|
الحديث ذو شجون العربياد 11 *** بقلم فايز نصار
نشر بتاريخ: 13/11/2007 ( آخر تحديث: 13/11/2007 الساعة: 17:45 )
بيت لحم - معا - بصمت غير مفهوم انطلقت يوم الأحد الماضي بقاهرة المعز دورة الألعاب العربية الحادية عشرة ، وبعيدا عن جلبة الإعلام ، أعلنت الدورة عن فشل جماهيري كبير ، عكسه غياب التواصل بين نجوم الألعاب المختلفة ، والجماهير الرياضية في العالم العربي ، من خليجه الثائر ، إلى محيطه الهادر !!
وعلى استحياء نقلت عدسات الكاميرا وقائع حفل الافتتاح الأنيق ، الذي اعتمد البساطة منهجا ، والتاريخ دفترا ، والبيئة فكرا ، ولكن لم تصل رسالة الافتتاح المصرية ، بفرعونيتها العتيقة ، وعروبتها العريقة ، وتراثها السمسمي الثري إلى قلوب الملايين ، الذي ألفوا التفاعل مع إبداعات أم الدنيا !! ولا تسالوا عن سبب هذه القطيعة بين المنظمين ، والجماهير العربية ، لأن الصراع لم يتوقف يوما ، بين "بزانسة" الرياضة ، وحلاب بقراتها ، ممن يقيسون الأمور بما تدره صناديق اللجان المالية من الأصفر الرنان ، وبين حاملي فكرة شعبية الرياضة ، ودورها في الترقية الحضارية ، ممن يحسبون نجاح الفعاليات ، بعدد من يتفاعلون معها ، وعدد من يتأثرون برسائلها الإنسانية ! إذاً انطلقت العربياد المصرية ، بعيدا عن التفاعل الجماهيري ، لأن وسائل الإعلام في الشقيقة الكبرى ، ما زالت تروج ثقافة الندية ، وتعزف على ولاءات الأندية ، ناسية مضمون الرسالة الرياضية الخالدة ، في ترميم العلاقات العربية من خلل الرياضة ، لدرجة أن احد المراسلين وصل إلى نتيجة مفادها : أن عددا كبيرا من المصريين ، لا يعرفون أن الألعاب الرياضية العربية تنظم في بلادهم ، فكيف ستكون النتيجة لو سألنا الشعوب التي لم تصلها الألعاب العربية ، بسبب مقص التشفير ؟ وسبب المشكلة - يا جماعة الخير - أن منظمي العربياد وضعوا مصير الألعاب بين يدي شركة "عولمية جدا " احتكرت حقوق بث الفعاليات ، وفرضت أتاوات عالية على محطات التلفزية ، التي إِستَغلَت السلعة ، وفضلت عدم شراء حقوق بث الألعاب ، فكان المواطن العربي الغلبان ضحية هذا التنازع المفتعل ، خاصة وان المحطات التلفزيونية العربية راقها إقدام الجزائريين في العربياد السابقة على إعفاء الجميع من عوائد البث التلفزي ،وتقديمهم الحقوق مجانا للجميع ، مما وسع دائرة انتشر الألعاب ! وقد بدأت قصة العربياد الحادية عشرة منذ ثلاث سنوات ، عندما أسدلت الستارة على الألعاب العربية العاشرة ، وتسليم المشعل لليبيا الخضراء ، ولكن مزاج هذه "الليبيا" المتقلب في كل شيء ، جعلها تعتذر عن التنظيم ، دون تقيم مبررات مقنعة تتعلق بالفاقة ، أو قصر اليد مثلا ! وبسرعة عالج الاتحاد العربي للألعاب الرياضية الملف ، لأن كلا من مصر وسوريا ولبنان أبدت رغبة في استضافة الألعاب ، وكان قصب السبق للفراعنة بالتصويت ، في وقفة عربية ، جملتها الشهامة إلى جانب الشقيقة الكبرى ، بعد فشلها الكارثي في محاولة استضافة المونديال أمام جنوب إفريقيا والمغرب ، وخروجها - مصر - بصفر في حسابات الثقة عند نخبة الرياضيين في العالم ! وقبل الافتتاح بأيام وضعت اللجنة المنظمة في موقف حرج ، بسبب الخلافات على تنظيم حفل الافتتاح في الإستاد ، أو في ملعب الكلية الحربية ، أمام رغبة النادي الأهلي الجامحة في لعب مباراة الإياب ، التي خسرها بالثلاثة أمام نجم الساحل التونسي على ملعب القاهرة الكبير ، وقد أعان الله المنظمين على تجاوز إرباكات التضارب بين العربي والإفريقي ، في تنظيم الفعاليات الرياضية ! والحق يقال أن حفل الافتتاح القاهري كان رائعا ، وجاء عينة من ألف ليلة وليلة ، عبقا بالتراث المصري ، زينته أنامل المبدعين المصريين في شتى المجالات ، مما جعل المتابعين ، وعلى رأسهم عدد من القادة العرب - ومنهم الرئيس محمود عباس - يرفعون القبعات ، إعجابا بالإبداع الفرعوني الجديد ! المهم أن الألعاب الحادية عشرة انطلقت في ست من مدن أم الكنانة ، التي فتحت ذراعيها لأكثر من ثلاثة آلاف رياضي عربي ، يتنافسون في ثلاث وثلثين لعبة رياضية ، منها كرة القدم التي غابت عن العاب الجزائر ، وأصبحت في الدورة الحالية غير ناضجة ، بسبب اعتذارات اللحظة الأخيرة التي تعودنا عليها من العرب العاربة والمستعربة ، ومنها المبرر كغياب الكويت جراء العقوبة الدولية ، وغياب فلسطين بسبب غياب الروح الرياضية لدى "شركاء السلام " " فتحولت اللعبة إلى مباريات شبه ودية بين خمسة منتخبات ، منها الإمارات والسودان ، وكلاهما تشارك بفريق الصف الثاني ! وتبدو نتائج الألعاب محسومة مسبقا ، وستحتل مصر قائمة السبورة في النتائج على الذهب ، وفي المجموع ، وقد تكون الجزائر ثانية ، ولن بنازعها في ذلك إلا تونس الخضراء ، وستتسابق سوريا والمغرب ، وربما السعودية وقطر على المراكز من الرابع حتى السابع ، أما بقية الدول العربية ، فلن تكون إلا مجرد كومبرس ، ترفع تعداد المشاركين ، ولا تغير في النتائج ! وما عدا بعض الرياضات ، التي يتألق العرب في منافساتها الافروآسيوية والدولية كألعاب القوى والسباحة ، فلا نتوقع شيئا على الجبهة الفنية ، وسنخرج من الألعاب المصرية بمستوى فني ضعيف في معظم الرياضات ، الا إذا كان لنجوم العرب رأي آخر ، ونجحوا في تحطيم أرقام قياسية دولية ، وتلك لعمري معيار النجاح الفني ! لقد فتحت القاهرة ذراعيها لكل العرب ، للتنافس في كل الرياضات ، والكرة في ملعب النجوم العرب المطالبين بإثبات أن الرياضة العربية تتقدم ، وان الملايين التي تصرف على هذا القطاع الحساس قد أثمرت !! والحديث ذو شجون [email protected] |