|
مشاركون في ندوة يؤكدون الحاجة لإعادة تعريف المشروع الوطني
نشر بتاريخ: 13/03/2016 ( آخر تحديث: 13/03/2016 الساعة: 10:42 )
رام الله- معا- أكدت شخصيات سياسية ومجتمعية وشبابية على الحاجة إلى إعادة تعريف المشروع الوطني الفلسطيني على أساس النضال من أجل تمكين الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، مع ربط ذلك بعملية مرحلية للوصول إلى الهدف الإستراتيجي الذي يمكن أن يكون دولة ديمقراطية موحدة، منوهين إلى أن الفترة الحالية تتطلب النضال من أجل حق العودة، وإنهاء الاحتلال في الضفة والقطاع، مع ضمان حق المساواة لفلسطينيي 48.
جاء ذلك خلال ندوة نظمها المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدارسات الإستراتيجية (مسارات)، واللجنة التوجيهية لأسبوع مقاومة الأبارتهايد والاستعمار الإسرائيلي، في مقري مركز مسارات بالبيرة وغزة، عبر نظام "الفيديو كونفرنس"، حول المشروع الوطني الفلسطيني ودور فلسطينيي 48. وتحدث خلال الندوة كل من عوض عبد الفتاح، الأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي، وخليل شاهين، مدير البحوث والسياسات في مركز مسارات، ود. حيدر عيد، عضو الحملة الفلسطينية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل، وأدار الندوة صلاح عبد العاطي مدير مكتب مسارات في غزة، الذي افتتح اللقاء بكلمة نوّه فيها إلى أن هذه الندوة تأتي ضمن أسبوع مقاومة الأبارتهايد الذي يقام في أكثر من 200 مدينة حول العالم كل سنة، وهو من أهم فعاليات حركة مقاطعة إسرائيل BDS. وتطرق إلى دور فلسطينيي 48 باعتبارهم جزءًا من الحركة الوطنية الفلسطينية، مؤكدًا الحاجة إلى مشروع وطني جديد يقوم على استعادة الوحدة الوطنية وإعادة بناء المؤسسات على أسس الشراكة مع الحاجة إلى مساهمة فلسطينيي 48 في تطوير هذا المشروع. وتحدث عبد الفتاح عن أزمة المشروع الوطني وكيفية إعادة صياغته من أجل التمكن من تحديد ماهية دور فلسطينيي 48 فيه. واستعرض المراحل التي مر بها المشروع الوطني، "حيث كان يهدف في البداية إلى تحرير كل فلسطين كمشروع تحرري لأي شعب يتعرض للاحتلال والاستعمار الإحلالي، وكانت الهدف واضحًا آنذاك، ثم تبين عدم واقعية الأمر، فتبنت الحركة الوطنية حل الدولة الديمقراطية الواحدة على كل فلسطين، ثم تراجعت عنه في السبعينيات لصالح الحل المرحلي، وبدأ الانحدار والتدهور وصولًا إلى القبول باتفاقية أوسلو وإقامة السلطة، وبذلك أغلق باب الصراع قبل حله بشكل عادل". وأضاف: لقد جرت عملية تآكل وهدم لقيم التحرر الوطني التي قامت عليها حركة التحرر الفلسطينية، بحيث أصبحت إسرائيل كأنها طرف في نزاع مع منظمة التحرير حول قضايا محددة مثل الحدود، وليست قوة استعمار استيطاني واحتلال وأبارتهايد. ومنذ ذلك الحين يعيش المشروع الوطني الفلسطيني أزمة خانقة وحادة تتجلى في الوقت الحالي بعجز قياداته الرسمية عن التعامل مع انتفاضة القدس التي تعتبر تمردًا على الوضع القائم. وتابع عبد الفتاح: جرت في العقود الأخيرة محاولات جيدة لإعادة رسم المشروع الوطني تبدت من خلال عدة أشكال مثل نشاط لجان الدفاع عن حق اللاجئين في العودة مطلع التسعينيات، والانتفاضة الثانية، وعودة النقاش حول حل الدولة الواحدة والحركات الشبابية وحركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها، التي تعد من أكثر النقاط المضيئة في تاريخ شعبنا الفلسطيني المعاصر، حيث أنها حررت الضمير الفلسطيني والعالمي من الوهم الذي صنعته اتفاقات أوسلو بأن الصراع في طريقه إلى الحل. وعن علاقة الحركة الوطنية الفلسطينية خارج الأراضي المحتلة عام 1948 بالفلسطينيين داخلها، قال عبد الفتاح إن "الحركة الوطنية تجاهلت في البداية وجود فلسطينيين تحت حكم الاحتلال الإسرائيلي، ثم بعد عقدين انتبهت لوجودهم وأهمية دورهم، ولكن اتجهت قيادة منظمة التحرير إلى التعامل مع فلسطينيي 48 بطريقة استغلالية، أي توهمت القيادة الرسمية الفلسطينية أن فلسطينيي 48 قد يشكلون داعمًا لها كورقة ضغط لصالح ما سمي بمعسكر السلام الإسرائيلي، خاصة في الانتخابات الإسرائيلية، أو