وكـالـة مـعـا الاخـبـارية

لأول مرة.. إحياء مسيرة العودة في النقب

نشر بتاريخ: 12/05/2016 ( آخر تحديث: 15/05/2016 الساعة: 09:47 )
لأول مرة.. إحياء مسيرة العودة في النقب

النقب -معا - شارك الآلاف من الجماهير الفلسطينية من الجليل والمثلث والساحل والنقب، عصر اليوم الخميس، في إحياء ذكرى النكبة الـ68 من خلال مسيرة العودة التقليدية الـ19 التي انطلقت من وادي زُبالة في النقب.

وشارك بالمسيرة التي دعت اليها ونظمتها لجنة الدفاع عن حقوق المهجّرين، قيادات وأعضاء كنيست: حنين زعبي، جمال زحالقة، طلب أبو عرار، عبد الله أبو معروف، يوسف جبارين، عبد الحكيم حاج يحيى، أيمن عودة وأسامة السعدي، محمد بركة رئيس لجنة المتابعة، والشيخ حماد ابو دعابس رئيس الحركة الإسلامية الجنوبية.


وأكد المشاركون في هذا اليوم على "أنه لا بديل ولا تنازل ولا تراجع عن حق العودة"، مشيرين إلى أن "إسرائيل التي تحتفل اليوم في عيد استقلالها، إنما سلبتهم أراضيهم واحتلتها". وتقول اللجنة المنظمة لمسيرة العودة إنّها "اختارت للعام الـ19 على التوالي، إقامة المسيرة تحت شعار يوم استقلالكم هو يوم نكبتنا".


هذا وافتتح المهرجان بوقفة حداد على أرواح الشهداء ومن ثم وقفوا على أنشودة موطني وبعدها هتف الجميع بقسم الولاء للمحافظة على الارض والمسكن، ومن ثمّ تم سماع النشيد الوطني الفلسطيني. وقد رفع المشاركون الأعلام الفلسطينية واللافتات التي كتب عليها العديد من الشعارات مثل: "لا عودة عن حق العودة".


وقال النائب أيمن عودة، رئيس القائمة المشتركة خلال مشاركته في مسيرة العودة السنوية: "مسيرة العودة السنوية تأكيدًا على حق شعبنا بالعودة الى قراهم ومدنهم بعد أن هجروا منها قسرًا. ونعود هذه السنة الى قرية وادي زُبالة، ولاهل وادي زُبالة مكانة خاصة، فهم أهلنا في عتير- ام الحيران التي تعتزم الدولة تهجيرهم من أجل بناء تجمع سكاني يهودي، وهذا شكل من أشكال استمرار النكبة. ولهذا نحن نقول إن سؤال النكبة ليس سؤالا ماضويًا، وإنما هو سؤال المستقبل بامتياز، هو سؤال المهجرين واللاجئين والدولة الفلسطينية التي أجهض قيامها. أن الاعتراف بالنكبة، والعمل على تصحيح هذا الغبن، هو الطريق الوحيد لضمان السلام العادل ولتحقيق مصالحة حقيقية بين الشعبين".



"عودة اللاجئين إلى وطنهم"

وأكد رئيس لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية، محمد بركة، في كلمته في المهرجان الخطابي الختامي لمسيرة العودة، على أنه لا يمكن اصلاح آثار النكبة، إلا بعودة اللاجئين إلى وطنهم. وقال "إننا نتعهد باستمرار هذه المسيرة سنويا، لتبقى راياتها مرفوعة، حتى تحقيق العودة واقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس".

وقال بركة مفتتحا كلمته، أيها الأخوات والأخوة يا ابناء فلسطين، بوركتم يا حاملي علم العودة بوركتم على حضوركم، بوركتم على عزيمتكم ووقفتكم وفلسطينيتكم. بداية أوجه التحية للجنة الدفاع عن حقوق المهجّرين، التي تدأب من سنة إلى سنة على تنظيم مسيرة العودة، والتحية لهم بشكل خاص هذا العام، على اختيارهم للنقب، ليكون مكانا لمسيرة العودة، هنا في قرية "وادي زُبالة"، فلهذا أكثر من رمز".


