|
قصة "الوحش" الذي عمل بوصية عرفات ووالده أبكى صدام
نشر بتاريخ: 03/04/2016 ( آخر تحديث: 04/04/2016 الساعة: 20:41 )
بيت لحم- خاص معا- من أبناء فلسطين الذين تركوا بصمة تجاوزت الحدود الوهمية لوطن شاءت الأقدار أن يقسمه الاستعمار، منذ بداياته امتزج دمه الفلسطيني بدم اشقائه العراقيين ليتدفق في شريان التضحية والفداء خدمة لفلسطين والعراق اللتين طالتهما حربة الاستعمار في بداية مشوار التقسيم الجديد.
أحد أبطال معركتي "الـقادسية" و"أم المعارك"، تبوّأ مناصب عديدة حتى صعد إلى المستوى القيادي في الجيش العراقي، تواصل مع القائد "ابو عمار" الذي قال له يوما على تراب العراق "نحن ربيناك للحظة ديه"، والده أبكى الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، وأخيرا بعد خمسة عقود من الغياب وطأت قدماه ثرى مسقط رأسه وتحقق حلمه الذي طالما راوده بالعودة الى الوطن. التقت وكالة معا باللواء ركن في القوات الخاصة بالجيش العراقي السابق عاكف موسى الوحش، من التعامرة شرق محافظة بيت لحم، بعد أن وطأت قدماه أرض فلسطين التي غاب عنها نحو 50 عاماً، لترى من خلال وجهه وعيونه حب العراق لأهل فلسطين. "خرجتُ من فلسطين عندما كنت فتى، واتجهت إلى لبنان وقاتلت في صفوف جبهة التحرير العربية في العام 1975، وبعد ذلك توجهت نحو العراق لعلمي بوجود ثقافة عسكرية هناك، فقررت أن اغرف من مناهل الحياة العسكرية هناك وأعود بها إلى جنوب لبنان وأقاتل هناك ضد الاحتلال الإسرائيلي"، يقول اللواء الوحش. وأضاف: كنت أحد الفلسطينيين خارج الوطن الذين طموحهم وحلمهم دائماً ما يكون العودة إلى فلسطين، فعندما كنت صغيراً ادركت أني يجب أن أُعبّد طريق العودة بالتعليم والنضال والوصول إلى اعلى المراتب مجتمعيا. عندما كان عمري 21 عاماً تخرجت بالمرتبة الأولى من الكلية العسكرية في العراق، وحاولت دخول لبنان في 1982 لكن لم انجح فعدت إلى بغداد، وعرض علي الالتحاق بصفوف الجيش العراقي وقبلت، فبدأت في خوض المعارك مع الجيش العراقي وعندما كنت أُكلَّف بأي واجب عسكري أؤديه بأفضل شكل، وبدأت بالتدرج بالرتب العسكرية حتى وصلت الى رتبة لواء في الجيش العراقي في العام 1999، وكنت اصغر لواء في حينها. الفلسطيني كان بنظر العراقيين "الرجل الخارق" قبل احتلال بغداد، لكن بعد ذلك تعرض الفلسطينيون للاضطهاد من قبل العصابات المسلحة انتقاماً من حب الرئيس صدام لهم، فنكَّلوا بهم اسوأ تنكيل. كنت احد مشرفي جيش القدس بالعراق البالغ قوامه 7 مليون مقاتل، وسمي بهذا الاسم افتخاراً بفلسطين، وأنشئ في الأساس لدعم الانتفاضة الفلسطينية الثانية في العام 2000. صدام حسين كان حبه للراحل ياسر عرفات جما وتجمعه به علاقة مميزة، وكان صدام يقول لأبي عمار أنت "حادي الركب وكلنا نسير وراءك ابو عمار". صدام طلب مقابلة والدي كونه أب مقاتل فلسطيني في صفوف الجيش العراقي حينها، وعندما جلس معه وتبادل الحديث بكى الرئيس صدام، وعند خروج والدي سألته ماذا فعلت وكيف استطعت أن تجعل الزعيم يبكي؟ وحينها ادركت تماماً مدى عشق الرئيس صدام للفلسطينيين. كانت العراق الدولة العربية الوحيدة التي تسدد التزماتها لفلسطين، وكان صدام يقول لنا دائماً في كل اجتماع مع مستشاريه: "لن تؤخرنا معاركنا عن تسديد واجبنا القومي تجاه فلسطين". وفي الانتفاضة الثانية، كان صدام يصرف مبلغ 25 ألف دولار لبناء منزل الاستشهادي الفلسطيني اذا نُسف، ويقدم 25 ألفاً اخرى لعائلته، وإذا كان متزوجاً، لأسرته 15 الف دولار و10 الاف دولار لوالديه. كان الرئيس العراقي الراحل صدام يتابع عن كثب اخبار فلسطين، وفي احد الايام بينما كان يشاهد التلفاز رأى طفلا فلسطينيا يضع العلم على احد اعمدة الكهرباء، فأعجب به وطلب احضاره للعراق، وبعد عدة ايام حضر وتم تكريمه، و في موقف آخر عندما شاهد امرأة مسنة