|
الانهيار السياسي يؤدي الى انهيار اخلاقي .. حتما
نشر بتاريخ: 02/04/2016 ( آخر تحديث: 02/04/2016 الساعة: 11:58 )
الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام
حين تنتصر الثورة تنتصر الاخلاق ، وتعم المناقب الحميدة ويعيش المجتمع أبهى صوره ويسود التكافل الاجتماعي ويهب القوي لمساعدة الضعيف وتقوم الطبقة الغنية لمؤازرة الطلبة المحتاجين والفئات الاقل حظا ( مثل الانتفاضة الاولى ) . وحين يفشل المشروع السياسي تظهر فئة ضالة من اللصوص والمتسلقين والمتعمشقين على شعارات الوطن فلا تكتفي بالفساد والواسطة وانما تنتقل بسرعة البرق الى مرحلة النهب للمال العام وتستقوي ( باسم الوطن ) على الفئات الضعيفة والاراضي الحكومية والمال العام ويصيبها فيروس الجشع فلا تكتفي بما نهبت وانما تبدأ بتدمير المنجزات وتخريب المؤسسات الوطنية ، وسرعان ما لا تكتفي بذلك ايضا فتبدأ بتخريب المفاهيم الوطنية الجميلة ، فتهزأ من القيم الحميدة ومن التضحية وتستخدم السخرية للنيل من الذين رفضوا ان يفسدوا .
كما ان اسوأ انواع الفساد هو فساد الاحزاب الثورية ، التي تحمل البندقية على كتف والغنائم المنهوبة على كتف اّخر ، وبقوة سلاح الثورة تطفئ شعلة الأمل عند جيل كامل يؤمن بالثورة . وكلما انتصرت الثورة كلما انتصرت الاخلاق ، وكلما انهزم المشروع الوطني وتراجع كلما ارتفع الزبد والاوساخ على السطح . ولا يمكن معالجة الفساد الاخلاقي بلجنة او محكمة او قاضي او متقاعد حريص ، وانما لاصلاح أخلاق المجتمع لا بد من نظام ثوري يحكم بالعدل وينتصر للمظلوم ويساعد الضعيف ويرأف بالطفل والفقير والمراة . ان محاولة خلق نظام عادل من بطن الفساد امر لا يمكن الوصول اليه ، وقد استخدم ستالين من قبل نظرية ( المكنسة الحديدية ) في طرد الاوساخ وكنس الفاسدين واعادة الهيبة للقانون والعدالة الاجتماعية ، اما اورويا فقد خلقت نظام مؤسسة مبني على الانتخاب والديموقراطية وحققت ما تريد ، فيما سارعت امريكا تلهث من اجل خلق توازن بين حقوق الاستثمار للاغنياء وبين حقوق الفرد للوافدين والمتجنسين وصنعت دستورا مدنيا لا يمكن القفز عنه . فيما ذهب الراحل جمال عبد الناصر الى مفهوم الاشتراكية من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية . اما الاحزاب القومية العربية فقد لجأت الى نظام بوليسي مخابراتي قمعي لتحقيق الاستقرار ، ويبدو ان الثورة الفلسطينية بدات تعجب بهذا النظام رويدا رويدا حتى لم نعد نميّز بين الانظمة العربية وبين النظام السياسي الفلسطيني ويخيّل لي أحيانا ان المسؤول " الثائر" لا يمكن ان يكون في حسابه عشرات ملايين الدولارات ولو كانت من ميراث والده ، وحتى لو كانت من ميراث اجداده فهو ليس بثائر لمجرد انه يملك هذه المبلغ . بينما لجأ الاخوان المسلمون والحركات الاسلامية الى السيف في قمع كل معارض وترويض المجتمع لخدمتهم فراحت تدعو الى تقسيم المجتمع بين موالي ومعارض وهو امر لا يقترب بالحد الادنى من نظام العدالة الاجتماعية . بل هو يقترب اكثر ما يكون من الانظمة الفاشية . في المجتمع الفلسطيني في الارض المحتلة تبدو الامور معقدة جدا ولكن لا يزال لدينا فرصة ، وقد تكون الاخيرة . لانشاء نظام ديموقراطي مبني على سيادة القانون الذي ينشر الرحمة بين الناس ( وليس جنرالا ينفخ النار من أنفه ويعتقد انه جمال باشا ) من اجل اعادة ترميم مجتمع انهكه الاحتلال ودمرته الحروب وقتلت فؤاده الهزائم . من اجل الانتصار لمشروع ثوري ايجابي خلّاق ، علينا اولا ان نعزل الجيل الجديد من مفاهيم الهزيمة والانبطاح والتردي ، وعلينا ان نعيد تعريف مفهوم العدالة الاجتماعية . وعلينا ان نقلل من الفروقات بين ( المسؤولين الاغنياء ) وبين ( المواطنين الفقراء ) . وان نعيد تربية الجيل الصغير الصاعد على ان الظلم لا يسود وان الفاسد لا يحكم وان ظهر فجاة ، فللباطل جولة . اما المعركة فهي لصالح الحق والعدل والاحلاق الحميدة . يقول اسحق الموصلي : هي المقادير تجري في أعنّتها فأصبر فليس لها صبر على حال يوما تريك خسيس الاصل ترفعه الى العلاء ويوما تخفض العالي |