وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

بين إلقاء قصيدةٍ وإلقاء الحجارة؛ "أمّمتُ عيون حبيبتي"

نشر بتاريخ: 06/05/2016 ( آخر تحديث: 06/05/2016 الساعة: 13:15 )
بين إلقاء قصيدةٍ وإلقاء الحجارة؛ "أمّمتُ عيون حبيبتي"
الكاتب: رأفت صوايفه
أول مرّة اختلستْ عيناي لكِ نظرةً خاطفةً كانت في أحد ميادين الثقافة. كنتِ كلمةً حمراء تجلسُ على المقعد الثالث في السطرِ الأول من جهة اليمين، عينان عطوفتان بنصفِ ابتسامة على وتر قصيدة الغزل الثالثة، كنتُ ألحظ اتساع سمائهما مع همسي للقافية، وكيف لا ألاحظهما وقد كانتا تحتلّان وحدهما نصف القاعة؟!

على الرغمِ من الفتنة الفتاكة، إلا أنني غضضتُ الطرف عنكِ، متذكرًا سوءة الحب الذي لم أجده يومًا، فعتقتكِ حرّةً من دهائي، وأذكرُ أيضًا أنني عندما كنتُ أهم بالخروج، تجرأتِ برقصاتِ خطوات جريئة وتسللتِ إليّ لإلقاء التحيّة متذرعة ببعضِ الإطراء وقذفي بنقدٍ متخبط في علم العروض الذي كان باديًا أنكِ لا تتقنينه، لتستعيني به مادةً للحديث.

لم أجادل، وافقتكِ الرأي الأول أني شاعرٌ رديء، ومجاراةً لاطرائكِ الآخر بأني شاعر جميل.

عدتُ لغرفتي في رام الله وعمّدتك حبيبة بخمسةِ حروف، وكتبتكِ في مدونتي المختبئة عن العيون رغم انقطاع التواصل وذنب قلبي البخيل الذي بُحّ صوته عن مناداةِ النساء، والذي لولاه، لربما كان من الممكن أن "أتلحلح" فأبحث عنكِ في زحامِ حواء.

خلال الفترةِ الماضية وبعد تشرين الثاني من العام الماضي على أتم التحديد؛ تفاجأتُ بشهرةِ عينيكِ/ السكّينتين تحت الشماغِ الأحمر بعد إلقائكِ الحجر الثالث على أحد حواجز الاحتلال، كما ألقيتُ عليكِ يومها قصيدتي الثالثة، وكما لا تضلّ قبضتكِ وجوه الجنود، فأنا أيضًا لا أتيهُ عن عيون حبيبتي الراهبة في كنيسة نبضي المهمل، منذ تشرين السابق حتى اليوم، وكلّ شاشات الدنيا تتداول عينيكِ "ملحقاً للهبة الجماهيرية" وعنوانًا لتماهي الرجل والمرأة الفلسطينيين ضد المحتل، واليوم أيضًا كشكلٍ من أشكال التصاقي بشعبي، ومن منبرِ هذه الصفحة التي تعتليها هذه الأسطر، وتيمنًا بعبد الناصر الذي أمّم قناة السويس قبل واحدٍ وستين عاماً، أُأمِّمُ عينيكِ للدنيا، فمنذ تلك اللقطة الاحترافيّة، أصبحتِ حبيبةً لهذا الشعب الذي يجيد التباهي بكلّ شيء، أصبحتِ يا حبيبة مُلكًا عامّاً لن أستطيع تخصيصه، فالأبطال حكر للأوطان.