|
قصتي مع زهر اللوز...
نشر بتاريخ: 20/03/2016 ( آخر تحديث: 20/03/2016 الساعة: 10:45 )
الكاتب: ناريمان عواد
بقلم: ناريمان عواد
في كل عام ،وعند بدء شهر شباط ، ابدا ارقب الشجيرات في فناء البيت وفي جانبي الطريق وعلى امتداد الافق لاتابع اجمل مشهد تكتسي فيه الطبيعة في فلسطين ، لحظة تفتح الازهار ، زهر اللوز والازاهير الاخرى لتشكل لوحة فائقة الجمال ، في كل عام اركض خلف الزهرات في كل الميادين لاراقب بدء تفتح هذه الزهرات الجميلة واحلوا ان احتفظ بهذا المشهد وقتا اكبر في ذاكرتي، التقط الكاميرا الخاصة بي وابدا بتصوير هذه المشاهد واختار الاراضي التي تكثر فيها هذه الاشجار. اضع عائلتي في استنفار خاص ،علينا ان نلحق بهذا المشهد ،علينا ان نركض خلف هذه الصور الجميلة ، اذا هي خطة طوارئ عاجلة تمليها علي مسؤوليتي الانسانية والوطنية والبيئية. اللوز وهو يستعد لحفل زفافه، يكتسي بالابيض الجميل ومهما وصفنا جمال هذه الزهرة الجميلة ، الا ان القلم يعجز عن وصف ما تحمله من عنصر ابهار وجمال ، وان كنا نعتز بشجر الزيتون وبحباته الخضراء كعنصر لتاكيد حقنا على هذه الارض الطاهرة والذي يعود الى الالاف من السنين ، فانني ارى ضرورة ان يكون مشهد زهر اللوز ايضا بطاقة رسمية باسم دولة فلسطين في موسم الربيع لتشير الى الفصل الاجمل . ، والمتفرج والمتابع لهذا المشهد ، يلاحظ ان لحظة اكتساء الاشجار تبدا بصورة تدريجية شجرة تلو الشجرة ، حتى تجد نفسك في مشهد ساحر لعرائس يرقصن رقصة الباليه ويلبسن الاثواب البيضاء الجميلة. كيف يمكن لمشهد جمالي تمنحه الطبيعة ان يحدث هذا ا السحر الروحي لدرجة تبقى مشدودا للمشهد لساعات طويلة لا تريد ان تفارقه او تبعد عنه . في كل عام تبدا رحلة مطاردتي للشجيرات الجميلات ، وفي كل عام احس ان الوقت يمضي بسرعة فائقة لا تمنحني الوقت الكافي لاحتفظ بهذا المشهد البديع واتمنى من الله ان تتاخر لحظة تحول هذه الزهرات الى ثمار حتى اتمكن من مراقبة هذا المشهد الساحر لفترة اطول. وانا اراقب شجرة اللوز وازاهيرها الجميلة ينتابني خوف شديد ، ان تهب عاصفة شديدة تاخذ هذه الزهرات بعيدا ، ورغم حبي للمطر الا انني ارقب تساقطه على الزهرات بحرص شديد خوفا من سقوط زهراتي الجميلة عندما يكون تساقطه شديدا. في هذا العام كما في كل الاعوام السابقة ، تبدا رحلتي بين المحافظات لاشاهد هذا المظهر البديع ،لكني اتعثر على الطرقات باجراءات التفتيش المذلة وباغلاق الطرق وبالتعذيب على الحواجز ، الذي يمتهن كرامة الشعب الفلسطيني المقبل على الحياة والذي يحلم ان يتمكن من الوصول الى ارضه، الى شجيراته الصغيره ، الى حقله ، يفترش الارض والحمائم تطوف من حوله ، دون طلقات نار تستهدف الحياة وتروع اسراب الطيور وتنزع حلم الاطفال الذين يمرحون في المكان ، يعود موسم ازهار اللوز والحزن يخيم على المكان ، ، تختفي خلف الشجيرات اصوات الاطفال الذين كانوا يمرحون ويلعبون ويمرون حولها في طريق ذهابهم وايابهم الى المدرسة ، يقطفون بعضا منها ، يضعونها بين كراريسهم ويكملون المسير ، تغيب ضحكات الاطفال ، في عمر الورد 15 او 16 عاما تنطفئ زهراتهم يسفطون برصاصات تخترق اجسادهم الصغيرة ، يحملون بين اكفهم زهرات اللوز ، يحبون الحياة ويحلمون بربيع قادم. عزاؤنا ان الامل بربيع قادم يتجدد ، وان زهر اللوز سيحتفي مرة اخرى بعرسه ... لزهر اللوز الذي يختال على الاغصان ، ولفلسطين الحبيبة التي تبهرنا في كل عام بجمال طبيعتها وارضها الخصبة كل الحب والوفاء ، ستبقى عصية على المحتل ، تمنحنا في مواسم الخصب ابهى واجمل الصور ، تهتف لمحبيها من كل العالم للتجذر في ثراها وللدفاع عنها وللوصول اليها مهما بعدت المسافات |