وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

كواليس اجتماعات امريكية .. وطلب ماكغورك لبناء قاعدة عسكرية بالعراق

نشر بتاريخ: 08/04/2016 ( آخر تحديث: 08/04/2016 الساعة: 11:56 )
كواليس اجتماعات امريكية .. وطلب ماكغورك لبناء قاعدة عسكرية بالعراق
كتب: عبد الله بدران، مراسل قناة الميادين في العراق، غطى عدداً من الأحداث في الوطن العربي سياسية وعسكرية، دراسات عليا في الأدب العربي -جامعة بغداد

عدّل ماكغورك جلسته استعداداً لطرح صادم، وببرودة أميركية، أعلم الحضور أن الحملة العسكرية وشقها العراقي في نينوى ليست بمستوى اهتمام الرئيس أوباما الذي وضع في حساباته تحرير الموصل العراقية والرقة السورية، على الأقل قبل نهاية ولايته.

لم تكن زيارة بريت ماكغورك المبعوث الرئاسي الأميركي لبغداد، لأهداف أمنية وعسكرية في مواجهة داعش فحسب، تحدث في السياسة وقدم رأي واشنطن في ما دار ويدور، وما وعد به رئيس الحكومة وما يمكن تحقيقه وشراكة المكونات، وعقدة الإصلاح التي لم تحل شيفرتها حتى اللحظة. هو حمل رسالة أميركية لفهم استعدادات بغداد لمعركة نينوى، والتذكير بالدور الأميركي في ما عُرف بمعركة الفرات عند هيت شمال الرمادي.

بردت فناجين القهوة، ولم يعد للمجاملة دور الترطيب. عدّل ماكغورك جلسته استعداداً لطرح صادم، وببرودة أميركية، أعلم الحضور أن الحملة العسكرية وشقها العراقي في نينوى ليسا بمستوى اهتمام الرئيس أوباما الذي وضع في حساباته تحرير الموصل العراقية والرقة السورية، على الأقل قبل نهاية ولايته. وباستثناء ذلك فإن واشنطن لا تريد غير وضوح من بغداد لجهة استعدادها للحرب ضد داعش شمال العراق، لأن خلاف ذلك قد يترك في نينوى نهايات وخواتيم، قد تسمح بتعديل السيناريو في العراق، ما سينعكس بطبيعة الحال تعديلاً في نهايات السيناريو في سوريا. ها هي الإدارة الأميركية إذاً، تعترف ضمنياً بأن الملف بين البلدين على الأقل أمنياً، ملف واحد، أو هي في الحد الأدني تتسابق مع الوقت مستعجلة نصراً يحسب لحلفائها، يشابه ما حصل في تدّمر والقريتين، هكذا على الأقل فهم الرسالة من تواجد وماكغورك في قاعة اجتماعات واحدة.

حتى تموز من 2016، فرصة لنهوض قوي من قبل الموقع التنفيذي الأول في العراق. رؤية العبادي وحلفائه في التغيير تتقاطع عند أولوية الميدان والإصلاح الداعم للأخير وخلق جبهة متماسكة حتى إكمال التحرير.لكن الجبهة الداخلية ليست متماسكة أيضاً، والحلفاء داخل التحالف الحاكم ينتظرون خطوات العبادي الذي أتقن حتى الآن رمي كرة الإصلاح السياسي في ملعب البرلمان، لكن لا جواب لديه لسؤال عن المحاصصة وكيف أفردت موقعاً له في رئاسة الوزراء.

الرأي الأميركي استمزجه ماكغورك قبل أن يطرحه مع ما قدم عراقياً من أوراق إصلاح. استمع لرئيس المجلس الإسلامي الأعلى السيد عمار الحكيم فوجد في ورقته ما يمكن أن يبقي الأمور هادئة سياسياً حتى تموز 2016، تحت عنوان الكل رابح. حتى إن التسريبات تشي بأن وزير الدفاع خالد العبيدي طمأن الأميركيين يوم أخذ زعيم التيار الصدري أخذ موقعاً له داخل المنطقة الخضراء، بأن لا خوف من حصار المنطقة وأن الأهداف الصدرية معلنة وسياسية لا تحمل باطناً يستهدف السفارة الأميركية بخطر أمني، وبذلك ضمن الأميركيون أن محاور فاعلة داخل التحالف العراقي الحاكم لديها الرغبة في إبقاء الأمور في إطار مشاغبة لم تصل بعد إلى حد مطالبة رئيس الوزراء العبادي بترك موقعه خلال الشهور الثلاثة المقبلة.

