وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

التأكيد على الحاجة للخروج من المأزق الراهن حلقة نقاش في البيرة وغزة

نشر بتاريخ: 04/05/2016 ( آخر تحديث: 04/05/2016 الساعة: 12:07 )
رام الله- معا- أجمعت آراء مجموعة من السياسيين والأكاديميين على ضرورة الخروج من الواقع الراهن الذي تمرّ به القضية الفلسطينية، والذي يشهد تكثيف الإجراءات الإسرائيلية الرامية لتعميق الاحتلال وتوسيع الاستيطان ومصادرة الأراضي وتهجير السكان، والعمل على تحويل الضفة إلى معازل مقطعة الأوصال، وفي ظل تعمّق الانقسام الداخلي، وما يعانيه قطاع غزة من حصار وما يحتاجه من إعادة إعمار، فضلا عن انكشاف مختلف التجمعات الفلسطينية على مزيد من المخاطر والتهديدات.

لكن الآراء التي طرحها المتحدثان الرئيسيان خلال حلقة نقاش بحضور هؤلاء السياسيين والأكاديميين، تباينت حيال المدخل القادر على فتح الطريق للخروج من هذا الواقع، والوسائل والأدوات المطلوبة لإحداث التغيير. إذ رأى د. عزمي الشعيبي، مستشار مجلس إدارة أمان لمكافحة الفساد، أن المشكلة لا تكمن في عدم توفر الرؤى لكيفية الخروج من المأزق، بل في غياب السياسات والآليات اللازمة لتطبيق الحلول التي باتت معروفة، وتضمنتها القرارات التي اتخذها المجلس المركزي لمنظمة التحرير في آذار 2015 بشأن إعادة صياغة العلاقة مع إسرائيل.

واعتبر النائب جميل مجدلاوي، عضو المجلس التشريعي، أن المدخل يكمن في الضغط من أجل إنهاء الانقسام أولًا عبر البدء بتنفيذ اتفاقات المصالحة (تشكيل حكومة وحدة وطنية)، وتأجيل البحث في البرامج السياسية والاجتماعية إلى ما بعد ذلك، بما في ذلك بلورة الأهداف الوطنية وإعادة صياغة منظمة التحرير والإستراتيجية الوطنية وأشكال النضال، لا سيما أن طرح الأسئلة ذات العلاقة بهذه القضايا الآن من شأنه أن يعمق الخلاف بين حركتي فتح وحماس.

في المقابل، حذرت مداخلات الحضور من أن الضغط على طرفي الانقسام من أجل تحقيق المصالحة دون الاستناد إلى رؤية موحدة للأهداف الإستراتيجية والبرنامج السياسي وأشكال النضال وإعادة بناء الكيان التمثيلي الموحد وإعادة النظر في شكل ودور السلطة، سيقود إلى محاصصة بين مواقع القوة والنفوذ في الضفة والقطاع تبقي على الوضع القائم وتعيد إنتاج المأزق الراهن.

ونوهت بعض المداخلات إلى المدخل لتغيير الوضع القائم لا بد أن ينطلق من الرهان على القوى المجتمعية الجديدة الآخذة بالتشكل، وأن يستند إلى الإيمان بوجوب تغيير موازين القوى المختلة لصالح إسرائيل، والعمل على حشد كل طاقات الشعب وإمكانياته من أجل العمل على ذلك، مستفيدين من الفرص التي توفرها الحراكات الاجتماعية التي تمثلت مؤخرًا بإضراب المعلمين وحراك الضمان الاجتماعي، والبناء عليها لتشكل دعامة أساسية لتوفير مقومات تبلور تيار ثالث قوي قادر على الأخذ بزمام المبادرة لإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية، وفق رؤية إستراتيجية شاملة قادرة على إنهاء الاحتلال وإنجاز الحقوق الوطنية الفلسطينية.

كما أكدت بعض المداخلات على أهمية الاتفاق على برامج سياسية واجتماعية حتى تقوم الوحدة الوطنية على أساس يجعلها قابلة للاستمرار وليست معرضة للانهيار أمام أي خلاف أو تطور كبير.

وطالب البعض بضرورة تحييد القرار الوطني عن التجاذبات الإقليمية والدولية، وأن يعبر عن تطلعات الشعب الفلسطيني وهمومه ومصالحه، والعمل على مجابهة أي تحديات خارجية من الممكن أن تؤثر على القرار الوطني.

جاء ذلك خلال الحلقة الرابعة من سلسلة حلقات نقاش "ما العمل" التي ينظمها المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الإستراتيجية (مسارات)، بمشاركة كل من الشعيبي ومجدلاوي. وقد أدار النقاش في الضفة هاني المصري، مدير عام مركز مسارات، بينما أداره في غزة صلاح عبد العاطي، مدير مكتب المركز هناك.

