وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

10 أطفال مقدسيين.. منازلهم سجون ووالديهم سجانين!

نشر بتاريخ: 11/03/2016 ( آخر تحديث: 03/04/2020 الساعة: 05:09 )
10 أطفال مقدسيين.. منازلهم سجون ووالديهم سجانين!

القدس -معا - عشرة أطفال مقدسيين تحولت منازلهم منذ شهر تموز الماضي الى سجون، وتحول والديهم الى سجانين..هذا حال الشقيقين زيد وسيف الطويل، ومراد علقم، وعمر الطويل، ومحمد تايه، ومحمد جابر، وصالح اشتية، ونور أبو هدوان، وعمر ياسين، ويزن أيوب الذين تتراوح أعمارهم بين 13عاما- 17 عاماً.


اعتقل الاحتلال الاسرائيلي الاطفال جميعهم -وهم من حي بيت حنينا شمال مدينة القدس- أواخر شهر حزيران العام الماضي، وبعد أسبوعين من الاحتجاز في أقبية التحقيق وغرف المسكوبية أفرج عنهم بكفالات مالية وبشرط الحبس المنزلي المفتوح لحين انتهاء الإجراءات القانونية ضدهم.

ووجهت للأطفال تهمة "إلقاء الحجارة باتجاه مركبات المستوطنين لدى مرورهم من شارع بيت حنينا وتعريض حياتهم للخطر وإلحاق الضرر بهم".

حياتهم ووقتهم أصبح مملاً..حركتهم وحريتهم مقيدة.. ضاعت دراستهم، وأصبح "المشوار" الوحيد هو حضور جلسات المحكمة، ليعودوا ثانية الى حبسهم البيتي..



الفتى زيد الطويل..

يذكر الفتى زيد "16 عاما" ان القوات اعتقلته وشقيقه سيف ووالدهما في رمضان، حيث كانوا يجهزون سفرة الافطار، قبل ان تقتحم قوات الاحتلال منزلهم وتعتدي عليهم بالضرب والاعتقال، ويقول:"سألوني انا وشقيقي سيف عن اسمائنا وطلبوا بطاقتنا الشخصية كنا امام المنزل وطلبنا منهم الانتظار، لكنهم رفضوا سماعنا وكانوا فقط يريدون اقتحام المنزل وخلال ثوان اقتحمت قوات كبيرة من افراد المخابرات والقوات الخاصة والمستعربين منزلنا واعتقلونا، ثم تم تحويلنا الى مركز شرطة النبي يعقوب في بيت حنينا."

وأضاف زيد:"بعد ذلك تم تحويلنا الى مركز شرطة المسكوبية بالقدس الغربية، وقد رفضوا تقديم الطعام لنا رغم معرفتهم اننا صائمان، وافرج عن والدي بعد يومين، أما انا وسيف فقدمت لنا لوائح اتهام، ومنذ الافراج عنا تعقد لنا جلسات وجلسات ونحن بانتظار الحكم".

وقال زيد:"السنة الدراسية قاربت على الانتهاء، فهذه السنة لم اتمكن من اللحاق بالمدرسة، كنت اجهز نفسي للصف الحادي عشر، أنا وسيف ووالدي قيد الحبس المنزلي الآن، لا نخرج الى أي مكان نقضي وقتنا بالنوم ومشاهدة التلفاز، الصلاة، ونحاول دراسة المواد المقررة في بعض الأحيان، وقد فرض على والدي مبلغ مالي مرتفع في حال عدم الالتزام بالحبس المنزلي، وبين الحين والآخر يتم اقتحام محيط المنزل من قبل ضابط المنطقة وينادي على اسمائنا ليتأكد من وجودنا في البيت".

واكد زيد ان الحبس المنزلي اصعب من السجن الفعلي، فمدة الـ 8 اشهر وهم قيد الحبس المنزلي لا تحتسب من فترة الحكم الفعلية، ويقول:"الوقت ممل 8 اشهر ولا شيء جديد فقط جلسات محاكم وانتظار حكم".


الفتى سيف الطويل...

أما شقيقه سيف الطويل "15 عاماً" يقول:"يوم اعتقالي كنت على وشك أن افقد حياتي، فقد تعمد أحد افراد قوات الاحتلال خنقي وآخر ضربي دون سبب، أصبت بكسور في الفك ورضوض مختلفة، وتم تهديدي بالغاز وضربي خلال الاحتجاز بسيارة الشرطة ومخفر التحقيق".

وأضاف سيف :"اعتقلت وفرض علي الحبس المنزلي ووجهت لي تهمة ولم أفعل أي شيء، لا يوجد أي دليل ضدي لإدانتي ومواصلة اعتقالي وهذه الأشهر من حياتي ظلم".

واضاف:"السنة الدراسية الحالية خسرناها ومن الممكن أن نخسر السنة المقبلة لكننا سنعود الى مدارسنا لننجح".

الشقيقان الطويل في حبسهما المنزلي يشتاقان للاقصى وللنادي الرياضي ولأصدقائهما والجلوس معهم، كانت حياتهم مليئة بالنشاطات ولا يوجد وقت فراغ ،
أما هذا الاعتقال والحبس البيتي فقد هدم حياتهم وطموحاتهم.


وقال سيف :"حتى اذا مرضنا فنحن بحاجة لإذن من سلطات الاحتلال، ومن الممكن ان يرفض طلبنا بالذهاب الى الطبيب".

من جهتها والدة الطفلين زيد وسيف الطويل تقول:"8 اشهر وكأنهم 8 سنين، هي أول تجربة لاعتقال ابنائي، من اعتقال فعلي ثم حبس منزلي، لم نشعر برمضان ولا بايام العيدين "الفطر والأضحى"، 8 اشهر حرمنا من أبسط الأشياء، فأنا لا اذهب الى أي مكان خوفا على ابنائي وخوفا من اقتحام منزلنا، واذا اضطررت للخروج يجب ان يكون والدهم معهم، طوال الوقت أحاول ان اصبرهم وأن اقترب منهم".

