|
الممارسات السليمة للنظافة في المنازل
نشر بتاريخ: 18/05/2016 ( آخر تحديث: 18/05/2016 الساعة: 11:18 )
الكاتب: د. أحمد هشام حلس
المنزل هو الوطن الصغير الذي نعيش معظم اوقات حياتنا بين جدرانه بما فيه من خدمات ومرافق ومكونات مادية, وبما يحتويه من معاني ومضامين عاطفية ومعنوية. نولد وننموا ونعيش و نتعلم ونكتسب الكثير من المهارات التي تؤهلنا للخروج الى الحياه داخل هذا الوطن الصغير, والذي يحتاج منا الكثير حتى نحافظ عليه نظيفا وصحيا وامنا لنا ولاطفالنا. ان صحة المنزل ونظافته لا ترتبط بحجمه او فخامته او حداثته, فكثير من المنازل القديمة والبسيطة والصغيرة تكون اكثر صحة وامانا على سكانها من تلك الفاخرة والجديدة, فالنظافة المستمرة والتهوية الدائمة والاضاءة المناسبة وتوفر المياه الطاهرة وبالكمية المطلوبة, وابتعاد المنزل عن اي من مصادر التلوث او الخطر, كل ذلك يعد من اهم ركائز وخصائص المنزل الامن والصحي, والذي يعد مسؤولية مشتركة لدى جميع قاطني المنزل وعلى راسهم رب الاسرة بالاساس كونه المسؤول عن الاسرة.
من خلال تسليط الضوء على قاعدة الافات الستة للصحة العامة, سنتحدث وبشكل واضح ومحدد عن امكانات انتقال الميكروبات الممرضة من البراز ومصادر التلوث الاخرى الى الانسان عبر القنوات المتعددة (Infection Routs), وامكانات الحيلولة دون حدوث ذلك في المنزل. ان البراز البشري يعد اهم مصدر واكبر مخزن لمسببات المرض من الجراثيم والكائنات الحية الدقيقة كالبكتيريا والفيروسات والطفيليات, وبحسب العلماء فان ثلث وزن البراز الادمي هو عبارة عن ملايين من الميكروبات الممرضة والفتاكة, واي فرصة متاحة لكثير من هذه الانواع للوصول الى جسم الانسان تعني حدوث المرض, والذي قد يكون مميتا في كثير من الاحيان وخصوصا اذا غاب التدخل العلاجي العاجل. قبل الغوص في تفاصيل قاعدة الافات الستة للصحة العامة, علينا ان ندرك بان طرق دخول الميكروب الى جسم الانسان متعددة وعلى راسها الفم والانف والعينين والجلد, وبالتالي فان تناول اطعمة ملوثة وفاسدة او باستخدام ايدي ملوثة ومتسخة, اواستنشاق هواء ملوث بالميكروبات والجراثيم, اوالاحتكاك باجسام غير نظيفة, كل ذلك يعتبر فرصة قوية لانتقال تلك الميكروبات الى داخل اجسادنا لتحولها الى عوائل جديدة (New Hosts) وبالتالي حدوث المرض. بما ان البراز (F1: Feces) يعد واحدا من اهم وابرز مصادر الجراثيم الممرضة للانسان وخصوصا في المنزل, فان من الضروري تصريفه وابعاده عن افراد الاسرة بكل الطرق الفاعلة والمحكمة, وياتي ذلك من خلال نظام صرف صحي فعال يعمل على نقل كل مخلفات افراد الاسرة خارج المنزل وفي لحظات معدودة, ويعتبر الصرف الصحي الجيد ووجود كمية مياه كافية وبجودة محترمة لعمليات الغسيل بعد قضاء الحاجة من اهم الحواجز المنيعة والتي تقف بين الانسان في المنزل وبين مخزن الميكروبات وهو البراز, ثم بعد ذلك ياتي الجدار الثاني والذي يحول دون انتقال الميكروبات والجراثيم الممرضةمن البراز الى طعامنا وشرابنا