وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

الإعلام الديني وفيفي عبدو

نشر بتاريخ: 29/03/2016 ( آخر تحديث: 29/03/2016 الساعة: 22:30 )
الإعلام الديني وفيفي عبدو
كتب: محمد اللحام

الواقع المعاش ادخل تحولات جذرية على دور الاعلام ونقله من التشخيص لما يحدث أو نقل الخبر أو تصدير الموقف، إلى دور تربوي يكون ويبلور ويصنع الاراء اكثر من التعبير عنها.

ووفق ذلك فان مهمة الإعلام الديني، هي تقديم اعلام تنموي هادف يسهم في تعزيز وترسيخ وتنمية القيم والمفاهيم وبلورة السلوك، وينطلق من كون الدين عقيدة تتمتع بقدسية واحترام واهتمام لإشباع حاجات المجتمع، مما يتوجب استثمار كافة التقنيات الإعلامية ووسائل الاتصال وفق منهج علمي وعملي لتحقيق ذلك، وبما يكفل تأثيراً يحقق التغيير المنشود لتقديم الإعلام الهادف والمؤثر الذي يسهم في العملية التنموية، وبما يحفظ الهوية الدينية للمجتمع المحلي والإنساني، عبر التواصل الفكري والحضاري مع مختلف الافراد والجماعات.

فالإسلام استهدف الخروج من الجاهلية عبر دين قام على الدعوة والتبشير والتنوير والإعلام، برسالة شاملة لكافة مجالات الحياة، لذلك كانت الحاجة ملحة وماسة إلى ظهور الإعلام الديني الذي يمثل فاعلية الصدارة في بناء الإنسان والمجتمعات البشرية، مستمداً منهاجه ومبادئه وضوابطه من روح الشريعة الإسلامية بموعظة حسنة وجدل حسن.

فالإعلام الديني- نتحدث عن الاعلام الديني الإسلامي- ليس في أيد امينة، لا شكلاً ولا مضموناً، مما سهل خطفه من قبل البعض وحصره لخدمة اجندة حزبية خالصة، ليبرز كمعول هدم وردم للمجتمعات الإسلامية، وصولا لتشويه الدين الاسلامي وتقديم هدية مجانية لأعداء الدين والمجتمعات التي تعتنق هذا الدين، وتنميطها بالإرهاب والتخلف، وتسهيل وتبرير الاعتداء عليها والمس بها، وعلى الصعيد الداخلي تفصيل الناس ما بين مؤمن وكافر.

وتحتل المؤسسة الدينية في النظام السياسي العربي الرسمي، المسؤولية الأكبر في ضعف الاعلام الديني، وتعاطيها مع الظاهرة الإعلامية، سواء أكان ذلك من جهة الإنتاج أو الاستهلاك.

أما التيارات الحزبية المنتجة لخطاب الإعلام الديني، فأنها تسهم وتمعن بالفوضى التي تسيطر على الساحة الإعلامية في القضايا الدينية؛ نتيجة خلل في الرؤية والمرجعية.

الاعلام الديني السائد والمسيطر هو الذي يبث الفتنة، وينفي الآخر، ويرفض ثقافة الاختلاف، ويعزز الطائفية ويُجملها من باب تسويق وتجذير الخلاف، حتى وصلنا إلى التفتت والتشظي في العالم العربي بأغلبيته المسلمة.

وإذا كانت المؤسسة الدينية الرسمية صاحبت قصور واضح في هذا السياق، مقابل استثمار مقيت للإعلام من جماعات متطرفة تتلحف بالاسلام ، فإن هنالك جهات اخرى عملت على اضعاف الاعلام الديني، بتقديم اعلام هارب وهابط أصبحت معه برامج نجوم الفن الأكثر متابعة ومشاهدة وأثر وتأثير "فيفي عبدو، وأحلام، ونانسي، ومحمد سعد".

وهذا الامر لا بد له من أن يزيد مسؤولية الإعلام الديني في تفعيل استراتيجياته من خلال تقديم البدائل بأساليب مبتكرة تجعله أكثر تأثيراً وفاعلية، حيث قضت بذلك تعاليم الإسلام الذي يعتنقه أكثر من 90% من سكان الوطن العربي لديهم الأرضية والقابلية التفاعلية لتلقي وتلقف كل ما يتعلق بالدين، دون أن يحصلوا على مساحة 5% في اعلامهم عن سماحته وعدله وقيمه النبيلة. وتعطي وسائل الإعلام مساحة أعلى للنشرة الجوية أو أسعار العملات  بتحسس واضح من الاقتراب أكثر للإعلام الديني، في تعبير مكثف عن العجز والقصور في هذا المجال وتركه واستسهال ضعفه حتى استثمر من اعلام الظلام .

والواقع يتطلب حراكاً على مستوى المفكرين والعلماء وأصحاب القرار والقلم والصوت؛ لوقف الاستنزاف والمساهمة في اعادة صياغة مهارات ومهمات وادوار وأدوات ورسائل ومضامين الاعلام الديني المعاصر.

وسوف اقف في نهاية المقال عند جملة من الأسئلة تحتاج للفكر والدراسة والإجابة:
- أين الإعلام الديني القادر على مجابهة ومواجهة التحديات المعاصرة، والتشوهات والانحرافات المهنية في الخطاب الاعلامي الديني بكافة وسائل الإعلام؟
- من المسؤول عن غياب استراتيجية دينية معتدلة تواجه التطرف والتشدد الديني في الإعلام العربي؟
- ما هي طبيعة هذا الإعلام وواقع فاعلية رسالته عبر الوسائل المختلفة على المستوى الفردي والمجتمعي ومدى بلوغ الطموحات التي تصنع التغير؟
- أين المفكرين وعلماء الاجتماع وعلماء النفس والتاريخ والاقتصاد من المساعدة في اخراج الاعلامي الديني من نمطية اوصلتنا إلى ما نحن عليه؟