من غزة تستنجد به طلب فوراً من مقربيه احضارها إلى العراق وفعلا تم ذلك. ويرى الوحش، أن الرئيس العراقي لم يخطئ من الناحية الاستراتيجية والتوقيت عندما قرر خوض معركة "القادسية" وحرب الخليج الثانية، وأن النظام العراقي اجبر على مواجهة الغزو الامريكي للعراق، ولم يكن هناك أي خيار يمنع مخططاً امريكياً غربياً لتدمير العراق كونه النظام العربي الاصيل، والمهدّد للمشروع الصهيوني الامريكي في الشرق الاوسط. ياسر عرفات "أبو عمار" أبو عمار كان يعتبرني ممثل فلسطين في العراق، ويقول لي "دير بالك على العراق". المعارك والاصابات حينها اخترقت رأسي 17 شظية نافذة الى الدماغ ودخلت بغيبوبة، وأجريت العديد من العمليات الجراحية الدقيقة، وكتبت لي الحياة بعد أن استمر علاجي سنة وشهرين في المستشفى. اكثر لحظة شعرت فيها بالضعف لحظة الانسحاب من العراق تجاه الاردن اثناء احتلال العراق على يد الجيش الأمريكي، وفي تلك اللحظة كنت اقود مركبة خاصة فواجهتني دبابة امريكية اطلقت الرصاص بكثافة صوبي ولكن كُتبت لي النجاة بمشيئة الله، وتوجهت لمنطقة جامع أم الطبول حيث كان ذلك المكان الذي يقاتل فيه الرئيس الراحل صدام حسين في المعارك ويحمل على كتفه قاذفة الصواريخ. قرار خروجي من العراق كان بداعي الحماية الشخصية، ودخلت الاردن من اوسع ابوابه واستُقبلت بحفاوة، ولم اتعرض لأي تهديد أو اعتداء بعد خروجي من العراق، والآن أعمل مديراً لقسم العلاقات العامة في مستشفى الامير حمزة ابن الحسين. اليوم عودتي للعراق مستحيلة وتعني القتل دون تردد، رغم أن علاقاتي مع ابناء الشعب العراقي بمختلف اطيافه كانت طيبة ولم تكن لي عداوات، لكن بحكم موقعي العسكري سابقاً يهدد عودتي وبقائي سالماً العصابات المسلحة هناك. ماذا يعني لك شهر آذار؟ غبت عن فلسطين 50 عاما، وحتى الآن لا أصدق أني تمكنت من دخول فلسطين، شعرت بالدفء يتغلغل في مسامات جسدي، وكأني في كوكب آخر، وعندما عبرت الجسور لم ارى جنود الاحتلال ببصيرتي لأن جمال فلسطين اسدل ستار بشاعة الاحتلال أمام عينيّ. كان من الصعب علي دخول فلسطين نظراً لوضعي العسكري في تلك الفترة، وأيضا لاحقا لعدم حملي الهوية الفلسطينية، لكن اليوم سأحاول أن اعود الى فلسطين للأبد، وهذه امنيتي التي أتمنى أن من يستطيع مساعدتي بتحقيقها لا يبخل علي ولا يوفر جهد في ذلك. اللواء ركن عاكف الوحش في سطور - تخرج من الكلية العسكرية الأولى الدورة "64" البطلة- كضابط في صف القوات الخاصة العراقية - بكالوريوس علوم عسكرية، وبكالوريوس اداب، وماجستير اعلام، وبدأ السنة التحضيرية للدكتورة ولم يكملها للظروف السياسية. - اجتاز العديد من الدورات العسكرية التدريبية في الصنوف منها صنف الهندسة العسكرية وصنف الدروع . - شارك في الدفاع عن وحدة وعروبة لبنان ومن أبطال المشاركين بحرب القادسية الثانية وعمليات ومعارك الشمال وحرب ام المعارك عام 1990م. - من المشاركين بالدفاع عن العراق طوال الفترة حرب الاستنزاف والحصار الجائر الذي استمر 13 عاماً (1990م-2003م) ومن المشاركين في حرب الحواسم عام 2003. - معلم معلمين قوات خاصة لمدة ثماني سنوات. - معلم مظليين قوات خاصة بالجيش العراقي. - تم تكريمه في العديد من المرات بواسطة القيادة العامة للقوات المسلحة العراقية. ومنح ست سنوات قدم رتبه عسكري ممتاز لبالستة المهنية. - حاصل على العديد من الانواط والأوسمة منها: نوط الاستحقاق العالي عدد 4، نوط الجريح، شعار أم المعارك، شعار القادسية، وسام الرافدين النوع العسكري من الدرجة الثانية، نوط الشجاعة عدد 9. - شغل العديد من المناصب الميدانية والأكاديمية - عضو اللجنة المركزية لجبهة التحرير العربية- ساحة العراق - المسؤول العسكري لجبهة التحرير العربية- ساحة العراق - إحيل للتقاعد عام 2003 بعد احتلال العراق تقرير: أحمد تنوح |