وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

المرأة الفلسطينية في اليوم العالمي

نشر بتاريخ: 07/03/2016 ( آخر تحديث: 07/03/2016 الساعة: 11:11 )
المرأة الفلسطينية في اليوم العالمي
الكاتب: غسان مصطفى الشامي
عند الحديث عن يوم المرأة العالمي في الثامن من آذار من كل عام، لا يمكن أن الحديث عن نضالات وإنجازات المرأة في العالم دون ذكر المرأة الفلسطينية أم النضال وأم التحديات، وصاحبة البطولات الكبيرة.
لقد كان للمرأة الفلسطينية دورٌ بارزٌ في مسيرة نضال شعبنا الفلسطيني حتى يومنا هذا والمرأة الفلسطينية تقدم التضحيات الجسام، وتشارك في كافة محطات شعبنا النضالية، كما ضربت المرأة الفلسطينية المثل الأعلى في النضال لكافة نساء العالم، فكانت الشهيدة والأسيرة والجريحة وأم الشهيد وأم الأسير، وتحملت المرأة الفلسطينية مسؤوليات الأسرة الفلسطينية والنهوض بأعبائها، والقيام بالوجبات المعيشة والاجتماعية بعد غياب رب الأسرة.

وقد قام كاتب السطور بإعداد دراسة تاريخية توثيقية لمقاومة المرأة الفلسطينية الاحتلال الإسرائيلي منذ عام 1967م وحتى عام 1994م رصد فيها الدور السياسي والدور العسكري والدور الاجتماعي والدور الثقافي والفكري، كما رصدت دور مؤسسات المرأة الفلسطينية في مقاومة الاحتلال، ووجدت من خلال دراستي أن المرأة الفلسطينية من أوائل النساء في الوطن العربي في العمل السياسي ومقاومة الاحتلال الأجنبي لأرضها .

ولا تتسع كلمات وسطور المقال للحديث عن تاريخ نضال المرأة الفلسطينية الطويل، وإنما سأتحدث بمقتطفات من هذا التاريخ الجهادي المشرق، فقد كان أول نشاط سياسي للمرأة الفلسطينية في عام 1884م، في مدينة العفولة احتجاجاً على إنشاء أول مستوطنة يهودية، حيث خرجت مجموعة من النساء الفلسطينيات في مظاهرة تعبيراً عن رفضهن لإنشاء المستوطنة، وفي زمن الاحتلال البريطاني (1917-1947م ) شاركت المرأة الفلسطينية في المظاهرات والاعتصامات وكتابة العرائض السياسية وإرسال البرقيات الاحتجاجية رفضاً للمخططات الصهيونية، وكان للمرأة الفلسطينية نشاطٌ اجتماعيٌ وخيريٌ بارز، وعملت على تأسيس عددٍ من الجمعيات والاتحادات النسائية ذات أهداف خيرية، وقامت الجمعيات النسائية الفلسطينية بزيارة الأسرى ورعاية أسرهم، وتقديم العون لأسر الثوار، وقامت بفتح المدارس لأبناء الشهداء بشكل خاص وتنفيذ برامج لمحو الأمية بشكل عام.

أما الثورة الفلسطينية الكبرى عام 1936م فقد كان لنساء فلسطين دورهن البارز، حيث وقفت المرأة تدافع عن أرضها ووطنها وتقدم العون للثوار، و في نكبة فلسطين عام 1948م برز دور المرأة في العمل الاجتماعي والاغاثي وحماية الأسرة الفلسطينية من التشتت والضياع جراء مجازر النكبة.
وبعد عام النكبة واحتلال كامل أرض فلسطين عام 1967م واصلت المرأة الفلسطينية نشاطاتها العسكرية والسياسية وتأسس الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية ولجان المرأة الفلسطينية في الفصائل الفلسطينية التي كان لها دور اجتماعي وفكري وسياسي وشاركت في كافة المسيرات والمظاهرات خلال الانتفاضة الأولى والثانية كما تطور العمل المؤسساتي للمرأة الفلسطينية في التسعينات من القرن الماضي .

وللمرأة الفلسطينية سجل حافل في أعمال المقاومة العسكرية ضد العدو الصهيوني منذ ستينات القرن الماضي وحتى يومنا هذا، وقد نفذت عدد من العمليات العسكرية البطولية، فقد شاركت الشهيدة المناضلة شادية أبو غزالة في تنفيذ العديد من العمليات الفدائية ضد الاحتلال، واستشهدت في 28 نوفمبر 1968م حيث كانت تعد في بيتها قنبلة لتفجيرها في عمارة "إسرائيلية " (بتل أبيب)، فانفجرت القنبلة بين يديها مما أدى لاستشهادها، كما قامت المناضلة عايدة سعد في 16/3/1969م بإلقاء قنبلتين على سيارات للجيش الإسرائيلي متوقفة أمام مركز الشجاعية وأصابت ثلاثة جنود ، وتم اعتقالها وحكم عليها بالسجن عشرين عاما، ولا ننسى المناضلة ليلى خالد من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين التي شاركت في خطف طائرة تابعة لشركة العال الصهيونية في 28 أغسطس 1969م، وقامت المناضلة نعمة الحلو من مخيم جباليا في تاريخ 24/10/1972م بتنفيذ عملية عسكرية ضد إحدى الدوريات العسكرية في مخيم جباليا، ولا ننسى المناضلة دلال المغربي التي استشهدت في 11 مارس 1978م خلال عملية فدائية، وسجل العمليات العسكرية للمرأة الفلسطينية في كافة محافظات الوطن كبير ولكن ما ذكرته نماذج قليلة.

و قامت المرأة الفلسطينية بتنفيذ الكثير من العمليات الاستشهادية البطولية، ونذكر هنا الشهيدة فاطمة النجار من مخيم جباليا أم الفدائيات التي استطاعت تنفيذ عملية استشهادية رغم كبر سنها وتفجير نفسها في عدد كبير من الجنود خلال اجتياح جباليا عام 2006، ولا ننسى الاستشهاديات ريم الرياشي، وهبة دراغمة، وآيات الأخرس، وهنادي جرادات، ودارين أبوعيشة وميرفت مسعود وغيرهن مما قدمنّا أنفسهن في سبيل الله ومن أجل الدفاع عن فلسطين .

ولا ننسى عند الحديث عن المرأة الفلسطينية الحديث عن خنساوات فلسطين وهنّ كثر، وأذكر منهن الحاجة أم نضال فرحات رحمها الله التي قدمت ثلاثة من أبنائها شهداء في سبيل الله، وكان لها في التسعينات من القرن الماضي دور عسكري عندما آوت القائد القسامي الشهيد عماد عقل في عام 1993م، وقد فاجأت أم نضال العالم كله عندما ظهرت وهي تودع ابنها قبل تنفيذ عملية استشهادية، كما لا ينسى تاريخ فلسطيني خنساء فلسطين الحاجة المجاهدة أم رضوان الشيخ خليل، التي قدمت خمسة من أبنائها شهداء في سبيل الله، وواصلت جهادها من خلال مشاركتها أعراس الشهداء ومن خلال دعمها للمجاهدين .

إن التاريخ النضالي للمرأة الفلسطينية حافل في مسيرة كفاح شعبنا الفلسطيني من أجل التحرر وبناء الدولة، قدت فيها المرأة آلاف الشهيدات والجريحات والأسيرات، ولا يكفيها مقال أو ألف مقال، ولكن هذا جهد متواضع لنتذكر جزء بسيط من تجربة المرأة النضالية في تاريخنا الفلسطيني .