وأضافت :"حاولنا ان ناخذ اذان لهم للذهاب الى مدارسهم الا ان القاضي رفض، كما حاولنا ايام العيد أن ناخذ لهم اذن الذهاب فقط لصلاة العيد رفض الطلب

أيضاً.. قيود واجراءات مشددة بحق هؤلاء الاطفال تم اتخاذها".

الفتى نور أبو هدوان

أما الفتى نور أبو هدوان "16 عاماً" الذي أنهى الصف العاشر، اعتقل من أمام منزله واعتدوا عليه بالضرب، ومنذ 8 اشهر وهو قيد الحبس المنزل ويقول:"الوقت لا يمر، وقت فراغ لا فائدة منه، احاول ان استغل واشغل وقتي لكن الوقت طويل جداً في الحبس المنزلي، لا يوجد ما نفعله، لو يتم نقلي للحبس الفعلي أهون عليّ من هذه الأيام".


وأضاف:"احاول أن ادرس لوحدي للاستفادة من الوقت لكن لا تتوفر جميع الكتب معي، وبعض المواد بحاجة الى مدرسين".

وقال :"قبل الاعتقال كنت اساعد والدي في التصوير، خاصة تصوير الحفلات ولم يكن لدي وقت فراغ ابدا، اما اليوم فالضغط من كل الجهات لا مدرسة ولا ممارسة التصوير الذي احبه، وحتى أصدقائي حرمت منهم، لا اتمكن من الخروج أبدا".

والدة الفتى نور ابو هدوان تقول:"هذه الفترة من أصعب الفترات التي مرت علينا كعائلة، نور يعاني من ضغط نفسي صعب، يحاول الدراسة بمفرده لكنه لا يستطيع، يبقى صامتا معظم الوقت، وعصبي في بعض الأحيان، نحاول توفير ما يحتاجه وان نعوضه على الاعتقال لكنه شاب محروم من ابسط حقوقه وهي "حرية الحركة والتعليم"، نحن نستطيع ان نبقى بالمنزل لفترة طويلة اما الشاب فلا يمكنه ذلك".

وأوضحت :"أما نحن والديه ففرض علينا ان نكون مراقبين له وتحولنا كسجانين من خوفنا عليه، فالشرطة تداهم المنزل بين الحين والآخر لتتأكد من التزامه بالحبس المنزلي، وفي إحدى المرات تم التحقيق مع أطفال في محيط المنزل حول نور وعن طبيعة تحركاته".

وقالت :"نور محروم من الذهاب لشراء ملابس، ممنوع من الذهاب الى الحلاق، والتوجه للطبيب بحاجة لطلب رسمي..ففي احدى المرات ذهبنا الى الطبيب والشرطة كانت في المنزل وتأكدت من ورقة الطبيب، كما ان المحكمة نحضرها ونعود وأحيانا تكون الشرطة باب المنزل لتتأكد من عودتنا الى المنزل".
وأشارت أنها أصبحت تقيد حرية ابنها، ولا تتمكن هي أيضا من تركه وحيدا في المنزل خوفا عليه.

حال زيد وسيف ونور هي حال بقية الأطفال السبعة..الوقت لا يمر بسرعة..وهناك عدم استغلال للوقت، يعيشون في قلق دائم من مصير مجهول قادم، وسط مطالبات اسرائيلية بفرض أحكام قاسية عليهم تصل الى 9 سنوات، وهو ما سيقرر في السادس عشر من الشهر الجاري موعد المحكمة.

الاخصائي شقير: يعيشون الخطر من المجهول

الدكتور سمير شقير أخصائي صحة نفسية ومحاضر في جامعة القدس أوضح أن الأطفال الذين يفرض عليهم "الحبس المنزلي" يعيشون في حالة دائمة من الخوف والقلق من وجود شيء يهدد حياتهم، وبخطر من المجهول القادم لهم في أي لحظة، فهم بانتظار أحكام بالسجن إضافة الى الخوف من المداهمة الدائمة لأفراد المخابرات وقوات الاحتلال لمنازلهم لفحص التزامهم بالحبس المنزلي.

وأضاف الدكتور شقير أن الأطفال خبرتهم محدودة لكيفية التعامل مع هذه المواقف، وبالتالي فإنهم يعيشون في حالة "ترقب من الخطر والأذى في أي لحظة"، وبتهديد نفسي.

وأضاف الدكتور شقير أن هذا الخوف ينتج عنه توترات تظهر واضحة في تصرفاتهم وسلوكياتهم، ناهيك عن الشعور الدائم بالإحباط بسبب فقدانهم حريتهم وهم في منازلهم وبين عائلاتهم.

وقال الدكتور شقير أن الظروف التي يعيشها الأطفال تؤدي الى انعكاسات غير معروفة وغير متوقعة، تأتي كردة فعل على الظروف التي يعيشونها وذلك حسب نظريات علم النفس.

وأوضح ان حالة التوتر والقلق تزداد عند اقتراب القرار النهائي "للحكم".

وأمام القرارات الإسرائيلية بتحويل منازل الاطفال الى "سجون" لحين البت النهائي في قضيتهم، شدد الدكتور شقير على ضرورة ايجاد برامج دراسية اكاديمية للاطفال لتعويضهم عن مدارسهم، اضافة الى وجود برنامج تأهيلي ارشادي علاجي خلال فترة الحبس المنزلي، مؤكدا على أهمية الدعم العائلي لهم.

تقرير ميسة أبو غزالة