وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

(إسرائيل) وعقدة مواجهة غزة عسكريا

نشر بتاريخ: 09/05/2016 ( آخر تحديث: 09/05/2016 الساعة: 15:24 )
(إسرائيل) وعقدة مواجهة غزة عسكريا
الكاتب: غسان مصطفى الشامي
يحسب الكيان الصهيوني ألف حساب لأية مواجهة عسكرية قادمة مع قطاع غزة، وينظر عن قرب على التطورات العسكرية الجارية في القطاع والعمل المتواصل في البنية العسكرية والاستعدادات من قبل المقاومة الفلسطينية لأي عدوان (إسرائيلي) جديد على القطاع، رغم أن القطاع لم يتعافى بعد من العدوان الصهيوني الأخير عام 2014م الذي دمر أكثر من 10 ألاف منزل، ودمر المئات من المؤسسات، وغير الكثير الكثير من المعالم العمرانية للمساكن في غزة.

وقد شهدت الأيام الماضية رحى تصعيد عسكري محدود بين الكيان الصهيوني، وكتائب القسام، وبرر الكيان التصعيد بروايته الكاذبة في اكتشاف أنفاق هجومية جديدة على حدود غزة، حيث قامت الوحدات العسكرية (الإسرائيلية) بالبحث عن الأنفاق على حدود مستوطنات غلاف غزة، وتقدمت الآليات العسكرية الصهيونية مسافة (100) متر داخل حدود غزة، وبرر الكيان الصهيوني التقدم في غزة من أجل تكثيف جهود البحث عن الانفاق، وهذا التقدم يأتي حسب اتفاقية أوسلو المشئومة؛ في المقابل يخشى الصهاينة أن تشتد الأمور وتنزلق لمعركة جديدة مع غزة قد تكون نتائجها كارثية على الكيان الصهيوني في حال فشل مرة أخرى في حسم الأمور والسيطرة على القطاع.

إن وزير الحرب (الإسرائيلي) "موشيه يعالون " يكابر عندما يعلن أن (إسرائيل) ستواصل البحث عن الأنفاق على حدود غزة، وأنها سترد على أي تهديد لحياة المستوطنين في مستوطنات غلاف غزة، ويدرك تماما أن المقاومة في غزة تعي رسائل الكيان وهي جاهزة للرد على أي عدوان جديد، وربما تنهي أية معركة قادمة على غزة حياة (موشيه يعالون) السياسية والعسكرية، مثلما أنهت غزة الحياة السياسية والعسكرية للعشرات من القادة الصهاينة.

إن العدو الصهيوني يعرف جيدا ماذا تعني الحرب على غزة ؟؟ في ظل أوضاع سياسية مضطربة يعيشها الإقليم والمنطقة، وهو ما أكده "جدعون ساعر" وزير الداخلية (الإسرائيلي) السابق، الذي قال في تصريحات للصحافة العبرية أن ما يجري على حدود غزة، ما زالت ردود أفعال على تهديدات حركة حماس، دون اتخاذ أي مبادرة حقيقية من قبل (إسرائيل) لتغيير الوضع تماما وإزالة التهديد المستمر".

ويدرك العدو الصهيوني أن قرار الحرب، قرار استراتيجي خطير على الدولة العبرية، ومن يحسم القرار القيادة العسكرية العليا في كتائب القسام وهو ما أقره الصهاينة، حيث تتابع قيادة القسام التصعيد العسكري الأخير بكل تفاصيله، وردت القسام على التصعيد الأخير في وقته المناسب، الأمر الذي جعل من آليات العدو الصهيوني التي تقدمت لأمتار قليلة على حدود غزة الشرقية الانسحاب من الحدود إلى داخل المستوطنات المحاذية للقطاع.

إن عقدة الحرب على غزة ماثلة دوما أمام رئيس الوزراء الصهيوني (نتنياهو) والذي يواجه هذه الأيام انتقادات شديدة، وبانتظار قنبلة سياسية من العيار الثقيل وذلك بسبب التقرير (الإسرائيلي ) السري الأخير عن الحرب الصهيونية الأخيرة التي أطلقت عليها (إسرائيل) معركة " الجرف الصامد " حيث أظهر تقرير مراقب الدولة في الكيان إخفاقات كبيرة في الحرب الأخيرة على غزة، وقد وصفت القناة العبرية الثانية التقرير بالقنبلة السياسية في حالة نشره على وسائل الإعلام وتناول هذه الإخفاقات، وقال المراسل السياسي للقناة العبرية الثانية إن تقرير مراقب الدولة "يوسف شابيرا " يحمل في طياته إخفاقات كبيرة فاقت إخفاقات حرب لبنان الثانية، وإنّ وقعه على الجمهور لو نشر سيكون أشد من تقرير لجنة ( فينوغراد) الذي نشر بعد حرب لبنان الثانية، وأن التقرير يتحدث عن خلل كبير في أداء قائد أركان جيش الاحتلال آنذاك " بيني غانتس" ورئيس الوزراء (نتنياهو) ووزير جيشه (موشي يعلون)، كما تحدث التقرير(الإسرائيلي) عن تضليل مجلس الوزراء الصهيوني المصغر (الكابينت) بصورة تسببت بإطالة أمد الحرب وعدم التوافق المطلق بين تقديرات رئيس الأركان التي قيلت بثقة عالية وبين ما حصل على الأرض.

إن تسريب النسخة الأولية السرية من التقرير (الإسرائيلي) للحرب الأخيرة على غزة، سيجعل (نتنياهو) في مأزق كبير من اتخاذ قرار شن حربا جديدة على القطاع، في ظل الانتقادات (الإسرائيلية ) الشديدة التي وجهت لـ (نتنياهو) بسبب الإخفاق الكبير في الحرب الأخيرة على القطاع وعدم تحقيق الأهداف المنشودة في توفير الأمن والآمان للصهاينة في مستوطنات غلاف غزة ووقف حفر الأنفاق، ووقف التطور في البنى التحتية للمقاومة في غزة، كما يعيش " نتنياهو" حالة من الإحباط واليأس أمام الجمهور (الإسرائيلي) الذي ينتظر الكثير من الحكومة خاصة في مسألة توفير الأمن والأمان، الأمر الآخر الذي يجعل رئيس الوزراء الصهيوني (ننتياهو) في مأزق أمام شعبه، والأمر الآخر المقلق لـــ (نتنياهو) هو مواصلة انتفاضة القدس، ومواصلة عمليات الطعن، بل تطورها في تنفيذ عمليات استشهادية في قلب المدن الصهيونية الكبرى، لذا فإن (نتنياهو) قد يكون في مهب الرياح حال شن هجوما جديدا على القطاع ، والتي بإمكانه تجنبها في حال الالتزام بتنفيذ اتفاق الهدنة، والعمل على فتح المعابر مع قطاع غزة ورفع الحصار.

أخيرا ستبقى غزة شوكة كبيرة في حلق الكيان الصهيوني، والأيام القادمة ستجعل الكيان تقديم التنازلات من أجل تجنب أية معركة مع غزة قد تخلق واقعا سياسيا مختلفا وتفرض معادلة عسكرية جديدة على الأرض.