وقال بركة، إن "هناك في الحركة الصهيونية من راهن على أن الكبار سيموتون والصغار سينسون، ونحن نصر على نقل الذاكرة من جيل إلى جيل. ونحن هنا في النقب، في هذه المرحلة بالذات، فمسيرتنا رمزية لملف التهجير والعودة، وايضا رمزية هذا المكان تتعلق بقضية تكاد تكون منسية، أن هناك 600 ألف إلى 700 ألف لاجئ في سيناء والأردن تم تهجيرهم من النقب في العام 1948، فبالعض ينسى جرائم التهجير في النقب. ونحن هنا لنشهر دمنا في النقب، ودم أهلنا من النقب وحقهم في العودة إلى النقب، إلى جانب حق شعبنا بالعودة إلى كل مكان".


وتابع بركة قائلا، إننا هنا نواجه فرية التغريب، فيريدون تقسيمنا إلى مسلمين ومسيحيين ودروز، وحتى قولهم عرب وبدو، وجليل ومثلث ونقب، حتى بلغ بهم الأمر ليخترعو "القومية الآرامية"، ونحن نؤكد مجددا هنا أننا شعب واحد شاء من شاء وأبى ومن أبى، نحن شعب فلسطين.


وقال بركة :"هناك في الحركة الصهيونية من يقول، إنه إذا ما تحقق حق العودة، فسيكون اختلال في الميزان الديمغرافي، بمعنى أن الأغلبية اليهودية ستكون في خطر. ونسأل السؤال، كيف حصلت هذه الأغلبية اليهودية؟ أليس بجريمة تطهير عرقي، بتهجير غالبية ابناء شعبنا الفلسطيني من وطنهم. نحن نرفض كل مسوغاتهم، ونرفض أن يكون الطرد والتهجير والترانسفير هو القاعدة الأخلاقية، بينما عودة الناس إلى بيوتها ووطنها هو الشذوذ، فالقمع هو الشذوذ، والاحتلال هو الشذوذ، والعنصرية هي الشذوذ، ومحاولة فرض الاحتفال على الضحية هي الشذوذ. وإيفاد مارقين وخارجين عن الانتماء، وعن الصف الوطني، لإيقاد شعلة استقلالهم، التي هي نار نكبتنا، هي الشذوذ بعينه".



فرية "الهروب" ومسلسل المجازر

وتابع بركة قائلا، يقولون، إنهم لم يُهجّروا الفلسطينيين، بل إن الفلسطينيين غادروا هربوا، ونحن نسأل، هربوا من ماذا؟ فهل يعقل أن يجلس انسان في بيته، ثم يقرر أن يفر هاربا لا لشيء، أليس هربا من احتلالكم ومن مجازركم، من مجازر دير ياسين والطنطور وعيلبون وعيلوط، ومن عشرات المجازر. فالنكبة بالنسبة لشعبنا ولنا نحن اللاجئون هي ايضا كارثة على المستوى الشخصي.


وقال، ما زالت تدوي في ذهني همسات النساء المختبئات في مغارة، في بطن جبل في قرية صفورية، بلدي وبلد أهلي وأجدادي، همسات النساء اللاتي طلبن من جدتي، التي جف حليبها في صدرها، أن تقتل رضيعتها التي كانت تصرخ جوعا، إذ خشيت النسوة أن تسمع العصابات الصهيونية عويلها، فيكتشفون المخبأ وينكلون بالنساء جميعا. هذا ما روته لي شاهدة عيان هي أمي الراحلة. فهل ما خشيته نسوة صفورية، كان مجرد سوء ظن بالصهيونية، أم أنهن أردن الصاق فرية تنتهك انسانية المشروع الصهيوني؟


