وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

مدى جدية الولايات المتحدة في تحريك عملية السلام؟

نشر بتاريخ: 10/03/2016 ( آخر تحديث: 10/03/2016 الساعة: 15:23 )
مدى جدية الولايات المتحدة في تحريك عملية السلام؟
الكاتب: سمير عباهرة
تداولت وسائل الاعلام اخبارا مفادها ان الرئيس الامريكي "اوباما" يسعى لدفع عملية السلام خلال ما تبقى من فترته الرئاسية في البيت الابيض. وكانت الجهود الامريكية تجمدت في الدفع بمسار التسوية بعد موجات الربيع العربي الذي شكلت نتائجه صدمة للسياسة الخارجية الامريكية حيث اطاح بالعديد من حلفاءها في المنطقة وأحدث تغيرات جوهرية على شكل انظمة الحكم وطرح تساؤلات عدة داخل البيت الابيض من ان تؤدي تلك التغيرات في المنطقة الى المساس بالمصالح الامريكية. وكثرت التساؤلات حول طبيعة الانظمة التي افرزها الربيع العربي وشكلت بدائل للأنظمة السابقة وتوجهاتها السياسية، وخاصة بعد وصول الاسلاميين الى سدة الحكم في عدد من الاقطار العربية. وأدت نتائج الربيع العربي الى انخفاض غير مسبوق في طريقة تعامل الانظمة العربية مع القضية الفلسطينية وفي الدعم السياسي للمطالب الفلسطينية من حيث الدولة المستقلة ووقف المستوطنات وكان ذلك دافعا للإدارة الامريكية للتراجع في اهتماماتها بالمسألة الفلسطينية، فأنظمة الحكم الاسلامية التي سيطرت على النظام السياسي في كل من مصر وتونس شكلت عقبة رئيسية في دعم القضية الفلسطينية وكان ذك احد الاسباب المباشرة الى عزوف الولايات المتحدة عن الاهتمام بقضايا الشرق الاوسط وتحديدا فيما يتعلق بالصراع الفلسطيني الاسرائيلي.

وقد نشطت الدبلوماسية الامريكية بعد فترة اوباما الثانية وطرح وزير الخارجية الامريكي جون كيري مبادرة للعودة الى طاولة المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي وحدد لها سقفا زمنيا لمدة تسعة شهور للتوصل الى تسوية عادلة، وانقضت الشهور التسعة دون التوصل الى اي اتفاق مما تسبب في فشل مبادرة الوزير الامريكي ومنذ ذلك التاريخ توقفت الجهود الامريكية في ترك بصماتها على الصراع وتركت اسرائيل تزيد من انتهاكاتها واعتداءاتها والاستمرار في سياسة الاستيطان الى ان دخلت عملية السلام مرحلة الموت البطيء.

خطة اوباما كما تداولتها وسائل الاعلام تهدف الى تحقيق تقدم في المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية قبل نهاية فترة الرئيس الأمريكي باراك أوباما من خلال دعم الولايات المتحدة التصويت في مجلس الأمن، الذي سيدعو الى التقدم في خطوات محددة للتوصل الى اتفاق سلام فلسطيني اسرائيلي، كذلك الطلب من اسرائيل بشكل واضح تجميد الاستيطان في الضفة الغربية والقدس الشرقية، والاعتراف بالقدس عاصمة للدولة الفلسطينية. وربما تكون مبادرة اوباما رسالة لفرنسا لطرح مبادرتها في ظل اشارات البيت الابيض بعدم استخدام حق النقض الفيتو ضد المبادرة الفرنسية حيث كانت فرنسا ارجأت طرحها بعد مخاوفها من استخدام الولايات المتحدة الفيتو ضدها.

وربما تكون هذه المبادرة الامريكية بداية لإستراتيجية امريكية جديدة في التعامل مع حيثيات الصراع الفلسطيني الاسرائيلي والتي تنطلق من الاستراتيجية الامريكية الجديدة في التعامل مع الازمات والصراعات الدولية معتمدة على مبدأ الدبلوماسية الجماعية في ايجاد الحلول للصراعات والنزاعات كما حدث مع ازمة المفاعل النووي الايراني.
وربما يكون فشل الدبلوماسية الامريكية في احداث اختراقات في الموقف الاسرائيلي وتجاهل اسرائيل لنداءات المجتمع الدولي في التوقف عن سياساتها تجاه الشعب الفلسطيني ربما كان ايضا سببا مباشرا في اطلاق اوباما لمبادرته.
الجانب الفلسطيني لم يتلقى لغاية الان اية ايضاحات بشأن مبادرة اوباما سوى ما تناقلته وسائل الاعلام في بنودها الرئيسية لدراستها وفيما اذا كانت تتلاءم او تقترب من رؤيتها الاستراتيجية الجديدة في حل الصراع والمتمثلة بعقد مؤتمر دولي للسلام في الشرق الأوسط وان الفلسطينيين ليسو ا ذاهبين الى المفاوضات بأي ثمن كان.

مبادرة اوباما على ما يبدو من خلال بعض التسريبات تهدف الى انشاء مشروع قرار في مجلس الامن الى تقديم تنازلات في المسائل الرئيسية دون تسميتها وان واشنطن عازمة العقد على الضغط على اسرائيل من اجل وقف النشاطات الاستيطانية والاعتراف بالقدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية،لكن كل ذلك مقابل اعتراف الفلسطينيين بإسرائيل كدولة يهودية، حيث تستمر الادارة الامريكية بانحيازها لإسرائيل وتبني مواقفها. فإذا كانت المطالب الامريكية تتمثل بتبني الموقف الاسرائيلي ومطالبة الجانب الفلسطيني بالاعتراف بدولة يهودية فان مبادرة اوباما تكون ولدت ميتة.
طرح القضية الفلسطينية في مجلس الامن والتصويت عليها يعني بداية تدويل القضية الفلسطينية كما كانت تدعو القيادة الفلسطينية لذلك لكن الجديد في الموضوع هو تبديد المخاوف الفلسطينية من استخدام الولايات المتحدة نقض القرار وإفشاله.