هنا عندما وجدت واشنطن أن في السياسة تشتتاً عراقياً لدى الائتلاف الحاكم، زجت بورقة رسمية هذه المرة، الحاجة الميدانية لقاعدة عسكرية أميركية في محافظة نينوى وفقاً للحاجة الفعلية وبالتنسيق مع بغداد وبما يضمن تسريعاً في التحرك ضد داعش.من جملة ما أضافه ماكغورك أن التجهيز لعملية نينوى لا يتناسب وحجمها وأثرها ومساحتها، وأن التقييم الأميركي الأولي، أن التحرير إن بقي على حاله وبمستوى الكر والفر كاستراتيجية متبعة في نينوى، فلن يكتمل قبل مدة عام، عام قد يمنح داعش قوة لفتح جبهات أخرى، فضلاً عن أنه سيأخذ مزيداً من الدم والاعمار، لكنه عام لا تريد له واشنطن أن ينقضي بتحرير للموصل تمسي فيه نينوى بلا داعش، فيما بغداد تراوح سياسياً.

على هذا الأساس، لا بأس والحديث لماكغورك أن تكون الإصلاحات سياسية إدارية دون أن تمس الشراكة ونسب المكونات المجتمعية، أو أن تفتح باباً للفيدرالية والادارات المحلية، لن تغلقه هذه المرة، حكمة أو زعامة وهو ما لا تريده (بغداد). على هذه القاعدة لا بد أولاً من رأب الصدع مع الكرد في أربيل كخطوة أولى، ومن ثم السماح لدور أميركي أوسع من باب الحاجة الميدانية ضد داعش، وهو ما أثبته الميدان حسب ماكغورك، دون أن يفسح مجالا لمضيفيه أن يضيفوا رأياً. زيارة ماكغورك سبقت زيارة لوزير الخارجية الأميركي جون كيري لبغداد، مهدّت لها وعبدّت طريقها، واختصرت ولخصت لكيري مواقف الكرد والعرب، وسُنة العراق وشيعته، بأنه لا يمكن أن تصل الأمور لدرجة تنفيذ تهديد كردي مبطن إطاره الانسحاب من بغداد ومن عمليتها السياسية، وبان موقف السُنة لا يمكن اختصاره برأي نائب الرئيس السابق اسامة النجيفي، خصوصاً ان تصعيداً داخلياً في بيت ائتلاف القوى العراقية بين الرجل وتلميذه السياسي رئيس البرلمان سليم الجبوري، اساس التصعيد، اختلاف حول التغيير الوزاري، الذي اضحى الجبوري اقرب فيه، من رفض النجيفي.الكرد بالنسبة لواشنطن لا زالوا يبحثون تنقيباً عن حلٍ بين بغداد وأربيل، تضيع في تلافيفه رئاسة الإقليم بصفقة داخل البيت الكردي على قاعدة الشرعية التاريخية لرئيس الإقليم مسعود البارزاني، لذا فإنهم حيارى بين رأيين سياسيين، الأول التصعيد وعناصره متوفرة لكنه يصل إلى مخاطر غير محسوبة وذلك يتمثل بسحب الوزراء الكرد، والثاني التهدئة ومن دعاتها الاتحاد الوطني الكردستاني والتغيير، فالنار إن اشتعلت ستتمدد من محور مخمور والخازر وصولاً لأطراف بغداد مروراً بكركوك، وهو ما ليس مطلوباً الآن، والعرب السُنة لم يتقنوا اخذ المبادرة في تحرير الارض بجيش من الحرس الوطني الذي اريد انشاؤه.

كيري والعبادي والصدريون وحلفاؤهم والأفرقاء وحتى أربيل يدركون مجتمعين إذاً أن التهديد متصل بأزمة داخل البيت الكردي أكثر من اتصالها بالشراكة، وتخوف أربيل من ضياع حصتها.هؤلاء جميعاً لم تتضح الصورة أمامهم حول التغيير الوزاري كما لم يتوافقوا على آلية التعديل، علماً أن طهران سعت ناصحة لأن يبقى التحالف الحاكم متماسكاً وأن تحافظ قنوات تواصله مع بقية الأطراف على حرارة طبيعية وهو ما حصل بالفعل ولو جزئياً. وفي ذلك تقاطع إيراني أميركي، حيث يطلب كلا الطرفين توافقاً يبقي بحده الأدنى العلاقات بين الرموز العراقية بعيدة عن التأرجح.لكن فيما يستلقي ماكغورك متأملاً أنه أنجز المهمة سياسياً بإبقاء الوضع السياسي هادئاً حتى الصيف، وميدانياً بإيصال رسالة الحاجة لقاعدة عسكرية أميركية في نينوى، فإن طرفاً ثالثاً يؤمن أن تدافع الأحداث وتطورات الميدان لا تنتظر انتهاء النقاش والوصول إلى خيارات مقبولة، قد يساير الفكرة الامريكية بالبقاء دون حراك، لكن ليس بعد حرّ تموز.

المصدر: الميادين نت