|
ابو جهاد اسطورة الذاكرة وذكريات الاجيال والثورة
نشر بتاريخ: 17/04/2016 ( آخر تحديث: 17/04/2016 الساعة: 12:22 )
الكاتب: عباس زكي
في السادس عشر من إبريل/ نيسان من كل عام، تتململ جبال وسهول فلسطين حين تعود الذاكرة لأسطورة الذكرى في حضرة الغياب لثورة في رجل وقائد في امة، استهل حياته النضالية وارتقى الى العلى كأفضل وارقى نموذج كفاحي تميز به خليل الوزير "ابو جهاد".
فكان الرجل الحقيقة الثورية والقائد العملي لفعالياتها تنظيما صلبا وكفاحا مسلحا وانتفاضة حجر هزم الدبابة، وبذلك جسد الوطنية من اجل فلسطين وكرس بمواجهته المستمرة للعدو الاسرائيلي طريق وحدة المناضلين وأنصارهم رغم كل التباينات في اطار مكتب الكفاح المسلح في مرحلة صعود الثورة وفي اطار "قاوم" القيادة الموحدة للانتفاضة الكبرى عام 1987، وزرع بذلك روح المقاومة في اجيال ما زالت تسير على نهج شهيدنا الخالد. من دمه صنع معجزة ومن رؤيته نهجا ليظل عنوانا خالدا في سفر النضال والثورة، وقد ترجل أمير الشهداء أبو جهاد أول الرصاص وأول الحجارة به واليه تطمئن القلوب ويتعمق الايمان. مضت سنوات عجاف مثقلة بخطواتها على رحيل رجل في وقت عز فيه الرجال، رحل جسدا وبقي فكرا ونهجا ومدرسة نضالية تشبث من خلالها شباب وزهرات فلسطين بأرضهم وقضيتهم ومشروعهم الوطني. لقد شكل ابو جهاد حالة نضالية مفعمة بالبصيرة، صنع من الثورة هدفا واقلق الاحتلال وقض مضاجعه حين كانت تلتبس الامور، فبات ملهما منذ الرصاصة الاولى مرورا بمعركة الكرامة وانتهاء بالانتفاضة الاولى عام 1987. وحين يذكر ابو جهاد تتقلب دفاتر الايام، ولا تكاد تغيب الحكايات الممزوجة بروح القائد، هناك دقت عملية دلال المغربي البطولية الجدران وفي تل ابيب قرعت ابواب وزارة جيش الاحتلال، من خلال “سفينة اتابيروس” التي كانت في طريقها لتنفيذ هجوم احتجاز ومفاوضات من الموقع الاقوى عام 1985، فاشتعلت الثورة واربك المحتل ونشر الرعب في صفوفه وقهر من نعت بالجيش الذي لا يقهر من خلال عمليات نوعية نفذها ابناء فتح البواسل كعملية فندق سافوي في تل ابيب، فحين يذكر ابو جهاد تحضر الثورة ويتقدمها، وحين تذكر الثورة يخرج المارد المغوار اسطورة يرسم بعيونه روابي الوطن وقبلة الفلسطينيين. وقد صنع ابو جهاد بحنكته مجدا وخط طريقا لمرحلة لاحقة فرض فيها قواعد اللعبة على الاحتلال، حين قادت الانتفاضة العالم الى الاعتراف بفلسطين قضية وشعبا ودولة من اعلان الاستقلال في الجزائر الى مؤتمر مدريد، ولو استمر الوهج الثوري وإطلاق العنان لمبادرات شعب الجبارين على قاعدة وحدة رأس الهرم بمشاغلة العدو لتحقق الحلم وقامت الدولة مكتملة السيادة والاستقلال. في ذكرى رحيل امير الشهداء صاحب مدرسة التمترس في خندق الثوابت، تحضرني كلماته وهي تطرق الاذان أن الانتفاضة قرار دائم وممارسة يومية تعكس أصالة شعب فلسطين وتواصله التاريخي المتجدد، وانه لا صوت يعلو فوق صوت الانتفاضة وأن مصير الاحتلال يتحدد على أرض فلسطين وحدها. لم يكن اغتيال هذا الرجل القائد على ارض تونس ترفا او كلاما عابرا من قبل الاحتلال، بل كان تعبيرا عن معرفته بقدرة وحنكة ذاك القائد وحجمه ودوره في الثورة والمجتمع، فكان آخر كلامه في النداء الاخير لقاوم "استمروا في الهجوم"، ورغم هول المفاجأة استطاع استخدام الرصاص في منازلته مع فرق الموت الاسرائيلية في منزله ليعيش ويموت من اجل فلسطين، ويبقى ابو جهاد فكرا خالدا يعيد الانبعاث لحركة فتح رائدة النضال ويخلق مراجعة موضوعية للأداء، فمن رحيله يسألنا كل يوم الى اين انتم ذاهبون؟ ومن حياته في الاخرة يرشدنا في رحلة التيه لنعيد مجدا شيده العظماء من القادة الشهداء، فهل لنا أن نعود اليه ونحتضن روحه من جديد؟ . |