وقال بركة، إن مسلسل النكبة كان مسلسلا من المجازر والتهجير، هذه هي الحقيقة، ولا يمكن اصلاح آثار النكبة، إلا بعودة اللاجئين إلى وطنهم، ولا شيء خلاف ذلك. وتابع قائلا "فلنفترض جدلا، أن الفلسطينيين هربوا من بيوتهم، فهل هذا يصادر حقهم في العودة إلى بيوتهم. ولنحسب أن شخصا دخل إلى بيته وحش، أو أن حريقا نشب في جنبات بيته، فخرج لينقذ نفسه، فهل هذا يصادر حقه في العودة إلى بيته. فعقلية المجازر، هي الوحش الذي انتهك حرمة بيوتنا، همجية التشريد هي الحريق الذي نشب في جنبات بيوتنا. لقد هدمتم بيوتنا وقرانا، وهجّرتهم أهلنا، وقتلتم ولاحقتهم ونكبتم، وتريدون انتاج مسوغات أخلاقية لجرائمكم".

العنصرية والملاحقات السياسية

وتابع بركة قائلا، إننا هنا نقف في وجه العنصريين جميعا، فإسرائيل لا تشعر بأي حرج من وصولها إلى دولة أبرتهايد، ليس فقط في الضفة الغربية وقطاع غزة، وإنما أيضا في الجليل والمثلث والنقب والساحل. قوانين عنصرية تمر بالكنيست بالعشرات، والعالم يتلوى إعجابا بالديمقراطية الإسرائيلية. وهناك تحريض عنصري ضد شعبنا يقوده بنيامين نتنياهو شخصيا، إلى جانب ملاحقات لقيادات ولشباب، فأخونا النائب السابق سعيد نفاع، قضى من محكوميته حتى الآن، أكثر من 6 أشهر؛ ويوم الأحد الماضي بدأ الشيخ رائد صلاح، يقضي محكوميته في السجون الإسرائيلية. من هنا من مسيرة العودة نقول ألف تحية للشيخ صلاح والأخ نفاع.


وأكد بركة على ملاحقة الشبان والشابات، ومنهم من ما زال يواجه المحاكمات، بسبب المشاركة في مظاهر أو بسبب نشر تغريدة في شبكات التواصل الاجتماعي، خاصا بالذكر الشابة دارين طاطور من قرية الرينة، وتقبع بالحبس المنزلي في تل ابيب، منذ ما يزيد عن خمسة أشهر، ونحن نؤكد أن هذا انتقام سياسي، ضدها وضد كل الشبان والشابات.


وقال إننا نقف في مواجهة العنصريين، ولكن في ذات الوقت يجب أن نقف أمام عيوبنا وتخلفنا وقصورنا، التي منها فقط يستطيع الطغاة أن ينسدوا في مساماتنا ويعيثون خرابا في وحدتنا وهيتنا، فالعنف يستشري في كافة جنبات مجتمعنا، ونحن جميعا مدعوون مطلوب منه أن ينظف بيته من السلاح والعنف، فعلينا أن بدأ من بيوتنا كي نتخلص من هذه الآفة وهذه الجريمة.


وختم بركة قائلا، إننا نناضل من أجل حقوقنا المدنية، ولكننا نرفض أن تجري المقايضة بانتمائنا، بمعنى اعطائنا الحقوق، مقابل انتمائنا الوطني؛ فهذه المعادلة مرفوضة بالمطلق ولذلك نقطع من هنا عهدا، نحن ابناء الشعب الفلسطيني المتمسكين بوطنهم، مع الأصدقاء من القوى الديمقراطية اليهودية الموجودين معنا هنا، نقطع عهدا ان لا تتوقف هذه المسيرة، وأن لا ينكس هذا العلم حتى تحقيق العودة، وقيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس.

متابعة: الزميل ياسر العقبي