وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

المنظمات الأهلية تستعرض حالة حقوق الإنسان في فلسطين

نشر بتاريخ: 17/03/2016 ( آخر تحديث: 17/03/2016 الساعة: 20:14 )
المنظمات الأهلية تستعرض حالة حقوق الإنسان في فلسطين
رام الله -معا - عقدت مؤسسة الحق امس الاربعاء، ورشة عمل لمناقشة التزامات دولة فلسطين بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. وقد شارك في الورشة العديد من منظمات العمل الأهلي في فلسطين. تأتي هذه الورشة، في إطار الجهود المستمرة التي تبذلها "الحق" في مرحلة ما بعد انضمام فلسطين للاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان، بدون تحفظات، واستحقاقاتها، وما تعهدت به دولة فلسطين على صعيد إنفاذ الاتفاقيات الدولية على المستوى التشريعي والسياساتي وفي الممارسة العملية، مقارنة بما يجري فعلياً على أرض الواقع.

وتناولت الورشة عرض ونقاش حالة حقوق الإنسان، وما شهدته من تراجع خطير في مختلف الحقوق والحريات العامة، وتحديداً بعد الانضمام للاتفاقيات الدولية، بدون تحفظات، قياساً على ما كان عليه الحال قبل الانضمام، ومؤشرات ودلالات هذا التراجع الخطير في حالة حقوق الإنسان على صعيد الإرادة السياسية والمغزى من وراء عملية الانضمام للاتفاقيات الدولية.

وجرى استعراض واقع حرية الرأي والتعبير، والانتهاكات المرتكبة بأشكال مختلفة على هذا الصعيد تجاه الصحفيين/ات ونشطاء التواصل الاجتماعي والنقابيين والطلبة وغيرهم، علاوة على غياب الشفافية وتجاهل دور المنظمات الأهلية في نقاش المشاريع المتعلقة بالرأي والإعلام؛ كالقرار بقانون بشأن المجلس الأعلى للإعلام الذي جرى إصداره دون نقاش مجتمعي ومن ثم وقف نشره، وما تتداوله الحكومة بشأن مشروع "الإعلام الإلكتروني" وفرض "عقوبات صارمة" تستهدف هذا المجال تحديداً، وخطورة المضي قدماً في هذا المسار وانعكاساته الكارثية على فضاء الرأي والإعلام.

وتناول اللقاء، المحاولات المستمرة، من قبل الجانب الرسمي، وبأشكال مختلفة، للتضييق على المنظمات الأهلية والشركات غير الربحية، سواءً من خلال "خلق أجسام رقابية بديلة" أو من خلال "العنوان المالي" وأبعاد ودلالات هذا النهج الحكومي، وما يجري في دول مجاورة على هذا الصعيد، وذلك بالرغم من وجود العديد من الجهات الرقابية في القوانين الفلسطينية السارية التي تقوم بالرقابة على الأنشطة الإدارية والمالية للمنظمات الأهلية والشركات غير الربحية.

وجرى التأكيد على أهمية تكثيف الجهود لوقف العمل بنظام الشركات غير الربحية الذي صادقت عليه الحكومة بتاريخ 7/7/2015 والذي يشترط الحصول على الموافقة المسبقة من مجلس الوزراء على التمويل المالي للشركات غير الربحية وبيان الغاية من ورائه، دون أية معايير أو آليات واضحة وشفافة، خلافاً للقانون الأساسي والمعايير الدولية، وعرض تمويل عدد من الشركات غير الربحية على مجلس الوزراء بما يدلل على المضي قدماً في انتهاك المعايير الدولية على هذا الصعيد.

وجرى استعراض الأداء الحكومي، في التعامل مع أزمة المعلمين، وجملة الانتهاكات التي وقعت بحقهم، في غياب المحاسبة على الانتهاكات وإنصاف الضحايا، وما أكده القانون الأساسي والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وغيره بشأن الحق في الإضراب والحق في التنظيم النقابي، وأهمية بلورة خطاب حقوقي واضح المعالم ومستند للمعايير الدولية على هذا الصعيد.

وتمّ الوقوف خلال النقاش، عند الانتكاسة التي تعاني منها منظومة الشفافية وتدفق المعلومات، من قبل الجهات الرسمية، في ظل المماطلة المستمرة بإقرار قانون حق الوصول إلى المعلومات وفقاً للمعايير الدولية، وخطورة الاستمرار في سياسة تجاهل المجتمع المدني والمنظمات الأهلية في التشريعات الاستثنائية وفي السياسات المتبعة، وانعكاساتها على الحقوق والحريات العامة.

