وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

فى صوبيبور وغزة الجريمة واحدة ..

نشر بتاريخ: 28/04/2016 ( آخر تحديث: 28/04/2016 الساعة: 11:03 )
فى صوبيبور وغزة الجريمة واحدة ..
الكاتب: رأفت حمدونة
بدافع الفضول ، ولكونى معتقل سابق ومهتم بقضايا الأسرى ، لفت انتباهى كلمة اعتقال على كتاب كان معروض فى إحدى الجامعات يحمل اسم " معسكر اعتقال صوبيبور " للكاتب رمسيس عوض ، وخلال مطالعتى لصفحات الكتاب ، قرأت عن قصص الإبادة لليهود فى ألمانيا وأوروبا ، وبدايات التفكير النازى للوسائل التى اتبعت لهذا الغرض .

قرأت عن قصة معسكر " صوبيبور " الذى سمى على اسم القرية التى أقيم عليها هذا المعسكر فى منطقة تقع على شريط تشيلم فلودوفا للسكك الحديدية ، على الحدود الفاصلة بين بولندا وقوميسارية أوكرانيا التابعة للرايخ الألمانى ، والتى وقع عليها الاختيار لتكون موقع معسكر للموت ، وبدأ العمل لانشاء المعسكر فى مارس 1942 ، أى فى الوقت نفسه الذى بدأت فيه عمليات الابادة فى معسكر اعتقال بلزيك ، وقد تم احضار ثمانين يهودياً من سكان المناطق المجاورة لبناء المعسكر وبعد بناءه تم قتلهم جميعاً بالرمى بالرصاص ، ومن ثم تم احضار مجموعة ثانية من يهود مقاطعة لوبلين لبناء غرف الغاز فى مبنى متين من الطوب المقام على أساس من الخرسانة فى منطقة معزولة فى الشمال الغربى من المعسكر ، وكانت كل غرفة تتسع لنحو مائتى شخص ، وفى المقابل كانت أبواب لإخراج الجثث ونقلها ، وفى الخارج كانت هناك حظيرة فيها محرك " ماتور " يزود الغرفة بغاز الكربون مونوكسيد ، وكانت المواسير تنقل الغاز من المحرك إلى داخل الغرفة .

وفى ابريل 1942 عندما شارف مبنى المعسكر على الانتهاء ، أجريت فيه تجربة لمعرفة مدى نجاعته فى القتل ، فتم احضار ما يقرب من 250 يهودى من معسكر العمل فى كريشون القريب ، وكذلك على نحو ثلاثين أو أربعين امرأة يهودية أرغمن على خلع ملابسهن بالكامل وتم تشغيل محرك الغاز ، وبعد نحو عشر دقائق تحولوا جميعاً إلى جثث ، وتم نقلهم من البوابات على ظهر شاحنة إلى حفر الدفن وتم حرقها فى مكان بعيد ، كما واستخدم الحراس الضرب والكلاب والتعذيب لعدد كبير جدا ممن تم احضارهم للابادة فى هذا المعسكر .

من غير الغريب أن نقرأ عن ممارسات النازية بما حملوه من أيدلوجيا عنصرية عكست نفسها على ممارساتهم خلال الحرب العالمية الثانية وقبلها ، ولكن الغريب جداً والمستهجن ، وغير المستوعب ، وغير المنطقى على الإطلاق ، أن يقوم مهجرو تلك النكبات بما حملوه من ذكريات أليمة باستضعاف وظلم واحتلال شعب آخر ، وارتكاب جرائم ابادة مماثلة تفوق بحجمها وشكلها ونتائجها ما تم ارتكابه بحقهم .

والشواهد لما ارتكبته العصابات الصهيونية قبل قيام دولة الاحتلال ، وما قام به الجيش الاسرائيلى بحق الفلسطينيين كثيرة ، ولا تعد ولا تحصى ، فعلى سبيل المثال لا الحصر ، مجزرة حرب 2014 على قطاع غزة ، والتى استمرت 50 يوماً متتالية ، وارتكاب عشرات المجازر على يد الجيش الاسرائيلى فى خزاعة ورفح والشجاعية وبيت حانون وكل المناطق والمعسكرات ، مجازر خلفت مئات الضحايا غالبيتهم من النساء والأطفال وآلاف الجرحى وعشرات الآلاف من المشردين والبيوت المهدمة ، وأشارت إحدى الاحصائيات إلى أن عدد الضحايا الإجمالي للحرب بلغ 2,147 شهيداً ، منهم 530 طفلاً، و302 امرأة ، و23 شهيداً من الطواقم الطبية، و16 صحفياً، و11 شهيداً من موظفي وكالة "الأونروا" التابعة للأمم المتحدة ، وبلغ عدد الهجمات فى هذه الحرب إلى 8,210 هجوماً صاروخياً، و15,736 هجوماً بالقذائف البحرية، و36,718 هجوماً بالقذائف المدفعية ، وقد أدى هذا إلى تدمير 17,132 منزلاً، منها 2,465 منزلاً دُمِّرت بشكل كلي، و14,667 منزلاً دُمِّرت بشكل جزئي، إضافة إلى 39,500 من المنازل لحقت بها أضرار، كما تسببت الهجمات الإسرائيلية بتدمير 171 مسجداً، دُمّر 62 منها بشكل كلي، و109 بشكل جزئي ، وبلغ عدد المهجرين بلا مأوى جراء هدم منازلهم إلى 100,000 مهجر.

وأذكر بأن هذه الأعداد والقصص المأساوية المؤلمة سبقها مئات المآسى والأحداث والقصص من مذبحة دير ياسين وقبلها وبعدها حتى اللحظة ، وكل قصة منها تذكر بمعسكر صوبيبور وما ارتكبته النازيه بحق الآخرين فيه وفى غيره من المعسكرات .