عبر التالي: اولا: غسل اليدين (F2: Fingers) وبشكل منتظم كلما اقتضت الضرورة وبالخطوات الصحيحة والتي تضمن وصول الماء والصابون الى كل اجزاء اليد مع الفرك المناسب, وبحسب المنظمات الدولية التابعة للامم المتحدة يعتبر غسل اليدين جيدا بالماء والصابون وفي الوقت المناسب مسؤولا عن تقليل عدد الوفيات بسبب الاسهال فقط الى 50%, وانجح كوقاية من الامراض من اي لقاح او تطعيم تم اكتشافه حتى الان. ثانيا: ابعاد ناقلات الامراض (F3: Flys) عن حياتنا في المنزل, فالحشرات والقوارض والحيوانات المتخلفة, كلها كائنات تعمل على نقل الميكروبات سالفة الذكر الى طعامنا وشرابنا وتقربها من اجسادنا لتصيبنا بالمرض, وتنظيف المنزل باستمرار ومكافحة الزوايا والمخابئ الساكنة و المعتمة والرطبة رديئة التهوية, وتزويده بالنوافذ والابواب المحكمة, كل ذلك من شأنه جعل المنزل مكان لا يطاق العيش بين جدرانه من قبل كل اولائك الزوار الغير مرغوب بهم. ثالثا: المياه (F4: Fluids), ان سلسلة المياه الامنة من المصدر وحتى الفم, تستدعي منا تجنيب الماء من اي مصدر محتمل للتلوث, فالماء الطاهر النقي والصحي هو ذلك الماء الذي لا لون ولا طعم ولا رائحة له, ولا يحتوي على اي عكارة من عوالق او طوافي او رواسب, وفيه ما يلزمنا من المعادن والعناصر الضرورية لجسم الانسان, ان خطورة تلوث الماء تكمن في اهميته لحياه الانيان, و اهم واخطر ملوثات الماء هي الميكروبات والجراثيم والتي تتسبب بما يعرف بالامراض المرتبطة او المنقولة بالماءوالتي يطول شرحها, ونكتفي هنا بالاشارة الى ضرورة تطهير الماءالمستخدم بواحدة من طرق التطهير المعروفة كاستخدام الكلورة او الغلي لضمان القضاء على اي تواجد ميكروبي ممرض. رابعا: الارضيات والافنية (F5: Fields), ان الاطفال وبالاخص حديثي الولادة والذين يتحركون في المنزل ذهابا وايابا زحفا على اجسادهم هم الاكثر عرضة للاحتكاك باي ملوثات تقف في طريقهم اثناء جولاتهم الاستكشافية اليومية, وبما انهم "فمويون", فان كل ما يقع بين ايديهم سيتجه الى افواههم مباشرة, وبالتالي فهم الاكثر عرضة للاصابة بالامراض الخطيرة اذا ما كانوا يعيشون في منازل لا تراعي النظافة والتطهير المستمر. خامسا: الطعام (F6: Food), كل الممارسات السابقة تاتي في سياق متصل لتجنب وصول الميكروبات الممرضة الى طعام الاسرة, بالاضافة الى الطهي والحفظ والتحضير المناسب والعزل والتغطية المحكمة والتناول الصحيح والسليم. ان ما سبق يعد اساسا لصحة الطعام وتجنب الامراض التي تصيب الانسان بدخول الميكروبات عبر الفم. اخيرا وليس اخرا, ان خطورة وشدة المرض ودرجة الاعياء تكمن في هوية و نوع وعدد الميكروبات التي تعرض لها المصاب, ومتانة جهاز المناعةلديه تبعا لحالته الصحية, ووقت اكتشاف الاصابة بالمرض, وطرق العلاج المتبعة. فالمناعة القوية لدى الانسان, واتباع السلوكيات الصحية والنظافة المستمرة, والاكتشاف المبكر للمرض ان حدث, كل ذلك يجنبنا الاصابة بالكثير من الامراض الفتاكة والمميتة. |