وتساءل المصري عن ما العمل في ظل ما وصلت إليه الحالة الفلسطينية بعد فشل القيادة الفلسطينية في تحقيق الأهداف الوطنية المتمثلة بإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة على حدود 1967، وما المطلوب بعد فشل السلطة في الحصول على ما كانت تأمل عليه: هل المطلوب حل السلطة أم تغيير وظائفها والتزاماتها وشكلها أم ماذا؟

وأضاف إن إسرائيل وظفت الانقسام الفلسطيني والمتغيرات العربية والإقليمية والدولية لصالح استكمال تطبيق المشروع الصهيوني الاستعماري الاحتلالي الاستيطاني، داعيا إلى دراسة التحولات في هذا المشروع وتأثيرها على الشعب الفلسطيني وأرضه وحقوقه التاريخية، وبلورة المشروع الوطني وإستراتيجية العمل الوطني والكفاحي وإعادة بناء الوحدة الوطنية بما يحقق النهوض الوطني القادر على مواجهة المخاطر والتهديدات الناجمة عن ذلك.

وقال الشعيبي إن الحلول اللازمة للخروج من الواقع الراهن باتت معروفة، وقد قام مركز مسارات ببلورة واقتراح العديد منها، لكن السؤال الأهم هو: ما المدخل الذي يفتح الطريق لكي تأخذ هذه الحلول طريقها للتطبيق؟ واعتبر أن السياسات والآليات المطلوبة لتحقيق ذلك تم تحديد العديد منها في قرارات المجلس المركزي التي لم يتم تنفيذها.

وأضاف أنه جرت حوارات فلسطينية داخلية بشأن ضرورة تغيير أسس العملية السياسية وتبني خيارات جديدة، فذهبت القيادة إلى المحافل الدولية وانضمت إلى العديد من المؤسسات والمواثيق الدولية، وتبنت المقاومة الشعبية، وذهبت باتجاه إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة، واتخذت سلسلة قرارات في المجلس المركزي لإعادة صياغة العلاقة مع الاحتلال، والتوجه إلى مجلس الأمن بقرار ضد الاستيطان؛ إلا أن أيًا من هذه القرارات لم ينفذ، لأن قرار القيادة يخضع للتأثيرات والمصالح الداخلية والخارجية. الأمر الذي يتطلب العودة إلى القرار الوطني الفلسطيني واستقلاليته عن التأثيرات الإسرائيلية والعربية والإقليمية، مبينًا أن إسرائيل تحاول التأثير على هذا القرار بكل الأشكال.

وشدد على أهمية استلهام الفصائل للفرصة التي أوجدها الحراك الاجتماعي مؤخرًا من أجل التحرك لأسباب اجتماعية وسياسية، واستخدام هذه الآلية لخدمة الأهداف الوطينة الفلسطينية، وعلى ضرورة إخراج القيادة من دائرة المصالح المباشرة اليومية التي تمارسها إسرائيل من تهديد وإغراء.

بدوره، رأى مجدلاوي أن الخروج من هذا الواقع يتطلب العمل على إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية، كون إنهاء الانقسام يشكل الحلقة المركزية ونقطة الانطلاق لحل القضايا الوطنية والحياتية المختلفة، وللإجابة عن الأسئلة الوطنية التي يمكن أن تطرح نفسها، مستشهدا في هذا السياق بمقولة كارل ماركس "خطوة عملية أفضل من دزينة برامج".

وأشار إلى ضرورة تحويل الانقسام إلى انقسام أفقي بين جماهير الشعب وشريحة ضيقة مستفيدة من الانقسام ثروة ونفوذًا وسلطة، والعمل على تشكيل ضغط شعبي على حركتي "فتح" و"حماس" وأخذ الشعب بزمام المبادرة من أجل فرض الوحدة عليهما، لا سيما أنهما لم تزالا تحظيان بشعبية كبيرة بالرغم من أخطائهما، ونتائج انتخابات الجامعات الأخيرة دليل على ذلك. كما أنهما ليستا بوارد إنهاء الانقسام لما يحققه لهما من مصالح.

وأكد الحاجة إلى إيجاد الأداة التي ستقوم جماعيًا ببلورة الأهداف الوطنية وإعادة صياغة منظمة التحرير وأشكال النضال، الأمر الذي يتطلب إنهاء الانقسام الذي أدى إلى وجود سلطتين بالترافق مع عجز صريح لدى باقي مكونات الشعب الفلسطيني عن الضغط لتحقيق المصالحة. ونوهa. إنهاء الانقسام أولًا، ومن ثم تطرح الأسئلة ذات العلاقة بالبرامج. وأضاف: كما يجب ألا تشغلنا القضايا الاجتماعية عن الهدف السياسي الأساسي، لئلا نقع بما وقعت فيه قيادة السلطة عندما أولت الأهمية لإقامة الدولة وهي ما زالت تحت الاحتلال. فالمطلوب هو الإمساك بالحلقة المركزية المتمثلة في المباشرة بحشد القوى لإنهاء الانقسام.