وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

ما احتمالية وقوع حرب على غزة ؟ ومن المستفيد؟

نشر بتاريخ: 10/03/2016 ( آخر تحديث: 10/03/2016 الساعة: 15:23 )
ما احتمالية وقوع حرب على غزة ؟ ومن المستفيد؟
الكاتب: فهمي شراب
ما زالت العقيدة الأمنية الصهيونية الكلاسيكية لم يطرأ عليها أي تغير، فمبدأ "جز العشب" Grass Mowing، ما زال معمولا به، والذي يعني أن تقوم قوات الاحتلال بإجراء عملية عسكرية ضد المقاومة كلما نضجت المقاومة، وذلك لضمان عدم وصولها لمراحل خطيرة متقدمة. إن مسألة اندلاع حرب من عدمها يتحكم بها ما يحصل على الأرض، أي وقوع عمليات مفاجأة، كعملية خطف الثلاث شباب في الضفة قبيل وقوع حرب 2014. العقلية الأمنية الصهيونية ما زالت مغلقة على نفسها مغلفة بأحقاد اليمين الصهيوني المتطرف والذي تغلغل أكثر في حكومة نتنياهو. وعلى هذا فالتطور على مستوى "أنفاق المقاومة" ينذر الكيان بالخطر، وقد صرحوا بقلق حول هذا التطور وما زالوا يحذرون من أن الأنفاق وصلت إلى مناطق متقدمة داخل الخطوط الصهيونية.

تصاعدت التصريحات قبل وقت قصير من داخل الكيان والتي تملأها تحذيرات للطرف الفلسطيني، ومن ضمنها، انه، إذا تورطت حماس في الضفة بعمليات سيكون الرد في غزة ويتم تحميل غزة المسؤولية، وان هناك من الأسرى المحررين (الضفاويون) الذين تم نفيهم إلى غزة من يحاول أن ينسق مع عمقه في الضفة للقيام بعمليات وهجمات في قلب الكيان في ظل دعم الإعلام المقاوم للانتفاضة والحث على القيام بعمليات دهس وطعن بالسكاكين وقنص..
تعتقد دوائر امن الكيان بان جزءا أساسيا من إعادة اعمار غزة قد اكتمل، وهو الخاص بترميم قدرات المقاومة وقدراتها الدفاعية والهجومية، وملئ مخزونها الصاروخي،، لذا تعتبر هذه من المحفزات للحرب على غزة.

وتنظر الدوائر الإسرائيلية بقلق كبير لتطور المقاومة وقدراتها الصاروخية وتجاربها التي تجريها، فما يؤخر دوما وقوع الحرب عدم المعرفة التامة عن القدرات لدى العدو، ولكن التصريحات التي يطلقها بعض قيادات المقاومة يتخذها الكيان بشكل جدي. وقد عرف بان المقاومة لا تبالغ ولا تكذب وقد كان المجتمع الإسرائيلي يثق في تصريحات الناطق باسم القسام "أبو عبيدة" أكثر من ثقته بنتنياهو.

تزداد مؤشرات وقوع حرب هذه الأيام وسط تصريحات الطرفين، وبسبب أن هناك أطراف عربية لا يروقها رؤية غزة بهذا القدر من الصمود، وعلى خط عدائي مع الإيديولوجية الحزبية لقيادات غزة, فبقاء غزة على حالها يعزز من موقف معارضي الأنظمة العربية، فتلتقي المصالح العربية مع الإسرائيلية وبتنسيق كامل من اجل تسديد ضربة لغزة على أمل إحداث تغيير وسقوط حماس من الحكم، هذا النمط من التفكير مستحوذا على العقلية الأمنية للأنظمة العربية التي لم يطرأ عليها أي تغير يتقارب مع فكر نبض الشارع العربي الذي لا يتفق تماما مع توجهات أنظمته. إن انشغال الإقليم بمشاكله الخاصة وحالة التفكك التي عليها المشهد العربي الآن يشجع الكيان الصهيوني على ارتكاب جرائم بحق الفلسطينيين. وخاصة أن أقصى ما سوف يذهب إليه الفلسطينيون هو التوجه لمحكمة الجنايات الدولية ICC التي لم تقدم السلطة فعليا أي دعوى رسمية ضد الكيان، وما تم تقديمه هو مجرد تقارير وتوصيفات حول ارتكاب الاحتلال جرائم بحق الفلسطينيين، لا تسمن ولا تغني من ردع الكيان ووقف جرائمه.

برغم أن الاحتلال لن يحقق كثيرا من الانجازات بمجرد قيامه بهذه الحماقة الجديدة إلا أن خشيته من تطور المقاومة التي عرفت طريقها جيدا، ولا يؤثر عليها الحصار، باتت تؤرق باله وتشغل الجيش كثيرا. فإذا وقعت الحرب، (لا قدر الله) فسوف تكون حربا يمولها جهات عربية تدخل مع الاحتلال ضمن عنوان "التحالف لمواجهة الإرهاب" ولكن دون الإعلان عن هذا العنوان! وعن ردود فعل الغرب، ومواقفه المتزايدة والرافضة للاعتداءات الإسرائيلية أمثال وزيرة الخارجية السويدية، والتي ربطت الاعتداءات الإسرائيلية بزيادة الإرهاب في المنطقة والتسبب في إشعال العنف، فهي هامة ولكنها ما زالت لا تشكل خطراً آنياً أو على المدى القريب على الاحتلال الإسرائيلي.

أما عن شكل العدوان، فقد يتخذ من سلاح الجو الوسيلة المثلى للقتل وتنفيذ اغتيالات لشخصيات كبيرة مهما راح ضحيتها من المدنيين وسكان المنطقة التي سيتم قصفها، وضرب ما وصل إليه الكيان من خارطة الأنفاق.
النتيجة:
1- تدمير اكثر في البني التحتية للقطاع وتأخير عمليات الاعمار وصعوبة في عقد مؤتمر مانحين من جديد
2- عدم تأثر البنى التركيبية للمقاومة، وعدم المقدرة في إحداث ضرر بحياة رجال المقاومة الذين يحتمون في أنفاق وأماكن مختلفة لا احد يعرف مكانها تحديدا.. وأيضا بسبب أن هناك نسيجا اجتماعيا تذوب فيه عناصر المقاومة .
3- المقاومة في غزة ليست جيشا معزولا عن الحياة الاجتماعية، ليست جيشا منفصلا يمكن تسديد ضربات مباشرة له والقضاء عليه، فهو مجموعات وفرق وميليشيات تستطيع المناورة والتحرك والاختباء، لذلك فكرة القضاء عليها من المستحيلات.
4- ستستمر الحياة في غزة كما هي مهما ساءت الظروف الاقتصادية، وقد تطول برغم الحصار، وسيصمت الشعب -الذي هو اكبر المتضررين- بسبب وجود سلطتين في الضفة وغزة، والمستفيد سيظل هو المقاومة التي تتمدد وتتطور ويحفزها على ذلك الحصار والظلم الواقع على غزة.