وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

غزة في ثلاثين ثانية

نشر بتاريخ: 12/04/2016 ( آخر تحديث: 13/04/2016 الساعة: 09:50 )
غزة في ثلاثين ثانية

غزة- تقرير معا - من منبهات السيارات التي لا تتوقف الى ميكروفونات الباعة المتجولين وصولا الى اصوات سيارات المياه والغاز وصوت مولدات الكهرباء.. ضوضاء منتشرة في كل مكان فضلا عن الملوثات البيئية من مكاره صحية ومياه الصرف الصحي ذات البنية المترهلة والمياه الملوثة جميعها اصبحت جزءا من البرنامج اليومي لمواطن يحاول استراق ساعات للراحة دون جدوى.. فبثلاثين ثانية يمكن ان تمر عليك كل انواع الضوضاء التي يمكن ايضا ان تتكرر كل ساعة سواء صباحا او مساء.

هي سلوكيات خاطئة تحولت إلى عادات يومية يمارسها المواطن حتى غدت منهج حياة يحاصر المواطنين في قطاع غزة .. حصار لا يقل أهمية عن الحصار الإسرائيلي المتواصل الذي افرز حالة نفسية من الكآبة والضيق والضجر أدت بشكل واو بآخر إلى تدمير مناعة الجسم المدافع الأول والحامي فدفع ثمن سلوكيات الإنسان الخاطئة أدت إلى استنفاره فدمره أكثر من مرة دون أن يدري وكاد أن يكون المتهم الرئيسي في تعطيله".

لنجعل غزة هادئة:
لم يكن أهل غزة بهذا الإزعاج في الماضي إلا أن أسلوب التقليد والمحاكاة حولت المدينة إلى ضوضاء ستتحول إلى منطقة لن تطاق بعد ذلك إذا لم تحل أمورها.

يقول الدكتور عدنان الوحيدي أخصائي طب الأطفال وصاحب حملة لنجعل "غزة هادئة" انه يحاول أن يقرع جرس الإنذار والتنبيه على الصعيد الوطني بمكوناته الصحية العلمية التي تخدم صحة الأطفال الحاليين والمستقبليين مبينا أن من حق هؤلاء الأطفال الذين سيكبرون في بيئة يمارسون فيها الصواب البيئي والهدوء النفسي كجزء من حياتهم وأسلوب حياتهم ان ينعكس هذا الهدوء إيجابا على التوازن العقلي والصحي وعلى القوة المناعية التي تكفل لهم حياة أفضل من الناحية الصحية .


وشدد الوحيدي أن الوصول إلى حالة من الهدوء في مجتمع فاقد له نمط راقي للارتقاء بالمجتمع مبينا أن المجتمع الهادي مجتمع راقي قابل للنمو الفكري والحضاري مشددا أن عيش الإنسان في مجتمع طبيعي يعزز وينشط حياة سليمة صحية طبيعية لذلك غزة يجب أن تكون هادئة.

هكذا يدمر الإنسان جهاز المناعة:

يؤكد الدكتور الوحيدي أن هذه الحالة من عدم الهدوء ساهمت في تدمير جهاز المناعة لدى الإنسان بأنماط وسلوكيات مختلفة لم يشعر بها وتنامت معه مع مرور الوقت حتى غدا من المتهمين الرئيسين في تدمير هذا الجهاز الذي يعتبر من المدافعين الأوائل عن الجسم.


ويقول في هذا الصدد:"الحالة البيئية المحيطة بنا ووجود مكاره صحية هنا وهناك بالإضافة إلى تلوث بالمجاري وتلوث للمياه ووجود مصادر كيميائية قريبة منا كلها تقوم بدورها باستنفار مرضي لجهاز المناعة تشغله وتسحبه لمعركة جانبية ويفقد قدرته على التفرغ لمقاومة الميكروبات".


وشدد الوحيدي أن حالات الحزن والكآبة الشديدة نتيجة الضغط والكبت النفسي الذي يعيشه معظم السكان في قطاع غزة كلها أمور مؤثرة إلى ابعد الحدود في إضعاف جهاز المناعة وبدل أن يكون الحامي والمدافع والواقي أصبح هو الضحية.


ممارسات وسلوكيات خاطئة:


وشدد الوحيدي أن كثير من الممارسات الخاطئة وغياب المعرفة الثقافية والتوجه كأسلوب حياة يجب أن تعدل من اجل مواجهة كافة الملوثات المجتمعة التي تعمل ضد جهاز المناعة المسئول عن حماية جسم الإنسان.


تعددت الأشكال والنتيجة واحدة انهيار جهاز المناعة تدريجيا دون أن يدرك الإنسان انه المسبب الرئيسي لهذا الانهيار كما يقول الوحيدي مبينا أن حماية الاطفال والكبار من خلال الوقاية والنظافة تقلل معدل التعرض للميكروبات وبالتالي يبقى جهاز المناعة يظل عفيا محميا ولا يدخل في معارك يومية بالإضافة إلى التغذية الجيدة التي تدعم جهاز المناعة بالعناصر الغذائية وتساهم في تكوين الجسيمات المناعية مبينا أن التعامل مع البيئة والتعرض للحر الشديد والبرد الشديد كلها تؤدي إلى إرباك جهاز المناعة وإشغاله بمعارك جانبية تؤدي لانحرافه عن عمله الأساسي في الدفاع ووسعت دائرة عمله وبالتالي أصبح اضعف من أن يسيطر على كل هذه الملوثات المفتعلة من قبل الإنسان.


حالة استنفار دائمة:

يبقى جهاز المناعة بحسب الدكتور الوحيدي في حالة استنفار دائمة بظروف غير الملامئة التي يعيش بها داخل وخارج المنزل ففي داخل المنزل أكد الوحيدي أن تعرضه الدائم للمواد الكيماوية داخل بالإضافة إلى انتشار المولدات التي تحدث تلوث بيئي تساهم في استنفاره وإرهاقه فضلا عن كمية التراب والأتربة والغبار المنبعثة في الجو.


كذلك فان أنواع الطعام أنواع الطعام وطريقة إعدادها والمقليات وكميات الدهون والمشويات والتدخين والشيشة كلها تستنفر جهاز المناعة بطريقة مؤلمة وكلما طالت مدة التعرض كلما كانت الآثار اشد وطأة على جهاز المناعة كما يقول الدكتور الوحيدي.


تبني استراتيجية وقائية علاجية:
يؤكد الدكتور الوحيدي الموضوع اكبر من ان يتم القضاء عليه خلال 24 ساعة ولكن يمكن التقليل من نسبة الملوثات التي تحيط بالإنسان في قطاع غزة المحاصر أو تغير السلوكيات الخاطئة من خلال تبني حل هذه المشكلات والعمل على حسرها والتقليل منها من خلال قوانين داعمة وإجراءات ملزمة وسياسات مطبقة يتعاون فيها الجمهور من خلال الاقتناع وليس الانصياع .


ودعا الدكتور الوحيدي إلى وضع قوانين ملزمة تردع متسببي الضوضاء دون ان يكون المواطن ضحية لسلوكياتهم التي يحاولون من خلالها ترويج سلعهم المختلفة متسائلا:"من قال ان اصوات الميكروفونات ومنبهات سيارات المياه والغاز وغيرها من المزعجات هي سلوك سوي؟".


تقرير هدية الغول