وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

تحقيق: قتل الشابين الشريف والقصراوي يشكل جريمة حرب

نشر بتاريخ: 29/03/2016 ( آخر تحديث: 29/03/2016 الساعة: 15:19 )
تحقيق: قتل الشابين الشريف والقصراوي يشكل جريمة حرب

رام الله -معا - توصلت مؤسسة الحق نتيجة تحقيقاتها الميدانية المستندة لإفادات شهود العيان أن ما قام به جنود الاحتلال من قتل للشابين عبد الفتاح الشريف ورمزي القصراوي يوم الخميس الموافق 24/3/2016 في البلدة القديمة من الخليل، يشكل قتلًا عمدًا، يصل لمستوى جريمة الحرب، يتعين مساءلة ومحاسبة مرتكبيها، وأن الشاب القراوي قتل بنفس الطريقة التي قتل فيها الشريف.


ووفقًا لشهادتين متوافقتين أدلى بهما شاهدا العيان عماد أبو شمسية البالغ من العمر 45 عامًا، ونور أبو عيشة، البالغ من العمر 32 عامًا، وهما من سكان المنطقة التي وقع فيها الحادث في البلدة القديمة من الخليل، لمؤسسة الحق، فإن جنديًا من جنود الاحتلال قام بإطلاق النار باتحاه رأس الشاب عبد الفتاح يسري الشريف البالغ من العمر 20 عامًا، وهو ملقًا على الأرض بعدما أطلق جندي آخر النار على جسده وجسد شاب آخر يدعى رمزي عزيز القصراوي البالغ من العمر 20 عامًا، بعد اتهامهما بمهاجمة جندي بسكين وإصابته بجروح طفيفة.


وذكر الشاهد أبو عيشة أنه، وعند حوالي الساعة 8:20 من صبيحة يوم الخميس الموافق 24/3/2016، سمع صوت إطلاق نار وهو في بيته الكائن في حي تل الرميدة بالقرب من الحاجز المسمى "جلبرت" في البلدة القديمة من الخليل، فتناول آلة التصوير خاصته، ونظر من شباك في بيته يطل على المنطقة التي وقع فيها إطلاق النار، فرأى شابًا يرتدي "جاكيت" أسود وفي يده سكين يركض في المحيط، وكان يبدو عليه أنه مرتبكًا لأنه غيرّ اتجاه ركضه أكثر من مرة. وعلى ما يبدو أن ذلك الشاب كان يحاول الهرب بعدما حاول طعن جندي وأصابه بجروح طفيفة.

ويستمر الشاهد أبو عيشة في روايته ويقول أن جنديًا إسرائيليًا قام بإطلاق رصاصتين باتجاه الشاب الذي كان يركض من على بعد 10 أمتار تقريبًا فسقط على الأرض،( وقد تبين أن الشاب هو عبد الفتاح الشريف)، ثم قام ذات الجندي بعد ذلك بإطلاق رصاصتين أخريين على رأس شاب مصاب ملقى على الأرض يرتدي "بلوزة" رمادية اللون من مسافة تقدر بثلاثة إلى خمسة أمتار. ويبدو أنه كان قد أصيب نتيجة إطلاق النار الذي سمعه الشاهد في البداية وهو داخل بيته. ( وقد تبين أن الشاب هو رمزي عزيز قصراوي). يذكر أن الشاهد قام بتصوير ذلك الجندي، ويتوفر لدى "الحق" نسخة من الصورة الفوتوغرافية.


وحضرت في الأثناء أربع سيارات إسعاف، وقام المسعفون بتقديم المساعدة الطبية لجندي مصاب، ولم يتم تقديم أية مساعدة للجريحين الفلسطينيين اللذين كانا ينزفان بشدة. وبعدما تم تحميل الجندي المصاب في إحدى سيارات الإسعاف الإسرائيلية التابعة "لنجمة داود الحمراء"، قام جندي آخر، وهو ليس ذات الجندي الذي أطلق النار على الشابين في البداية، بالتقدم باتجاه الشاب الشريف، وسط صيحات مستوطنين حضروا إلى المكان يقولون أن " المخرب ما زال حيًا" وأطلق النار على رأسه من مسافة تقدر بثلاثة أمتار. وقد تم ذلك بعد حوالي 20 دقيقة من إطلاق النار الذي سمع في البداية، وبعدما كان ذلك الجندي يتحدث إلى ضابط يبدو أعلى منه رتبة، وفقًا لما كان يظهر من رموز على بدلته العسكرية.


