وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

الجندي القاتل بطل إسرائيل

نشر بتاريخ: 27/03/2016 ( آخر تحديث: 27/03/2016 الساعة: 11:35 )
الجندي القاتل بطل إسرائيل
الكاتب: مصطفى ابراهيم
جاء نشر شريط فيديو الذي انتشر في جميع انحاء العالم ويظهر قيام جندي اسرائيلي بإطلاق النار على الشاب الفلسطيني عبدالفتاح الشريف في تل رميدة في الخليل وهو ملقى جريحاً وقتله بدم بارد، ليعري ويفضح الوجه الحقيقي لإسرائيل وقيادتها خاصة رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو الذي حاول استغلال تفجيرات بروكسل وتشبيهها بالمقاومة الفلسطينية والهبة الشعبية ولصق تهمة الارهاب لها.
اسرائيل لم تتوقع ردود الفعل والانتقادات الواسعة في الصحافة الامريكية والأوروبية حيث شكل ذلك دليلاً قاطعاً على صحة ادعاءات الفلسطينيين ومنظمات حقوقية إسرائيلية بأن جنود الجيش الإسرائيلي يطلقون النار على فلسطينيين مشبوهين بالهجوم بهدف قتلهم حتى بعد شل حركتهم، كما ذكرت صحيفة الغارديان البريطانية.

هذا كان سبب من الاسباب التي دعت كل من رئيس الحكومة نتانياهو ووزير الأمن موشي ياعلون لإصدار بيانات إدانة للجندي لما سببه الفيديو من حرج والضرر الاستراتيجي لإسرائيل على المستوى الدولي كما ذكر بعض المسؤولين الاسرائيليين، والقول إن هذا الجندي لا يمثل قيم الجيش الإسرائيلي، وأنه يتعارض تماماً مع أخلاقيات القتال، انه سيتم التعاطي مع الموضوع بكل جدية من دون أن نتهاون في حربنا على الإرهاب الفلسطيني، لكن الويل لنا إذا قمنا بشيء يتعارض وقيم أخلاقنا وضميرنا.

وعلى إثر ذلك أثير نقاش وجدل وتضامن من اقطاب اليمين في الحكومة وخارج الحكومة على وسائل الاعلام وشبكات التواصل الاجتماعي، ودشنت مبادرات وحملات تضامن مع الجندي للإفراج عنه وتبرئته، ونشرت وسائل الاعلام الاسرائيلية رسالة صوتية من عائلة الجندي الاسرائيلي قرأتها شقيقته وخاطبت الاسرائيليين بصوت عاطفي مؤثر، ودافعت عن شقيقها، وقالت انه قبل ستة دقائق من قتل "المخرب" كان بطل من الجميع وبعد القتل اصبح متهم، وانه يتعرض لمحاكمة ميدانية من دون الدفاع عن نفسه، وانه سقط تحت غبار احذية رئيس الأركان ووزير الدفاع ورئيس الوزراء.
كما استعانت العائلة بمستشار إعلامي ووظفته لمتابعة الحملة الإعلامية لمخاطبة الرأي العام للدفاع عن ابنها. وفي الوقت ذاته نشر موقع واللا الاسرائيلي خبر حول مبادرة قام بها جندي احتياط وقال ان الجندي المتهم "بطل اسرائيل" وطالب الحكومة بالإفراج عنه وانه قام بجمع تواقيع على عريضة من ٧ الاف إسرائيلي و جندي.

ويتضح ان حملة التضامن الاعلامية مع الجندي المتهم نجحت ولقت أثراً في نتانياهو وبدأت تأتي أوكلها وانه لحس تصريحات الادانة التي ادلى بها سابقاً، فبالأمس كتب نتانياهو على حسابه على الفيسبوك مبررا ما حدث في الخليل وقال، ما جرى في الخليل لا يمثل قيم الجيش، يتوقع الجيش من جنوده التصرف بأعصاب باردة ووفق تعليمات إطلاق النار، وأن الجنود يصدون بأجسادهم هجمات إرهابية قاتلة ضد مواطني إسرائيل، وهم يستحقون كل سند، وبشأن الحادثة الأخيرة، أعتمد على الجيش في إجراء تحقيق مسؤول وعادل، كما يفعل دائماً.

المهم في كل ذلك ان ذلك ان ما يجري في اسرائيل هو نقاش عام بين مكونات الإسرائيليين، وان هناك شبه اجماع على قتل الفلسطينيين، وان الإسرائيليين يمارسون ديمقراطيتهم على دمنا في الدفاع عن قضاياهم الداخلية والخارجية بحرية وضمن سيادة القانون والحريات المتاحة لهم من دون خوف، ومبادرة عائلة الجندي بتشكيل رأي عام من دون أي تهديد أو قمع واستبداد من السلطات، ويوجد في المؤسسة الرسمية قبل المعارضة من يتضامن ويتبنى قضاياهم ويدافع عنهم ويحاولون تحويل المجرم لضحية. هم ينجحون في جعل المجرم بطل ونحن فشلنا في الدفاع عن ابطالنا وما زلنا نفشل في إدارة حتى نقاش وطني عام لإدارة حياتنا والدفاع عن قضايانا العادلة بما فيها اليومية، وغياب المؤسسة الديمقراطية الحريات العامة وسيادة القانون في ظل القمع والاستبداد الممارس بحق شعب يناضل للتحرر من الاحتلال.