وتمّ استعراض أبرز الشواهد، على غياب الشفافية وتدفق المعلومات؛ من قبيل تعامل الحكومة ووزارة المالية مع الموازنة العامة، وإقرار قرار بقانون الضمان الاجتماعي الذي هو حق لكل مواطن، دون نقاش مجتمعي، بل وضعه تحت عنوان "نسخة يمنع تداولها تحت طائلة المسؤولية" وجرى التأكيد على رفض هذا القرار بقانون، الذي لا يحقق حماية وعدالة اجتماعية، ويخالف العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والمعايير الدولية ذات الصلة، وطالبت المنظمات الأهلية الفلسطينية بعدم نشره في الجريدة الرسمية، وعرضه فوراً على النقاش المجتمعي، وعلى أرضية الاتفاقيات الدولية التي انضمت إليها دولة فلسطين بدون تحفظات.

وجرى استعراض القرارات الأخيرة الصادرة عن مجلس الوزراء، وأبعادها ودلالاتها، وبخاصة ما يتعلق بقرار مجلس الوزراء حصر تلقي الشكاوى ومتابعتها بالجهات الرسمية، وقرار مجلس الوزراء الذي يتضمن الاستمرار في التضييق على المنظمات الأهلية وقد شمل أيضاً المؤسسة الوطنية وتحت عناوين مختلفة وبعيداً عن النقاش المجتمعي وعن متطلبات الاتفاقيات الدولية، وجرى نقاش ما يتعلق أيضاً بقانون الشرطة الذي جرت المصادقة عليه من قبل مجلس الوزراء بما تضمنه من مخالفات واضحة للقانون الأساسي وقانون الخدمة في قوى الأمن والمعايير الدولية.

وأكدت المنظمات الأهلية الفلسطينية، أن النهج الذي تسير عليه السلطة التنفيذية على صعيد التشريعات والسياسات العامة، يأتي على النقيض تماماً مع الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان التي انضمت إليها وهي مسؤولة عن إنفاذها بدون تحفظات، وعلى النقيض أيضاً مع خطة التنمية الوطنية الفلسطينية 2014- 2016 التي أكدت على ضرورة "التعاون الفعّال" مع المجتمع المدني في تنفيذ الخطة بكافة قطاعاتها وعلى ضرورة العمل على تعزيز منظومة الحقوق والحريات العامة.

وجرى استعراض مسار التقارير الرسمية التي تعدها الحكومة؛ ولا سيما مسودة التقرير الرسمي المتعلق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وبطىء المسار على هذا الصعيد، وعدم عرضه لغاية الآن على المشاورات الوطنية، علاوة على تأخر الجانب الرسمي عن مواعيد تسليم التقارير وفقاً لما ورد في نصوص الاتفاقيات الدولية على هذا الصعيد، ودلالاته في مدى احترام الالتزامات الدولية التي قطعتها دولة فلسطين على نفسها بالانضمام للاتفاقيات الدولية.

وجرى التأكيد على أنه، وبعد مرور ما يقارب السنتين على انضمام دولة فلسطين للاتفاقيات الدولية، إلا أن هنالك غياب شبه كامل على صعيد إنفاذ الاتفاقيات الدولية على مستوى التشريعات الفلسطينية والأولويات التشريعية، وعلى مستوى السياسات العامة بالنظر إلى الأداء الحكومي، وفي الممارسة العملية بالنظر لتصاعد حجم انتهاكات حقوق الإنسان على أرض الواقع.

وتناول النقاش التصدعات التي يعاني منها النظام السياسي، في ظل ازدواجية عمل المؤسسات في الضفة الغربية وقطاع غزة، نتيجة استمرار حالة الانقسام والتشرذم الداخلي، واستمرار غياب المجلس التشريعي وغياب الرقابة البرلمانية على الأداء الحكومي، والنزيف الذي يعاني منه القضاء ومنظومة العدالة، وتأثيراتها على حقوق الإنسان وعلى غياب المحاسبة وسبل الانتصاف الفعالة.

وأكدت المنظمات الأهلية، أنها ستستمر وبمختلف الأدوات والوسائل، في الضغط لإنفاذ الاتفاقيات الدولية، وأنها لن تتراجع أو تتقاعس عن السير قدماً لتحقيق هذا الهدف. وطالبت المنظمات الأهلية بالكف عن المماطلة في بيان القوة القانونية للاتفاقيات الدولية في التشريعات المحلية، وحسمها بما ينسجم مع التزامات دولة فلسطين بموجب اتفاقية فينا لقانون المعاهدات.

وجرى استعراض جهود المنظمات الأهلية، في مسار إنفاذ الاتفاقيات الدولية، من خلال الرقابة على مسودات التقارير الرسمية، والتدريب وبناء القدرات، وإعداد التقارير الموازية بما يعكس الواقع على الأرض، كما هو، بمهنية وشفافية، وضمن رؤية وخطة عمل وتنسيق مشترك وأدوار واضحة وجداول زمنية خاضعة للتقييم المستمر في كل مراحلها. وبيان أهمية الدور التي تعوله اللجان الدولية في الأمم المتحدة المعنية بالاتفاقيات وانفتاحها على المنظمات الأهلية.