واستنادًا إلى ما ذكر أعلاه، فإن جنديين إسرائيليين نفذا عمليتي قتل يمكن تصنيفهما بأنهما قتل عمد، يصل لمستوى جريمة الحرب، بحق شابين فلسطينيين، وأن الشاب القصراوي قتل بنفس الطريقة التي قتل بها الشاب الشريف، ولكن الفرق هو أن الكاميرا لم تلتقط عملية قتله. تستند "الحق" في تكييفها لهذه الجريمة على أنها جريمة قتل عمد على ما يلي:


أولًا: أن إطلاق النار على رأس الشاب الشريف جاء بعد فترة تقدر بحوالي 20 دقيقة من إطلاق النار على جسده وسقوطه على الأرض وتحويله إلى شخص لا يقوى على القيام بشيء، وأن إطلاق النار على رأسه جاء بعد صيحات المستوطنين التي قالوا فيها أنه لا زال حيًا. وبكلمات أخرى فإن الهدف من إطلاق النار هو القتل، وليس هذا فحسب وإنما التأكد من أن الشخص قد توفي تمامًا.


ثانيًا: أن إطلاق النار على رأس الشاب القصراوي كان يهدف بوضوح إلى التأكد من أنه قد قتل، وخصوصًا أنه كان قد أصيب بأعيرة نارية في جسده أسقطته أرضًا وشلت قدرته على القيام بأي شيء.


إن مؤسسة الحق، وفي الوقت الذي تجدد فيه موقفها من أن الكثير من عمليات القتل التي وقعت في الأرض الفلسطينية المحتلة خلال الهبة الحالية على الأقل تصنف على أنها قتل خارج نطاق القانون، وأنه كان بالإمكان تجنبها لو أرادت سلطات الاحتلال ذلك، حتى في الحالات التي ادعت فيها أن المهاجم كان يحمل سكينًا، فإنها تؤكد على ما يلي:


أولًا: ضرورة مساءلة ومحاسبة مرتكبي جريمة القتل العمد بحق الشابين الشريف والقصراوي. والمرتكبون هنا غير مقتصرين على الجنديين اللذين قاما بتنفيذ القتل، وإنما كل من شارك في هذه الجريمة وغيرها من الجرائم المشابهة سواء بالتخطيط أو إعطاء الأوامر أو السكوت عنها.


ثانيًا: إن المسعفين والأطباء الإسرائيليين لا يقومون بدوهم الإنساني وفقًا لما يمليه القانون الإنساني الدولي، ما قد يجعل منهم مشاركين غير مباشرين بالجريمة، وهذا يتطلب تحقيقًا لتحديد مستوى انخراطهم ومسؤوليتهم عن هكذا جرائم.


ثالثًا: ترى "الحق" أن هاتين الجريمتين تعبران عن سياسة إسرائيلية، وهذا واضح من تصريحات مسؤولين إسرائيليين، وليس أدل على ذلك من تصريح ليبرمان الذي أيّد فيه القتل وأكد أن "الجندي قام بتنفيذ الأوامر". هذا يعني أن هناك أوامر بالقتل، وليس "تحييد" الخطر المدعى.


رابعًا: أن قيام سلطات الاحتلال بتوقيف الجندي المتهم بالقتل قد يكون للتغطية على الجريمة، وإظهار دولة الاحتلال على أنها تحترم القانون وتحاسب المخالفين. كما أن توقيف جندي وترك الآخر يوحي بأن ما قام به الجندي لا يعتبر جريمة لأن عدسة الكاميرا لم تلتقطه، وهذا كله يشير إلى أن توقيف الجندي الذي انتشرت صوره وهو يقتل لم يأت إلا على خلفية تحاشي الإحراج أمام العالم.


وفي النهاية فإن "الحق" تؤكد أنها ماضية في توثيق هذه الجرائم، لإعداد ملف خاص بها وإرساله على شكل بلاغ للمدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية لمساعدة مكتبها في الدراسة الأولية التي تم الشروع بها في مطلع عام 2015، على أمل أن تتطور هذه الدراسة إلى تحقيق رسمي، يفضي إلى محاسبة مرتكبي هذه الجرائم وينصف الضحايا.