منقذًا لها في معالجة الفشل المتكرر لعملية السلام". وحول دور فلسطينيي 48 في النضال، أوضح أن "صمودهم على الأرض ووجودهم شكّل مقاومة للاستعمار الاستيطاني والاحتلال العسكري والأبارتهايد الصهيوني. ويجب أن نفهم خصوصية وضعهم داخل دولة إسرائيل، ولكن لتعزيز دورهم في المشروع الوطني يجب بناء مؤسسات فلسطينية وبرلمان داخلي ديمقراطي وتعزيز قوتهم الاقتصادية والانخراط أكثر بحركة المقاطعة، والاشتراك في إعادة صياغة المشروع الوطني الفلسطيني والنقاش حول الدولة الواحدة والحراكات الشبابية وتوحيد المشهد الثقافي والأدبي الفلسطيني في الداخل والخارج". وفي مدخلته، أكد شاهين أن "مأزق المشروع الوطني الفلسطيني هو في أصله مأزق الفكر السياسي الفلسطيني بمقدماته ونتائجه وأدواته وممارسته السياسية، حيث أنه انتحر تدريجيا منذ كف عن أن يكون فكرًا لحركة تحرر وطني، إذ بات يعتمد المفاوضات كوسيلة للتفاهم مع منظومة السيطرة الاستعمارية الاستيطانية على ما يمكن أن ترفع سيطرتها عنه من أرض وموارد وبشر، بديلًا عن مقاومة المشروع الصهيوني. وأضاف: لقد أصبح هذا الفكر عاجزًا عن فهم التحولات والتطورات في المنظومة الصهيونية الاستعمارية، وخضعت أجزاء من مكونات الحقل الوطني، من المنظمة والفصائل، وصولًا إلى السلطة، إلى الشرط الاستعماري، وسعت إلى التكيّف مع نتائج تقدمه على الأرض بدلًا من التمرد عليها، بل ويمكن القول إن مفردات خطابها وممارساتها السياسية وبناها التنظيمية شهدت تكيفًا مع نتائج تقدم المشروع الصهيوني الاستعماري، لا سيما مع حشر الحقل الوطني ضمن النظام السياسي الفلسطيني المفصل على مقاس السلطة وقيود أوسلو حتى انقسمت هذه السلطة على نفسها في سياق الصراع الداخلي بين حركتي فتح وحماس. ونوه إلى أنه "مع كل ذلك، فإن الجانب المشرق والإيجابي في الواقع الفلسطيني يتمثل باستمرار الصمود ونمو وتكور أشكال جديدة من النضال والفعل خارج المنظومة السياسية التقليدية، مثل حركة المقاطعة، وحركة حق العودة، والحراكات الشبابية على جانبي ما يسمى الخط الأخضر، مثل مواجهة مخططات التهجير القسري عبر "مخطط برافر" في النقب وكذلك في جنوب الضفة، وتجربة قرية "باب الشمس"، والموجة الانتفاضية الحالية، وصولًا إلى بعض النضالات المطلبية النقابية كحراك المعلمين. وقال إنه بالرغم من عدم وجود تيار ثالث فلسطيني إلا أنه يوجد ما أسماه "الفضاء الثالث أو الجديد"، الذي تنشط فيه أشكال مقاومة وعمل خارج المنظومة التقليدية للمنظمة والسلطة والفصائل. وخلص شاهين إلى القول "إن الفترة الحالية تشبه إلى حد ما حالة الاختمار أواخر الخمسينيات ومطلع الستينيات من القرن الماضي، التي سبقت تشكيل الحركة الوطنية الحديثة. أي أن الفضاء الثالث قد يمهد لإعادة تشكيل واستنهاض الحقل الوطني عبر تشكيل أطر جديدة يتداخل فيها القديم مع الجديد وتستعيد زمام المبادرة وتكسر الاحتكار السياسي من قبل المنظمة والفصائل". بدوره، أشار عيد إلى أن "لب المشكلة يكمن في حل الدولتين"، وأن "ما يقوم به الاحتلال الإسرائيلي من جرائم في فلسطين يتخطى ما عانته أفريقيا من نظام الفصل العنصري، فدولة إسرائيل هي دولة استعمار استيطاني وعنصري"، منوها إلى أن "الفصل العنصري تكرس منذ اتفاقية أوسلو، حيث تحولت الأراضي الفلسطينية المحتلة إلى معازل عرقية تمارس بها جرائم الحرب وجرائم الإبادة، كما تحولت الضفة إلى كانتونات معزولة، فيما تحول قطاع غزة إلى أكبر معتقل إداري على وجه الكون". وقال إن حملة المقاطعة الدولية تسعى إلى تحقيق حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإنهاء نظام الاضطهاد المركب من احتلال واستعمار استيطاني وتمييز عنصري. وأكد عيد أن "الحالة الفلسطينية تعاني من إخفاق مركب ثلاثي الأبعاد، يشمل أزمة في المشروع الوطني، وأزمة المؤسسات والأحزاب السياسية، وأزمة في القيادات السياسية"، مشيرًا إلى "ضرورة تعزيز العمل نحو تبني مشروع لحل الدولة الديمقراطية العلمانية الواحدة على أرض كل فلسطين، ومشاركة الكل الوطني الفلسطيني في الداخل والشتات في إعادة تعريف المشروع الوطني". |