وبحصلية عرض ونقاش واقع حقوق الإنسان على الأرض، وحالة التراجع الخطيرة في منظومة الحقوق والحريات العامة، وفي منظومة الشفافية وتدفق المعلومات ومبدأ التكامل والمشاركة في اتخاذ القرار، وفي ضوء تقييم هذا الواقع، أكدت المنظمات الأهلية الفلسطينية على ما يلي:

1. إعلان رفض القرارات والإجراءات الصادرة مؤخراً عن الحكومة بشأن المنظمات الأهلية والشركات غير الربحية، وما يتعلق بحصر تلقي ومتابعة الشكاوى بالجهات الرسمية، لمخالفتها المعايير الدولية والتشريعات الفلسطينية، ومطالبة الحكومة بسحبها، ووقف التعدي على الحقوق والحريات، واحترام التزاماتها الدولية بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
2. إعلان رفض قرار بقانون الضمان الاجتماعي، وعدم نشره في الجريدة الرسمية، وعرضه فوراً على النقاش المجتمعي، وعلى قاعدة المعايير الدولية لحقوق الإنسان؛ وبخاصة الواردة في العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وأيضاً العهد المدني والسياسي.

3. إعلان رفض المشروع الذي يتم تداوله بشأن "الإعلام الإلكتروني" لمخالفته القانون الأساسي المعدل وما أكد عليه العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والتعليقات العامة للجنة العهد وتقارير المقرر الخاص المعني بحرية الرأي والتعبير والمعايير ذات الصلة بشأن حرية الرأي والتعبير، وعرضه فوراً على النقاش المجتمعي، وعلى قاعدة المعايير الدولية وسيادة القانون.

4. إعلان رفض قرار بقانون الشرطة، الذي جرى المصادقة عليه من قبل الحكومة، دون نقاش مجتمعي، لمخالفة أحكام القانون الأساسي المعدل وقانون الخدمة في قوى الأمن والمعايير الدولية ذات الصلة، وعرضه فوراً على النقاش المجتمعي على قاعدة المعايير الدولية وسيادة القانون.

5. أهمية وضرورة وقف نهج تجاهل المنظمات الأهلية والنقاش المجتمعي الذي تسير عليه السلطة التنفيذية على مستوى التشريعات والسياسات، وبناء علاقة تشاركية تكاملية في صناعة القرار.

6. أهمية وضرورة مراجعة الخطاب الحقوقي السائد وأدواته التقليدية في مواجهة تحديات المرحلة، واستخدام مختلف الأدوات المحلية والدولية، في مواجهة التدهور في حقوق الإنسان.

7. أهمية وضرورة الارتكاز على "العمل الجماعي المنسق" في مواجهة تحديات المرحلة وبناء تحالفات عريضة وقوية، والعمل على مراجعة الائتلافات القائمة بما يضمن مزيداً من الفعالية في الأداء.

8. ضرورة اللجوء إلى "حملات المناصرة" بمختلف أدواتها ووسائلها لزيادة الضغط والتأثير في مواجهة الانتهاكات وفضحها ومحاسبة المنتهكين وإنصاف الضحايا، والعمل على تصويب المسار .
9. دراسة إمكانية "تعليق المشاركة في المشاورات الوطنية" على التقارير الرسمية للاتفاقيات الدولية، نظراً للتردي المستمر في حالة الحقوق والحريات، مع استمرار المنظمات الأهلية في تحمل مسؤولياتها في مواجهة الانتهاكات والعمل على محاسبة مرتكبيها وإنصاف الضحايا، والقيام بواجبها في إعداد التقارير الموازية والتواصل مع لجان الاتفاقيات واستخدام الآليات الدولية.

10. العمل الجاد على إعادة الاعتبار "للعمل التطوعي" وإيلاؤه أهمية خاصة في جهود المنظمات الأهلية باعتباره الخزان الاستراتيجي والمحرك في العمل الأهلي المتجذر في تراب فلسطين.

11. دعوة المجلس التشريعي إلى الالتئام ومباشرة مهامه الدستورية الأصيلة في التشريع والرقابة على أداء السلطة التنفيذية وأجهزتها، بما يساهم في استعادة وحدة المؤسسات، وترميم النظام السياسي الفلسطيني، إلى حين إجراء الانتخابات العامة الرئاسية والتشريعية في أسرع وقت.
شارك في اللقاء: مؤسسة الحق، المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، مركز القدس للمساعدة القانونية، مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان، مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي، مركز علاج ضحايا التعذيب، المبادرة الفلسطينية لتعميق الحوار العالمي والديمقراطية، مركز إعلام حقوق الإنسان والديمقراطية، مركز الدفاع عن الحريات والحقوق المدنية، مركز رام الله لدراسات حقوق الإنسان، جمعية تنظيم وحماية الأسرة الفلسطينية، المركز الفلسطيني للتنمية والحريات الإعلامية، اتحاد لجان العمل الصحي. حضر اللقاء ممثلون عن: مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان، مجلس منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية، سكرتاريا حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، مركز جنيف للرقابة الديمقراطية على القوات المسلحة.