعسكر صاحب اليد العليا في الحرب وحسن العمل الدائم الى جانب ضباط ايرانيين وبنسبة معينة مؤخرا ضباط روس من قدرات الحزب القتالية حيث راكم هؤلاء المقاتلين الشيعة الذين تشبثوا بالبقاء طيلة سنوات الحرب خبرات تنفيذيه ذات قيمة عالية جدا حيث خبر حزب الله لأول مرة في سوريا القتال الواسع الذي يشمل مشاركة طائرات حربية ومروحيات وطائرات دون طيار ودبابات وقدرات استخبارية متطورة .
صحيح ان الحزب لا يملك طائرات حربية ولا دبابات لكن ومن كل النواحي الاخرى لا تقل قدراته عن قدرات جيش متوسط المستوى حيث يملك 45 الف مقاتل بينهم 12 الف يخدمون ضمن القوات النظامية كما يملك ترسانة صواريخ تزيد عن 100 الف صاروخ ومقذوفه صاروخية بينها عدة ألاف بعيدة المدى وأخرى متوسطة وقصيرة المدى مع دقة اصابة تحسنت كثيرا خلال الفترة الماضية .
فهم من خطاب رئيس الوزراء الاسرائيلي نتنياهو امام الجمعية العامة للامم المتحدة في اكتوبر الماضي ان حزب الله نجح في تهريب منظومة اسلحة متطورة من سوريا الى لبنان بينها صواريخ ارض- ارض دقيقة وصواريخ مضادة للدروع من طراز اس-اس 22 وصواريخ ساحل – بحر من نوع " ياخونت" .
ومنح التزود المستمر بالاسلحة المتطورة والنوعية الى جانب تراكم الخبرات القتالية حزب الله قدرات ذاتيه مستقلة في مجالات حيوية مثل عمليات قتال الكوماندوز وتشغيل الطائرات دون طيار استطلاعية وهجومية ايضا .
وضع رئيس الاركان الاسرائيلي الاسبق " امنون ليفكين شاحاك" الذي تولى رئاسة اركان الجيش الاسرائيلي في تسعينيات القرن الماضي حين احتدم القتال بين حزب الله والجيش الاسرائيلي في المنطقة الامنية في جنوب لبنان مبدا التعامل مع حزب الله كمنظمة حرب عصابات وليس مجرد " مخربين" او خلايا " ارهابية " وألان وعلى خلفية الحرب الدائرة في سوريا نضج داخل الجيش الاسرائيلي مبدأ الاعتراف بتحول العدو اللبناني " حزب الله" الى جيش بكل ما للكلمة من معنى.
رسم ضابط اسرائيلي رفيع عبر مقالة نشرتها قبل عامين المجلة العسكرية " معرخوت" ما اطلق عليه في حينه خارطة نوايا حزب الله المحتملة الخاصة بحرب اخرى ضد اسرائيل جاء فيها " شن هجوم مفاجئ ينتهي باحتلال قوات كوماندوز تبعه لحزب الله مستوطنة او معسكر صغير للجيش يفتتح فيه الحرب بانجاز معنوي لا يمكن للجيش الاسرائيلي محو تأثيره يمثل التفسير والمعنى الحقيق لتهديدات نصر الله باحتلال الجليل" قال هذا الضابط ليزداد هذا التوقع وضوحا مع مرور الزمن ".
ويمكننا اليوم ان نخمن ان حزب الله يسعى لامتلاك قدرات تمكنه من شن هجمات متزامنة على عدة مستوطنات ومعسكرات على طول الحدود الشمالية يستهل فيها الحرب القادمة.
وستسمح هذه الخطة في حال نجحت للحزب بتشويش تحركات القوات العسكرية الاسرائيلية على الحدود ووضع صعوبات كبيرة امام عملية تجنيد قوات الاحتياط .
تمر الحدود مع لبنان بين سلاسل جبلية معقدة فيما تتيح الطوبوغرافيا للحزب شن هجمات كبيرة ونوعية ومفاجئة بما يلغي تقريبا الحاجة لحفر الانفاق الهجومية .
كتب الكثير من التحليلات والتوقعات التي تستبعد وجود نية ومصلحة ودافع لدى حزب الله لشن حرب جديدة ضد اسرائيل لانشغاله في سوريا واعربت الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية " امان" عن تقديرها ان فرصة مبادرة حزب الله بشن حرب متدنية جدا لكن فرصة اندلاع الحرب نتيجة سوء فهم وتقدير قائمة ويجري الجيش الاسرائيلي الاستعدادات المطلوبة بناء على هذه التقديرات والاحتمالات حيث يقوم بإعمال هندسية كثير على طول الحدود تهدف الى اعاقة تسلل قوات هجومية تابعة لحزب الله وذلك الى جانب تعزيز التغطية الاستخبارية والاستطلاعية وصولا الى اجراء التدريبات اليومية .
واختتم هرئيل تحليلية بالقول " في كل الاحوال هناك حاجة ماسة لتنسيق التوقعات بين الجيش الاسرائيلي والجمهور لان ضباط الجيش يفهمون تماما ان أي حرب قادمة على الجبهة الشمالية ستكبد الجيش خسائر كبيرة وان حجم القصف الصاروخي الذي سينفذه حزب الله على مستوطنات الحدود ستوجب اخلاء جزء من السكان وان القصف الصاروخي ضد مدن وسط اسرائيل سيكون اشد واقسى مما وقع في الحروب السابقة في لبنان وغزة لكن هناك شك ان يتفهم الاسرائيلي العادي ويدرك هذا الواقع.
ستستخدم اسرائيل في حال اندلعت حرب جديدة ضد لبنان قوة غير مسبوقة ولن تكتفي بقصف جوي عنيف بل سيضطر الجيش الاسرائيلي لتنفيذ عملية برية يهدف الى جباية الثمن من حزب الله وستدرس الحكومة تحت ضغط الجمهور فكرة مهاجمة البنى التحتية اللبنانية المدنية بهدف وقف اطلاق الصواريخ باتجاه العمق الاسرائيلي بأسرع وقت لكن هناك في الشمال تحدي كبير لم يشهد الجيش الاسرائيلي مثله طيلة السنوات الماضية وهذا بالضبط سبب احتفاظ اسرائيل بقوة الردع اتجاه حزب الله بما يؤجل الحرب قدر الامكان والمستطاع.